مع بداية القرن العشرين ازدهر فن الرواية العربية، وكانت الموضوعات التي يهتم بها الأدباء والروائيون محددة، واقتصرت الروايات على اللون الرومانسي أو الاجتماعي أو التاريخي، وكان لكل كاتب أسلوب ونوع معين يتفرد به عن سائر أقرانه. لعنة البيست سيلر
ومع انتشار الرواية وشيوعها وإقبال القراء عليها، ازداد اهتمام الكتاب ودور النشر بها، وأصبح هناك تنوع في الموضوعات والقضايا التي يتم تناولها، حتى ظهر مصطلح “سطوة الرواية”، إلا أن الوسط الأدبي قد شهد في السنوات الأخيرة العديد من التغيرات، من أبرزها ظاهرة تحول العديد من الكتاب نحو لون أو موضوع بعينه مهما اختلفت زاوية التناول أو الطرح.
فإذا نظرنا للصوفية فسنجد أن عدد الكتابات التي تناولتها خاصة في الرواية قد زاد بشكل غير عادي بعد عام 2010، وصدور رواية “قواعد العشق الأربعون”، للروائية التركية إليف شافاق، والتي حققت نجاحًا كبيرًا من حيث التوزيع وتصدر قوائم الأكثر مبيعًا في العديد من الدول خاصة بعد ترجمتها لأكثر من لغة.
عشرات الروايات تناولت حياة جلال الدين الرومي ومريديه وعائلته وعلاقته الغامضة بشمس التبريزي. بالطبع كانت هناك كتابات عدة وثرية عن “الرومي” قبل إليف شافاق، إلا أن نجاح رواياتها حفز الكثيرين من الكتاب على هذا اللون من الأدب، دون تقديم شيء مغاير أو لافت بشكل كبير، إلا من رحم ربي، وأصبح تعبير “تدور الرواية في أجواء صوفية”، تعبيرًا جذابًا لدي البعض في وصف أعمالهم.
أما عما يعرف بأدب الرعب فرغم أن بداية معرفة القارئ المصري به كانت من خلال الأعمال المترجمة كروايات الجيب لأجاثا كريستي، ثم السلاسل الفانتازيا والغموض التي قدمها الراحل الدكتور أحمد خالد توفيق، والدكتور نبيل فاروق.
إلا أن الخمس سنوات الماضية قد شهدت رواجًا كبيرًا لهذا النوع من الأدب، خاصة بعد نجاح رواية “الفيل الأزرق” للكاتب أحمد مراد، والجزء الأول من رواية “نادر فودة” للإذاعي أحمد يونس، بل وأصبح هناك كتاب متخصصين في الرعب، ويطلقون على أنفسهم “بتاع الرعب”، أو “كاتب رعب”، والأغرب هو ظهور دور نشر متخصصة فقط في إصدار روايات الرعب، ولا تقبل أية أعمال أدبية أخرى، بل وتصدر لمؤلفين بعينهم دون غيرهم من كتاب الرعب!! نفس الأمر تجده مع الأعمال التي تناولت مؤخرًا اليهود في مصر، وقبلها كتب التنمية البشرية.
لم يقتصر الأمر على ذلك بل امتد إلى اتباع نفس الأسلوب في الحملات الدعائية للكتب والروايات، وكذلك استخدام نفس العناوين أو ما يشابهها فقط لشهرة إحداها أو نجاحها.
المشكلة هنا ليست في رواج لون من ألوان الأدب أو إقبال القراء عليه، لكن الأزمة تكمن في توجه الكتاب لنوع بعينه دون غيره، فقط لأن عملًا أو كاتب ما نجح في تحقيق مبيعات وشهرة كبيرة في هذا اللون، بالضبط مثل الفلاح الكسول الذي ينتظر جاره ليقلده في زراعة نفس المحصول!، في الوقت الذي من المفترض أن الكتابة إحدى وسائل الإبداع واكتشاف كل ما هو جديد، ولا يمكن أن تتوقف فقط على ما أسميه “لعنة البيست سيلر”.
نرشح لك: كيف خلد “فيكتور هوجو” كاتدرائية “نوتردام” في أشهر أعماله؟
نرشح لك: أسماء مصطفى تكتب: 4 مشاهد بين مصر وفرنسا
شاهد: هبة الأباصيري في حلقة جديدة من برنامج “مش عادي”: “لا يمكن أن أرتبط بهذا الرجل”