دائما ما يقال أن الفنان يجب أن يكون معبرا عن ثقافة المنطقة التي نشأ وتربى فيها، لأن هذا التعبير هو ما يعطيه حالة من الخصوصية والتفرد عن باقي الفنانين الآخرين، ولأنه بهذا سيكون أكثر تعبيرا عن الجماهير التي يستهدفها، ولكن أحيانا تكون رسالة الفنان أشمل وأوسع من النطاق الذي يستهدفه، وتصل رسالته إلى بلاد قد لا تكون تتحدث بنفس لغته، ولا تعيش نفس حالته الاجتماعية، ولا تكون مشاكلها متاشبهة مع مشكلات البلد التي خرج منها، ورغم ذلك تجد هذا الفنان باختلاف ثقافته هو الأكثر تعبيرا عن واقع قد لا يكون يعلم عنه شيئا، وهذا ما حدث مع فريق Coldplay الذي استطاع أن يعبر عن أدق تفاصيل حياتي بشكل عجز عنه كل الفنانين المصريين والعرب! محمد شميس عن شباب إمبابة
ولكن قبل الحديث عن هذه التفاصيل، دعونا نتحدث عن Coldplay، هذا الفريق الإنجليزي المتخصص في تقديم أشكال موسيقى الـ”rock” مثل الـ”Alternative rock”، والـ”pop rock”، والـ”post-Britpop”، والمكون من 4 أفراد هم ” Chris Martin” المغني وعازف الجيتار والبيانو، و” Jonny Buckland” عازف الجيتار الكهربائي، و” Guy Berryman” عازف باص جيتار، و” Will Champion” عازف الدرامز، هذا الفريق الذي تأسس في عام 1997 باسم “Starfish” وكان يغني في النوادي المحلية الصغيرة ثم تحول بعد ذلك إلى “Coldplay”، ورغم أن بدايتهم لم تكن جيدة على الإطلاق ومروا بظروف صعبة، إلا أنهم الآن أصبحوا من أهم فناني العالم، حيث وصلت مبيعات الفريق إلى 100 مليون نسخة، بالإضافة إلى الحصول على 4 جوائز من Billboard Music Awards، ومثلهم من MTV Video Music Awards، و3 جوائز من World Music Awards -هذه الجائزة التي حصل عليها نجمنا المصري عمرو دياب 7 مرات- والعديد من جوائز الـGrammy Awards.
ولكن كيف عبر هذا الفريق الإنجليزي عن تفاصيل مشاعر وأحاسيس شاب عاش لمدة 29 عاما في منطقة إمبابة ولم يغادر حدود الوطن حتى ولو بقصد السياحة؟!
الحقيقة أنني لم أكن في يوم من الأيام لدي أي شغف بالعمل في مجال الصحافة، ولم أدرس في كلية الإعلام فأنا خريج تجارة إنجليزي، وكان حلم العمل بالصحافة يراود صديق عمري الراحل أحمد فتوح، وبعد وفاته شاءت الأقدار أن ألتحق بالعمل الصحفي بجريدة التحرير ومنذ أول أيام دخولي لمقر الجريدة رأيته جالسا على مكتبي، ومنذ هذا التوقيت وحتى الآن أشعر بأن كل نجاح أحققه في هذا المجال ينسب إلى صديقي الراحل.
فريق Coldplay عبروا عن هذه العلاقة القوية في أغنية Everglow وخاصة في الجزء الذي غنى فيه Chris Martin قائلا:”Yeah we swore on that night we’d be friends ’til we die” حتى لو رحل هو، فسأظل على عهدي معه حتى يحين اللقاء مرة أخرى.
أخر مرة شعرت بانجذاب عاطفي إلى أحدى الفتيات، وعندما ألتقيت بها وبدأت في الحديث عن حياتها ومشاكلها الصعبة، وأدهشتني بقدرتها على تحمل كل ذلك بل استطاعت مواصلة طريقها بالتمسك بالحلم الذي قد لا يتحقق الا في احلام منامها، ولذلك في كل مرة استمع إلى أغنية Paradise أتذكرها جيدا لدرجة تجعل قلبي يخفق بسرعة عن معدلاته الطبيعية، هذا الشعور الذي لم يستطع أي فنان عربي أو مصري أن يوصلني إليه بأغانيه!
وبعد أن توترت علاقتنا لأسباب ليس لها تفسير مقنع بالنسبة لي، لدرجة تجعلها تمل من كثرة أسألتي عن أحوالها، فربما لو كانت استمعت إلى أغنية “atlas” لعلمت أن في أحيان كثيرة تكون “البرقية أبلغ من الديوان”، ومع الوقت أتخذت قرارا بالابتعاد عنها ولكن بمجرد ما يصادف سماعي لـ”انترو” بيانو أغنية “Gravity” يعود قلبي من جديد لتذكر هذا الشعور الذي كان يروادني في بداية معرفتي بها، كأنها الشمس التي تجذبني إليها كما قال Chris Martin.
وبعيدا عن أحوالي الشخصية سنجد Coldplay وضعوا روشتة الخروج من مشاعر الإحباط التي يشعر بها الكثيرون من أبناء جيلي في أغنيتهم العظيمة “Fix You” التي تحدثوا فيها بلسان كل فرد يحاول بذل قصارى جهده ولكنه لا يدرك النجاح لدرجة أنه لا يستطيع النوم مهما بلغت درجة إرهاقه وتعبه، على أمل أن يحقق أهدافه وفي النهاية يحصل على ما لا يحتاجه.
الكثير من المشاعر التي أعيشها بشكل يومي ولا أجد أصدق من هذا الفريق الذي يستخدم مرادفات سهلة الفهم ومباشرة في التعبير وواضحة في المعني وقوية في التأثير. ولكن يظل الأمر المؤكد في هذا المقال أن فريق Coldplay قد يندهش بأن هناك شاب مصري يكن لهم كل هذا الحب والتقدير.
نرشح لك: محمد شميس يكتب: عندما يكتفي الفنان بنقد نفسه!!
شاهد| نهايات مأسوية عمر خورشيد قتلته السياسة