السيناريو هو العمود الفقري للعمل الفني، والسيناريست يلعب دورًا أساسيًا في صناعة الفيلم أو المسلسل، هو رب العمل الفني الحقيقي حتى لو لم تسلط عليه الأضواء بالشكل الكافي. واعترافًا منّا بقيمة ومكانة السيناريو قررنا فتح هذا الملف ومحاورة أهم رموز ورواد كتابة السيناريو في مصر، والحديث معهم عن أهم أعمالهم، والصعاب التي واجهوها في مشوارهم، وتفاصيل صناعتهم للعمل الفني، ومناقشتهم كذلك في العديد من القضايا الفنية التي تدور على الساحة حالياً،ونستضيف اليوم السيناريست محمد أمين راضي.
في البداية، حدثنا عن كواليس دخولك لاختبارات معهد السينما عام 2005؟
عام 2005، ظهرت شركة فيلم كلينك للنور، وبمنتهى الصراحة كنت غير مقتنع بنشاط الشركة، وكنت أعتقد وقتها أن أفضل باب للدخول السوق هو معهد السينما، ودخلت اختبارات المعهد بالفعل، وسقطت في اختبار الكتابة في قسم السيناريو بمعهد السينما، ولم أتخط المرحلة الأولى من اختبارات المعهد، وبعد علمي مباشرة بالنتيجة، قدمت أول سيناريو لي في شركة فيلم كلينك، وهذه ميزة أحمد الله عليها كثيراً أنني لا أكابر في أي لحظات فشل أو إخفاق أتعرض له وأحاول دائماً تدارك الأمور سريعاً. وبالمناسبة “أنا بحمد ربنا كتير على أني سقط في معهد سينما، مش عشان المعهد في مشكلة، لكن لو كنت نجحت كنت هتأخر سنتين عن دخول السوق”.
في الفترة ما بين 2005 إلى 2007، عملت في مهن كثيرة ومتنوعة، منها على سبيل المثال فترة عملك في مجال الخردة لمدة 8 أشهر، هل أثرت عليك هذه الفترة نفسياً ومعنوياً؟
خلال فترة عملي في مجال الخردة، كنت في قمة البؤس والاكتئاب، لأني لم أكن أتخيل أو أتصور بكل الأحلام والتطلعات الإبداعية التي أملكها وإيماني بموهبتي ككاتب أن ينتهي بي الحال للعمل في بيئة شبيهة بحواري أمريكا اللاتينية حرفياً، فيها كل الموبقات التي تفوق تصورك عن أي منطقة عشوائية في مصر، وكنت يوميًا قبل النوم أتحدث مع الله واسأله: “يارب أنت بتعمل فيا كدا؟، لو أنت مش عايز تخليني أكمل في الكتابة، طيب مديني الموهبة ليه؟”.
وكان رد الله سريعاً على أسئلتي بأن جاءني تليفون من مكتب “فيلم كلينك” لمقابلة محمد حفظي ثم العمل في الشركة فيما بعد، وخلال هذه الفترة كتبت سيناريو “عاصمة جنهم”، وبسبب هذا السيناريو، تعاقدت على مشروع “ألف ليلة وليلة” والذي اعتبره أهم مشاريع حياتي وكان سببًا أساسيًا في معرفة السوق لاسم محمد أمين راضي، وبسبب “عاصمة جهنم” تعرفت على المنتجة إسعاد يونس، وفزت بجائزة ساويرس للكتاب الشباب عام 2012، لذلك اعتبر فترة الـ 8 شهور في الخردة “هدية ربنا ليا” بالفعل.
تحدثت من قبل أنك أثناء رحيلك عن السويس للعمل في “فيلم كلينك”، كنت مرعوبًا أثناء السفر بالسيارة إلى القاهرة .. لماذا؟
العمل في مجال الخردة مربح جداً مادياً، لأن تجار الخردة عندما يدخلون أي مزاد “بيبقوا عارفين مين اللي هيكسب، والباقيين بيطلعلهم عرق” لذلك كل محاسب له 1% من هذا “العرق”، وهذه نسبة كبيرة بالمناسبة، وعلى الرغم من مأساة عملي في هذا المجال لكن كنت أتقاضى أجرًا محترمًا، وبالتالي كانت التضحية المادية كبيرة في مقابل الأجر الضعيف في “فيلم كلينك”.
أيضًا أنا لم أتحرك خارج السويس من قبل، حياتي كلها بداخلها، لذلك فكرة السفر للقاهرة وأنا لا أعرف أي شيء عنها ولم أزرها من قبل، كانت مخيفة بالنسبة لي. لذا طوال الرحلة كانت تطاردني هواجس المرتب القليل ومغادرة السويس، والشغل المجهول والغامض… هذه الهواجس حولت رحلتي للقاهرة لكابوس بالفعل لم أفق منه إلا على صوت السائق وهو يسألني صائحاً: “احنا المفروض ننزل نزلة إيه؟”، فقلت له: “البحر العظيم بدل البحر الأعظم”.
ما أهم الأشياء التي تعلمتها خلال عملك مع المنتج محمد حفظي؟
كنت أعمل في “فيلم كلينك” مشرفًا على لجنة القراءة، وبالتالي هذا المنصب جعلني مطلعًا على سيناريوهات كثيرة كانت تُعرض على الشركة، ودفعني أيضًا للتعرف على كتّاب هذه السيناريوهات، بالإضافة إلى أن “حفظي” شخص عملي جدًا، ومتعدد المواهب، ولديه معارف كثيرة، ويعلم جيدًا كيف يدير المواهب أمامه وينميها، كما أنني تعلمت منه شيئًا هامًا، وهو أن السينما فن و”بيزنس”، ولا يصح أن تعمل في مهنة فيها جزء من “البيزنس” وتقول بعد ذلك “انا مش بتاع بيزنس”، لذلك كان عملي معه بمثابة “بوابة” للتعرف على السوق بشكل كبير.
المنتجة إسعاد يونس صرحت من قبل بأنك الكاتب الوحيد الذي كان يرتفع أجره دائماً على الرغم من عدم ظهور أي عمل له للنور، كيف؟
المخرج والكاتب أمير رمسيس كان يطلق عليّ لقب “سيناريست العرابين” لأنني كنت أتفق على كتابة عمل وأتقاضى عربون، ويتعثر العمل لأسباب إنتاجية، وتكرر هذا الموقف في أكثر من عمل تعاقدت عليه، وكنت كاتبًا معروفًا في السوق لأن بمجرد تعاقدي على أي عمل “الخبر بيسمع في السوق” وبالتالي لدي الحق في طلب زيادة أجري، وكان أجري يرتفع لدرجة أنه اقترب من أجر أي كاتب متمرس ولديه العديد من الأعمال السينمائية والدرامية، حتى وصلنا لأواخر 2010 وتحدثت معي المنتجة إسعاد يونس وقالت لي “مينفعش تزود أكتر من كدا” وكان هذا الأمر بمثابة دعابة بيني وبينها نضحك عليه حتى الآن.
قلت أكثر من مرة أن مشروع “ألف ليلة وليلة” من أهم مشاريع حياتك، حدثنا عنه.
كان لدي طموحات عديدة في “ألف ليلة وليلة” حيث كنت أحلم بتقديمها بشكل عصري وجذاب ومختلف عن الأعمال التي تناولتها من قبل، ولعبت الصدفة دوراً في أنني كنت متواجدًا في شركة “map” للاتفاق على مشروع آخر، وأثناء جلوسي مع عادل عبد الله صاحب الشركة علمت أن هناك مشروعًا ما ضخم يستعد لإنتاجه، وبدأنا نتحدث في أمور عديدة، حتى سألني هل تحب “ألف ليلة وليلة؟”. فقلت له: “طبعاً” وقدمت له سيناريو “عاصمة جهنم”، وطلبت منه أن يقرأه، وقرأه بالفعل، وأعجب به، فاتفقنا على تنفيذ “ألف وليلة وليلة”، ومر المشروع بثلاث مراحل؛ أول مرحلة كان المنتج تامر مرتضى يستعد لإخراجه، ثم أهم فترة في المشروع هي التي كان يستعد فيها المخرج الكبير محمد ياسين لتنفيذه لكنه اعتذر في النهاية، ثم المرحلة الثالثة وهي عمل المخرج الكبير طارق العريان على المشروع لكننا اختلفنا في وجهات النظر فقررت الانسحاب من المشروع بالكامل في منتصف 2012.
تحدثت من قبل على أن رمضان 2012 كان موسمًا صعبًا عليك نفسياً، كيف؟
أنا كنت ضد كتابة المسلسلات تماماً بالمناسبة، لأن شكل إنتاج المسلسلات ما قبل 2010 لا أحبه مطلقاً ما عدا مسلسلات أسامة أنور عكاشة، إلى أن قابلت المنتج عادل عبد الله وشاهدت طموحه ورؤيته في تنفيذ “ألف ليلة وليلة”، وبدأت أفكر في أنه طالما وجدت شخص لديه هذا الطموح في تنفيذ المسلسلات فبالتأكيد يوجد العشرات مثله، ووافقت بالفعل على الكتابة للتلفزيون، فكتبت “نيران صديقة” وفشلت في تسويقه، بجانب انسحابي من مشروع “ألف ليلة وليلة”، لذلك عندما جاء موسم 2012، وشاهدت هذا الكم من المسلسلات شعرت بإحباط شديد بسبب عدم ظهور أعمالي للنور.
كيف كنت تتغلب على الإحباطات التي واجهتك في هذه الفترة؟
على حسب حالتي المزاجية، بمعنى أنني لو مكتئب جداً أكون في “موود” صعب للغاية، ولو حالتي المزاجية عادية أقول جملة أحمد زكي الشهيرة في أحلام هند وكاميليا “مسيرها تروق وتحلى”.
لماذا واجهت صعوبات شديدة في تسويق مسلسل “نيران صديقة”؟
المسلسل رفضه أهم منتجين مصر لأنه كان جديدًا على السوق تماماً، ولك أن تتخيل أنني سمعت جمل من نوعية “هذا العمل لا يصلح للعرض التلفزيوني، ومينفعش الشخصيات الرئيسية يبقوا أشرار” وأخذت أبحث عن جهة إنتاجية لتنفيذ المسلسل حتى أعجب المنتج كريم السبكي واشتراه وفشلنا في تسويقه لأي قناة فضائية، وفي أواخر 2012 كنت أواجه ظروفًا مادية صعبة جداً وفي نفس الوقت كانت علاقتي بالمنتج طارق الجنايني بها نوع من الفتور والبرود الشديد، لكنني شاهدت في هذا الموسم مسلسل “شربات لوز”، وأدركت وقتها أن وراء هذا العمل منتج “فاهم” فتحدثت معه وقلت له “احنا مش هنشتغل ولا إيه”، وبالفعل عقدنا اجتماعًا سوياً وفوجئت أنه يحدثني عن مسلسل “نيران صديقة”، وطلب إنتاجه، فأخذت المشروع من كريم السبكي، وقدمته لطارق، وأنتجه بالفعل.
إذا انتقلنا لأهم أعمالك “السبع وصايا”، هل فكرة صناعة الوهم الموجودة عند أغلبية المصريين كانت الدافع الرئيسي لك لكتابة هذا العمل؟
صحيح، فكرة “السبع وصايا” جاءت عقب وفاة رئيس المخابرات الأسبق “عمر سليمان”، واعتقاد البعض بعد وفاته بأنه لا يزال حياً وأنه سيظهر في الوقت المناسب، فبدأت أفكر في هذا الأمر، وبدأت الفكرة تتخمر في رأسي، وكتبت المسلسل.
هل توقعت النجاح الكبير الذي حققه المسلسل وقت عرضه؟
إطلاقاً، لدرجة أن مخرج المسلسل خالد مرعي تحدث معي يوم 29 شعبان وطلب مني ألا أعقد آمالًا كبيرة على نجاح العمل وقال لي نصاً: “احنا عملنا شغلانة حلوة، وعادة أي شغل حلو في السوق ده مبتنجحش”، الوحيد الذي توقع نجاح المسلسل هو الفنان صبري فواز، وصدقت توقعاته بالفعل.
بعد نجاح “السبع وصايا” هل تخوفت من أزمة كاتب العمل الواحد، بمعنى أن الجمهور يقارن أي عمل لك بمسلسل “السبع وصايا”؟
بعد نجاح السبع وصايا، كنت خائفًا من وضعي داخل منطقة كاتب الأعمال التجارية، لأن “السبع وصايا” اعتقد كثيرون أنه عمل تجاري، وهو لم يكن كذلك على الإطلاق، لذلك صممت على كتابة “العهد” في محاولة مني للخروج من هذه المنطقة.
ماذا عن مسلسل العهد؟
من أقرب الأعمال إلى قلبي.
واجه فيلم “من ضهر راجل” بعض التعثرات، فلماذا؟
“من ضهر راجل” تعثر بالفعل، ولكن بسبب قرارات اتخذناها طوال السنوات الماضية، فالفيلم كان مكتوبًا وتم التعاقد عليه مع كريم السبكي منذ عام 2008، وقد عرض علي أحمد السبكي أسماء عدد من المخرجين والنجوم الكبار لتقديمه، إلا أنني رفضت لأن صديقي كريم السبكي وقتها كان قد اعترف لي برغبته في خوض تجربة اﻹخراج السينمائي، ورغبته في أن يكون “من ضهر راجل” أول أفلامه، ولم يكن قد أخبر والده بذلك، فوافقت واتفقنا على أنه من الضروري الدراسة أولًا، وعملنا على الفيلم منذ هذا الحين دون علم أحمد السبكي، وسافر كريم بعدها للدراسة بالخارج.
وبعد عودته اضطرته الظروف لتقديم فيلم ” قلب الأسد”، وتعطيل فيلمي، وبعد ذلك جاءت فترة لم يكن هناك أي نجم يصلح للبطولة سواء بسبب عامل السن أو النجومية، وطلب مني أحمد السبكي، وقتها كتابة فيلم آخر لتقديمه بدلًا من “من ضهر راجل”، فقدمت له فيلم من نوعية الخيال، ولكنه تخوف منه، وعندما عدنا لـ”من ضهر راجل” مرة جديدة اتفقنا مع آسر ياسين وخالد صالح وبنينا الديكور، فتوفي صالح، وهو ما تسبب في تعطيل الفيلم.
بعد ثلاث أعوام من عرض المسلسل، ماذا تقول عن تجربة “أفراح القبة”؟
“أفراح القبة” لم يكن العمل الأول بيني وبين المخرج محمد ياسين حيث عملنا على أكثر من مشروع قبل هذا العمل، وعلاقتي الإنسانية به لم ولن تتأثر بأي عمل فني في جميع الأحوال، وطوال فترة تواجدي في هذا الوسط لم أجد شخصًا مخلصًا لهذه المهنة مثل هذا الرجل، وحالياً أؤمن تماماً أن “أفراح القبة” هو مشروع محمد ياسين وليس لدي أي أزمات مع هذا العمل على الإطلاق.
حدثنا عن تفاصيل كتابتك؟
أنا شخص متوتر وقلق جداً طوال الوقت، لذلك لا أرتاح إلا عندما أكتب، ولا أكون مستقر نفسيًا وهادئًا تمامًا سوى في لحظات كتابتي، ولحظات الكتابة هنا لا أقصد بها الورقة والقلم، فأنا أكتب في “دماغي” أولاً، وفي هذه اللحظات تقوم رأسي بـ”غربلة” كل مشاكلي وتوتري وقلقي وتتفرغ تماماً للتفكير في العمل ورسم الشخصيات وتحديد العالم المناسب للأحداث، ثم بعد الاستقرار نهائياً على العمل وكتابته فعليًا في رأسي، تأتي المرحلة الأخيرة؛ كتابة الورقة والقلم، لذلك الكتابة تجعلني دائماً شخص أكثر هدوءًا واستقرارًا وصفاءً.
هل تميل للكتابة المنظمة أم الكتابة المتدفقة غير المرتبطة بأي قيود؟
أكتب في رأسي كما قلت لك، وأحب أخوض الرحلة مع شخصياتي، ” لو عرفت أوي عن العالم اللي هكتبه قبل ما أكتبه هزهق”، فقبل كتابتي لأي عمل أكون مدركًا لبداية ونهاية الأحداث فقط، وبعدها أستكشف العالم الذي أكتبه لحظة كتابتي، هذا نوع من الكتابة ممتع جداً وأكثر حرية واتساعاً بالتأكيد.
قلت في أكثر من مناسبة أن لديك حلم في تفكيك التراث وإعادته لأصله، كيف؟
أنا مؤمن تماماً أن هناك أصل نتج عنه تراث، هذا التراث هو الذي أريد إعادة تشكيله وتجديده مثل تجديد الخطاب الديني الذي يطالب به الكثيرون، وعندما تشاهد مسلسل “مملكة إبليس” ستدرك هل رؤيتي للتراث تغيرت أم ما زالت كما هي.
هل أنت شخص ناقد لأعمالك؟
أحب عملي للغاية خصوصاً في لحظات كتابتي، وبعد عامين من عرض أي مسلسل لي أستطيع أن أحدد هل هذا العمل يروق لي أم لا. فمسلسل “السبع وصايا” عندما أشاهده الآن لا تعجبني الحلقة الأخيرة على الإطلاق، وأشعر أنني كنت طائرًا بالمسلسل في السماء طوال الـ29 حلقة، ونزلت به لسابع أرض في آخر حلقة.
مسلسلاتك تقوم على حبكات وشخصيات متعددة وليس على حبكة واحدة أو شخصية واحدة رئيسية تتمحور حولها الأحداث.. لماذا؟
يجب أن نعترف أنه لا يوجد مسلسل 20 ساعة يتحمل حبكة واحدة فقط، وعندما نصنع عملًا يدور و”يخدّم” على شخصية واحدة فقط، فنحن هنا “نخدّم” على الشخصية الرئيسية أو البطل، وهناك فارق كبير جداً ما بين التخديم والكتابة، وفي جميع الأحوال أنا لا أستطيع كتابة مسلسل 30 حلقة أحداثه تتمحور حول بطل واحد فقط.
أنت من الكتاب القلائل الذين تناولوا مفاهيم العائلة والصداقة بشكل مختلف تماماً عن المعتاد حيث تحرص دائماً على كسر المثالية في العلاقات الأسرية، وعرض الجوانب السيئة للعلاقات الأنسانية أكثر من الجوانب الإيجابية، هل تعتقد أن هذه هي المفاهيم والكواليس الحقيقة للعديد من العلاقات الإنسانية في المجتمع الآن؟
من المعروف عن الكاتب الكبير نجيب محفوظ حنيته على أبطاله، والتماسه الأعذار لبعض تصرفاتهم الشريرة، الرواية الوحيدة التي تخلى فيها محفوظ عن حنيته وقسى على أبطاله هي “أفراح القبة”، لذلك أحب هذه الرواية جداً، لأنها تتشابه مع رؤيتي لمفاهيم الخطأ والصواب، فأنا أؤمن تماماً أن “الخطائين” يجب أن نقسو عليهم، مهما كانت المبررات والأسباب التي دفعتهم لارتكاب هذه الأخطاء.. وأنا شخص “خطاء” بالمناسبة.
تحرص دائماً في أغلب أعمالك على عرض نموذج المرآة القوية القادرة القيادية، لماذا؟
المرأة تدير العالم، وهذا ليس تمني، هذا واقع بالفعل.
تلتزم بالأسلوب القديم لصناعة العمل الفني، بمعنى كتابة السيناريو ثم عرضه على مخرج ثم عرضه على المنتج ثم البحث عن نجم للقيام بدور البطولة، ألا ترى أن هذه الطريقة قد تسبب لك بعض المتاعب خصوصاً ونحن نعيش في زمن الكتابة للنجم؟
بالتأكيد هناك بعض الضغوط لكن في النهاية “مبعرفش أشتغل غير بالطريقة دي”.
مساحة التنازل في أي سيناريو تكتبه كم في المئة؟
أنا مع فكرة الموائمات، بمعنى أنه لو أي شخص داخل العملية الإبداعية لديه رؤية أو وجهة تضيف للعمل بالتأكيد سآخذ بها، لكن أن أتنازل عن مشهد أو “سيكونس” أو جملة غصب عني، هذا لا أقبله تماماً.
لماذا لا تسوِّق المسلسل بالمعالجة كما يحدث مع العديد من الكتاب؟
لا أكتب معالجة، أكتب 18 حلقة ثم أسوّق المسلسل، وهذا قد يأخرني في تسويقه وبيعه، لكن ما يهمني دائماً أنه عندما أعرض المسلسل يكون شكله كامل، وتستطيع من خلال 18 حلقة تحديد ميزانية العمل كك. كما أحرص دائماً على حضور التصوير، فالنظام في المسلسلات الأمريكية يهتم بحضور المؤلف “للوكيشين” ومتابعته لكل عناصر العمل، فحضور المؤلف ليس رفاهية، هذا شرط في العقد، المؤلف يعتبر مساعد المخرج، إذا أراد المخرج تغيير جملة في السيناريو، المؤلف هو الذي يغيرها، لذلك ألتزم بالنظام الأمريكاني في هذا الأمر، بالإضافة أن عملي يحتم عليا ذلك، وواجبي تجاه مهنتي يفرض علي فعل هذه الأمور، ودوري ينتهي تماماً عند دخول العمل لمرحلة المونتاج.
النظام الذي تسير عليه في عملك مختلف عن السائد في السوق حاليًا.. هل سبب لك بعض المتاعب في أعمالك السابقة؟
أعتبر نفسي محظوظًا بالعمل مع مخرجين وممثلين “فاهمين في الشغلانة” مثل خالد مرعي، وأبطال مسلسل “نيران صديقة”، فهم لم يغيروا في أي جملة حوار في حلقات المسلسل، ولو كانت منة شلبي على سبيل المثال غيرت أي جملة في هذا العمل، لانهارت طموحاتي تماماً، كما أن المخرج الكبير محمد ياسين هو أول شخص في هذه المهنة عرفني ضرورة حضور المؤلف لـ”اللوكيشين”، لذلك أنا محظوظ بالعمل مع مخرجين وممثلين أرسوا قواعد النظام الذي ألتزم به الآن.
هل تراجعت عن تنفيذ عمل مع أي نجم من الموجودين على الساحة حاليًا بسبب التزامك بالنظام القديم لصناعة العمل الفني؟
عام 2007 قال لي نجم سينمائي كبير “تعالى نكتب فيلم”، فقلت له اسمها “أنا اكتب”، فقال لي لا اسمها “تعالى نكتب”، فأكدت عليه أن اسمها “أنا أكتب” واعتذرت بالفعل عن تنفيذ المشروع.
طريقة “تعالى نكتب” هل تعتقد أنها ستستمر إلى الأبد أم أنها فترة مؤقتة وستعود الأمور كما كانت من قبل؟
الوضع الذي يرسخ حالياً هو بقاء هذه الطريقة لأطول فترة ممكنة، ستتغير فقط عندما ينهار سوق الدراما تماماً، وقتها من الممكن أن تعود الأمور كما كانت عليه في جيل أسامة أنور عكاشة ووحيد حامد.
هل تعتقد أن شخصية كتاب السيناريو تراجعت كثيراً عما كانت عليه في جيل وحيد حامد وأسامة أنور عكاشة وبشير الديك؟
قوة ومكانة وبريق مهنة السيناريست جاءت بفضل الأستاذين أسامة أنور عكاشة، ووحيد حامد، هما الوحيدان اللذان أعطوا لمهنة السيناريست قيمة وبريق، فأصبح هناك تقدير لأسماء من نفس جيلهم مثل محمد جلال عبد القوي، وبشير الديك، ومحمد صفاء عامر، وبمجرد انتهاء عصر هذا الجيل، عادت مهنة السيناريست لأسوأ مما كانت عليه، وخسرت كل المميزات التي اكتسبتها بفضل أسامة أنور عكاشة ووحيد حامد، لذلك نحن استلمنا هذه المهنة “من تحت الصفر”.
هل السيناريست يعد “الحيطة المائلة” في الصناعة حالياً؟
هذا ليس جديداً، من قبل مجيئي للقاهرة بقليل والسيناريست هو “الحيطة المائلة” في الصناعة، لذلك قررت ألا أكون كذلك.
ما أسباب هذا الأمر من وجهة نظرك؟
بسبب الجيل التالي لجيل أسامة أنور عكاشة ووحيد حامد، هذا الجيل هو الذي امتهن الكتابة، وسمح لأي شخص بوضع يده في السيناريو، فأصبحت الكتابة سهلة في نظر بعض النجوم والمخرجين “معدش لها احترام ولا هيبة زي ما كانت موجودة مع أسامة أنور عكاشة ووحيد حامد”.
يقول المخرج الكبير شريف عرفة: “عشان أي شخص ينجح في مصر، لازم يعرف 40% من شغله، و60% من شغل الآخرين”، هل تتفق مع هذا الرأي؟
بالتأكيد، وأنا ألتزم بهذه المقولة في عملي بالمناسبة، لأنه لو لم أفعل ذلك، فلن أستطع تخطي الصعاب التي أواجها في هذه المهنة، لأن “الموضوع عمره ما كان كتابة بس”.
هل يجب أن يتحلى السيناريست بمهارات أخرى بعيدة عن الكتابة كي يستمر داخل هذه المهنة؟
هناك موهبة خاصة جدًا يجب أن تتوفر في كاتب السيناريو تسمى “كيفية صناعة المشروع” أو كما نقول بالعامية “ازاي تخلي المشروع يقوم”. أي أنه يعرف مثلا كيف يُخفِّض ميزانية مشروع من مليون جنيه إلى 700 ألف، وصناعته بهذا المبلغ بدون أي تنازلات.
الكاتب والمنتج الكبير وحيد حامد هو الأكثر مهارة في هذا الأمر، حيث تتجلى مهارته في كتابته لأي فيلم مع فهمه الجيد للإنتاج “فأبو 5 جنيه يطلع على الشاشة بـ 20 جنيه”، لذلك أعتبره أهم منتج مصري جاء بعد المنتج الكبير الراحل رمسيس نجيب.
لماذا تغير أسلوب كتابة المسلسلات وأصبح الإيقاع السريع هو العرف السائد للكثير من المسلسلات؟
في مذكراتي سأكتب فصلاً كاملاً عنوانه “ما فعله (نيران صديقة) بالدراما المصرية”، فهذا المسلسل كان إيقاعه سريعًا جدًا، وعدد مشاهده 1550 مشهدًا، وهذا شيء لا أتفاخر به بالمناسبة، لأن عدد المشاهد الضخم يُعد خطأ إنتاجيًا، لكن قدمته بهذا الإيقاع، لأنني أحكي حكاية 5 أصدقاء في 20 عاماً، فلو لم أصنع هذا الإيقاع لكان المسلسل مملًا للغاية. وبعد نجاحه أعتقد بعض المنتجين أن سبب ذلك هو الإيقاع السريع، فتم صناعة مسلسلات كاملة بإيقاع سريع، ظنا منهم أن هذه الطريقة المثلى للنجاح، لكن لم يفكر أحد مثلاً في أن “نيران صديقة” نجح بسبب عوامل أخرى أيضًا منها تطوير الشخصيات وعمقها على سبيل المثال، فأصبح الإيقاع السريع هو العرف السائد للمسلسلات، والتحدي الأساسي لبعض صناع الأعمال الدرامية تمحور حول من يجذب الناس أولا، فتجد مسلسلًا يحتوي على حبكتين في الحلقة الأولى، ويأتي مسلسل آخر “يعلي عليه” ويقدم 3 حبكات في أول حلقة.. وهكذا تحول الأمر إلى استهلاك مرعب. لذلك أعجبني كثيراً مسلسل “هذا المساء” لأنه كان محاولة جريئة لكسر آفة الإيقاع السريع المصابة بها الكثير من أعمالنا الدرامية.
لماذا يعتقد بعض صناع الدراما بوجود نموذج واحد “ناجح” من الكتابة، فيستخدمونه دائماً ولا يتخلون عنه بسهولة؟
هذه أزمة في الشخصية المصرية عمومًا، فإذا فتح شخص محل كشري مثلا ونجح، تجد جاره يفتح محل كشري مثله اعتمادًا على نجاح المحل الأول.. وهكذا، لذلك هذه الأزمة ليست قاصرة على الإنتاج الدرامي فقط، بل هي عيب خطير في الشخصية المصرية بكل أسف.
هل ترى أن السوق الدرامي أصبح “ضيقًا في أفكاره” ولا يُقدم الجديد إلا نادرًا؟
صحيح، والسبب في ذلك هما الكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة، وصناع أفلام الواقعية الجديدة في الثمانينات، أتذكر أن فيلم “ملاكي إسكندرية” حقق نجاحاً مدوياً عند عرضه، لأن الجمهور لم يكن معتادًا على مشاهدة أفلام إثارة وتشويق، بل على مشاهدة نموذج الفيلم الواحد الذي صنعه مخرجو الواقعية الجديدة. وكذلك في المسلسلات رسّخ “عكاشة” لنموذج “المسلسل العكاشي” الذي لو لم يصنعه أحد فسيكون فاشلاً، لذا هذان النموذجان لم يتيحا لأحد أن يخرج عليهما بسهولة، وعلى الرغم من عظمة أسامة أنور عكاشة ومخرجي أفلام الواقعي الجديدة إلا أنهما السبب الرئيسي في إجبار السوق على نموذج الفيلم والمسلسل الواحد على مدار سنوات عديدة.
هل تعاني من محاولات الخروج بأفكارك عن نموذج الفيلم والمسلسل الواحد الذي ينحصر فيه السوق كما شرحت؟
سأروي لك شيئًا، أثناء عرض فيلم “من ضهر راجل”، قابلني أحد المشاهدين وقال لي: “أنا محبتش الفيلم”، فقلت له: “ليه؟”، فرد قائلا: “فين الجثث اللي بتختفي، فين الكتاب اللي بينزل دم؟!” وكأن بعض الناس يحاولون حبسي داخل دائرة موضوعات “السبع وصايا” و”نيران صديقة”. لكن أنا على المستوى الشخصي أحلم بتقديم كل الأنواع، وأحاول دائماً الهروب من أي تصنيف يفرضه عليّ السوق، لكن أن يحاول بعض الناس حصري داخل موضوعات معينة (ومحاولة التصنيف هنا والحبس تأتي من الجمهور وليس من المنتجين) فهذا شيء يدعو للقلق بكل تأكيد.
هل تعتقد أنه مع كثرة المسلسلات في شهر رمضان أصبح من الصعب تحديد الأعمال الجيدة من السيئة؟
السوشيال ميديا هي السبب في هذا الأمر، فأصبحت كل الأعمال جيدة وناجحة، وكل الأعمال تحظى بأعلى نسب مشاهدة، فاختلط “الحابل بالنابل” بالفعل، ولم يعد هناك نقد حقيقي للمسلسلات بكل أسف.
في عز قوة وإزدهار الدراما التلفزيونية في السنوات الأخيرة إلا إنها ما زالت محصورة داخل وطننا العربي، ولم تسوق أعمالنا لقنوات أو منصات أجنبية ومتوسط عدد المشاهدين لها لا يتجاوز ال120 مليون، ما تحليلك لهذا الأمر؟
“لأننا مبنعرفش نسوق كويس” وهذا الأمر من قديم الأزل، وليس وليد السنوات الأخيرة بالتأكيد.
هل تعتقد أن بعض صناع الأعمال الدرامية ليس لديهم احترام كاف لعقلية المشاهد، ويتعاملون معه باعتبار أن “أي حاجة يشوفها يتفرج عليها”؟
صحيح، لكن المشكلة فيهم هم وليس في الجمهور، فالمشاهد ذكي فوق ما يتخيل أو يتصور أحد، فست البيت والرجل البسيط اللذان قد يسخر البعض من عدم قدرتهما على الاستيعاب هم أذكى الناس بالفعل، فبعد “نيران صديقة” كانت تأتيني رسائل من سيدات فوق الخمسين “فاهمين وواعيين” لكل تفصيلة في العمل.
السينما الأمريكية طوال تاريخها هي البوصلة التي نسير عليها، وأهم الأفلام التي تتصدر شباك التذاكر في أمريكا حالياً هي أفلام مارفل ودي سي، وهي أعمال يغلب عليها الطابع الترفيهي أكثر من الطابع الفني، فما تحليلك لتحول السينما في العالم كله لهذا الشكل العنيف من التسلية؟
الأفلام في السينما الأمريكية حاليا تحولت إلى شكل وستايل المسلسلات، فسلاسل “أفنجيرز” لو تأملتها ستجدها على شكل وستايل المسلسلات بالفعل، وأصبح من النادر أن تجد فيلم أمريكيًا إنسانيًا بسيطًا، على عكس فترة التسعينيات على سبيل المثال. ومن هنا أصبحت الدراما الأمريكية وسيلة لبعض المخرجين والكتاب الأمريكين لمحاولة تقديم أعمال إنسانية عميقة من الصعب عليهم تقديمها في السينما في الوقت الحالي.
هل تتوقع انتهاءً السينما في يوم ما ؟
نحن في العصر الذهبي للتلفزيون، وهذا ليس معناه انتهاء السينما، في جميع الأحوال السينما ستظل كما هي طقس جميل مختلف يحرص الكثيرون على دخوله وممارسته، لكن الآن الدراما أصبحت في نفس قوة السينما.
كيف تتعامل مع السويشيال ميديا؟
السوشيال ميديا جزء من نجاحي، لكن بعض المتابعين خلالها “مبيحبونيش” لأسباب فنية وشخصية، وهذا شيء لا يزعجني، وفي المقابل هناك من يحبونني بهوس شديد، وأشكرهم على هذا الأمر، لكن وقت عرض “أفراح القبة” قيل أنني كتبت أول 17 حلقة ورحلت، وجاءت زميلة أخرى تكمل باقي الحلقات، لكن الغريب واللافت والمدهش والمزعج أن من يكرهونني أصبحوا يشتمون في الحلقات التي كتبتها، رغم أن بعضها كتبته الزميلة الأخرى بالمناسبة، أما من يحبونني فقد انتقدوا الـ 13 حلقة الأخيرة، مع أن هناك بعض الحلقات منها أنا كتبتها بالفعل، فتحول الأمر إلى “أهلي وزمالك” ولم يعد هناك تقييم حقيقي لمستوى العمل ككل، وأصبح الحب والكره هو المقياس الحقيقي لتقييم العمل من وجهة نظرهم، لذلك كانت هذه الواقعة من اللحظات الفارقة في حياتي، وفهمت منها حقيقة السوشيال ميديا بالفعل.
كيف تفصل نفسك أثناء الكتابة من هوس السوشيال ميديا الذي يسيطر على بعض الكتاب؟
أحب جداً مصطلح “التارجت”، بمعنى أن هدفي الأساسي قبل مسلسل “نيران صديقة” كان الوصول إلى الجمهور الذي يشاهد المسلسلات الأجنبية، ونجحت وحققت الهدف بالفعل، هذا ما أقصده هنا أن التفكير في الجمهور يكون قبل كتابة العمل وليس خلاله، لذلك لم أقع تحت تأثير السوشيال ميديا حتى الآن.
هل تشعر بوجود حالة من العدوانية والقسوة لدى متفرج هذا العصر؟
بسبب السوشيال ميديا كما قلت لك، فطبيعة الجمهور على السوشيال ميديا تغيرت، أصبح “ملوش عزيز، واللي بيقع محدش بيرحمه”، فبالتأكيد الجمهور أصبح أكثر شراسة من أي وقت مضى.
هل تعتقد أن صناعة الترفيه مهنة التعساء بالفعل؟
الكاتب الكبير بيرنارد شو، تحدث من قبل عن أن مهنة الترفيه أقسى من صناعة العهر ومن تجارة المخدرات، وهذا حقيقي، فهي مهنة قاسية جداً وبها كم من الصراعات والضغوط لا ينتهي، وقد يتخلى صناعها في لحظة ما عن إنسانيتهم من أجل صناعة عمل فني، مع أن العمل الفني من المفترض أن يكون فيه كل القيم النبيلة فتفاجأ أن صناعه قد يفعلون كل ما هو غير نبيل وغير إنساني لكي يتمكنوا من صناعته، لذلك صناع الفن الحقيقيين تعساء بالفعل.
هل وفاة المخرج الكبير أسامة فوزي من الممكن أن تتحول إلى هاجس للعديد من المبدعين، أن يتوفوا فجأة دون تقديم نصف أحلامهم الفنية؟
هذا الهاجس أصبح “موود” عام في الوسط حالياً، فالصناعة غير مستقرة، والكثيرون خائفون من الغد، والقلق يسيطر على الجميع، فهل أحد يتصور أن مخرجين بقيمة ومكانة محمد ياسين وتامر محسن وكاملة أبو ذكري وخالد مرعي غير متواجدين هذا الموسم، وهؤلاء ليسوا مخرجين يقدمون أعمالاً تجريبية ذاتية صعبة على الجمهور بل على العكس هم في قمة نجاحهم الفني والجماهيري، وعلى الرغم من ذلك “مش شغاليين”، من السبب في هذا الأمر؟. بالتأكيد هذه المهنة قاسية جداً على صناعها، و مهنة بلا أمان حتى على النجوم “مش المخرجين والمؤلفيين بس”، وهذا شيء جديد ومرعب في نفس الوقت.
كيف تتعامل بشكل شخصي مع الظروف الصعبة للمهنة حالياً؟
هناك شعور يراودني وأعتقد أنه يراود الكثيرين أنه من الممكن أن يأتي يوم ونعتزل، هذا مجرد شعور وليس قرار، وبالتأكيد الفترة القادمة، النموذج الذي يلتزم به أمين راضي في عمله لو كان يواجه قديماً 10 مشاكل، سيواجه الآن 50 مشكلة لأنه أصبح استثناءً ولا يجب أن يكون قاعدة.
قلت من قبل أن “الحقيقة بنت حرام في شغلانتنا” كيف؟
هناك جملة هامة في فيلم Hollywood land ترجمتها بالعربية نصها “في مدينة الخيال كل شخص لديه نسخته من الحقيقة”، فداخل مهنتنا كل شخص له حكايته ووجهة نظره عن الموضوع الواحد، فبالتالي صعب أن تصل لحقيقة أي شيء.
هل هناك دواعش في الوسط الفني؟
بعض ممن يعملون داخل الوسط الفني يحتقرون المهنة، والبعض الآخر يحرمونها، والبعض الآخر يكرهونها، لكن هذا سيقل بنسبة كبيرة لأن المهنة لم تعد مربحة كما كانت منذ عدة سنوات.
قلت من قبل أن الثلاث سنوات من 2016 إلى 2019 كانوا أصعب فترات حياتك، كيف؟
كانت سنوات صعبة جداً، واجهت فيها تعثر فني غريب لأعمال كنت أسعى لتقديمها، بالإضافة للكثير من المتاعب على المستوى الشخصي، فهذه السنوات كشفت لي أن هذه المهنة بريقها مزيف إلى حد كبير، وأظهرت لي حقيقة بعض الأشخاص كنت أعتبرهم بمثابة أصدقاء ، لكن في جميع الأحوال أحمد الله كثيراً أنني عشت هذه التجربة الصعبة الآن لأن نظرتي للحياة وللمهنة ولأمور كثيرة تغيرت بعد هذه التجربة الصعبة.
تركت أول وأهم عمل لك مسلسل”ألف ليلة وليلة”، وتركت كذلك مسلسل عن رواية تحبها وتعشقها اسمها “أفراح القبة”، كيف تمتلك كل هذه القوة في الاستغناء عن أي شئ لا يروق لك في زمن كثرت فيه التنازلات؟
قد أكون غير متدين بالشكل التقليدي، لكني مؤمن تماماً أن الرزق بإيد الله سبحانه وتعالى، بعد مسلسل “العهد” حصلت على أقوى صدى جماهيري وإعلامي ونقدي ومادي من الممكن أن يحصل عليه أي كاتب في مصر، وبعد “أفراح القبة” جلست 3 سنوات في المنزل، كما أنني شخص مستغني تماماً، معي 10 جنيهات أصرف الـ 10 جنيهات، معي مليون جنيه أصرف المليون جنيه، استمتع باللحظة التي أعيشها، وأتمنى عند مجيء لحظة وفاتي أن أكون راضٍ عن نفسي تماماً، لذلك ما يهمني دائماً عندما أضع رأسي على “المخدة” كل يوم أن أنام وأنا مرتاح وراضٍ.
أشعر أن لديك رؤية مختلفة عن فكرة الموت موجودة في كل أعمالك، تتعامل معه بشكل ساخر وغير تقليدي أحياناً، هل تحليلي صحيح؟
“أنا لسه معرفوش”، فبما أنني لا أعرفه، أعتقد أن لدي كل الحق في تصوره بطريقتي، تخرج رؤيتي بشكل ساخر، بشكل غير تقليدي، لا يهم، فأنا لا أعرفه، عندما أعرفه سأتناوله كما هو.
من المعروف عنك حبك الشديد لأسامة أنور عكاشة، هل هذا الحب يعود لأن مساحة التجريب لديه مرتفعة للغاية بالنسبة لزمنه؟
لا، في طفولتي كنت أبحث عن نموذج الأب القيمة القدوة، ووجدته في مسلسلات “أبو العلا البشري” و”ضمير أبلة حكمت”، فهذه المسلسلات ربتني بالفعل قبل أن أعي أن هناك كاتبًا كبيرًا وراء هذه الأعمال، لكن عندما كبرت أدركت أن الذي رباني ليس “أبو العلا البشري” وليست “أبلة حكمت”، بل مؤلف هذه الأعمال أسامة أنور عكاشة.
هل تؤيد وضع شخصية تحمل أفكار ومعتقدات ورسائل الكاتب داخل العمل الفني؟
هذه كانت أكبر مشكلة عند أستاذ أسامة، فقبل “الشهد والدموع” كانت كل الشخصيات في أعمال أسامة أنور عكاشة مثقفة وتتحدث بلسانه، لكن بعده انخفض هذا الأمر كثيراً واقتصر على شخصية واحدة داخل مسلسلاته وأصبح يوظفها ويجد لها حلاً درامياً يبرر تواجدها داخل العمل. وعموماً هذه الطريقة كانت تلائم عصر وزمن أسامة أنور عكاشة.
بعض أصدقاءك يسمونك أمين أبو كيفه، هل سبب هذه التسمية يعود لمعرفتهم بحبك لشخصية حسن أرابيسك؟
أمي هي التي أطلقت علي هذا اللقب وليس أصدقائي.
لماذا توققت شركتك الخاصة “Clockwork Temptation” عدة أشهر عن العمل؟
توقفنا بعد مسلسل “عشم إبليس”، كي نعيد ترتيب أوراقنا من جديد، ونراجع بعض الأخطاء داخل نظام العمل في الشركة، منها موضوع ورش الكتابة، فأنا والمدير الفني للشركة الناقد أحمد شوقي اتخذنا قراراً بأن أي عمل يخرج من الشركة سيكتبه مؤلف واحد فقط، وهذا القرار سينفذ بعد مسلسل الشركة القادم “حكايات بنات 4”.
هل نظام كتابة المسلسلات والتعامل مع السوق سيختلف بعد تجربة مسلسل “عشم إبليس”؟
بالتأكيد، الشركة ستسير على نفس النظام الذي أسير به في عملي الخاص.
من أهم الكتاب الذين تفخر بخروجهم من Clockwork Temptation؟
كريم حسن بشير، أحمد وائل، نهال سماحة، محمد عبد العزيز.
هل لا يزال لديك أمل في ظهور سيناريو “عاصمة جهنم” للنور؟
بالتأكيد، هذا السيناريو أقرأه كل سنة لكي أعرف هل أنا بعدت عنه أم لا.
لماذا تكره مصطلح “ورق” الذي يطلقه البعض على السيناريو؟
يعني إيه ورق؟!، الورق شيء أبيض فارغ تماماً، ليس له هوية ولا معنى ولا لون ولا طعم، هل يصح أن نقول على الكتب السماوية ورق؟، هل يصح أن نقول على الروايات ورق؟!، فالسيناريو اسمه سيناريو وترجمته بالإنجليزي”script”.
معروف عنك حبك الشديد للغناء، وحرصك الشديد على الغناء “لايف” لأصدقاءك على الفيس بوك كل أسبوع تقريباً، لذلك صف لنا علاقتك بالأسماء التالية بأسماء أغاني مشهورة.
صبري فواز: كله في المواني.
أحمد شوقي: غدا ألقاك.
طارق الجنايني: الراجل ده هيجنني.
رانيا يوسف: بتونس بيك.
والدتك رحمة الله عليها: تتر مسلسل الوتد.
لو جاءك شاب يريد إحتراف كتابة السيناريو، ماذا ستقول له؟
القراءة ومشاهدة الأفلام المختلفة، والكتابة باستمرار، وأن يأخذ رأي المحيطين به في كتابته وشغله بشكل مستمر.
نرشح لك: عباس أبو الحسن: الصحافة أضعفت “إبراهيم الأبيض”.. وتحوّلت لـ”ناشط” بسبب الثورات
عباس أبو الحسن: الصحافة أضعفت “إبراهيم الأبيض”.. وتحوّلت لـ”ناشط” بسبب الثورات