رباب طلعت المنصات الرقمية في رمضان 2019
يومان، ويبدأ الصراع السنوي بين نجوم الدراما المصرية والعربية، على نسب المشاهدة، ليس فقط على القنوات الفضائية المفتوحة، إنما أيضًا يشهد هذا العام منافسة جديدة من نوعها على الساحة العربية، بين منصات البث الرقمية.
في الوقت التي بدأت القنوات في الاحتفال بعرسها السنوي، خطفت المنصات الرقمية الأضواء منها، حيث أحدثت هي الأخرى جدلًا واسعًا بتحركها نحو شراء المسلسلات لعرضها حصريًا خلال تطبيقاتها، أو العكس بتوزيع إصداراتها الأصلية على الشاشات العربية.
في ظل تلك المنافسة الرقمية، قررت “إعلام المصريين” المجموعة الإعلامية الأقوى في مصر، حيث تضم الشبكات الأربع الأكبر (الحياة، cbc، dmc، ON tv)، بالإضافة لإنتاجها حوالي 15 مسلسلًا ضمن السباق الرمضاني، خوض التجربة، بإطلاق أول منصة مصرية، لعرض المسلسلات عليها، في رمضان 2019 باسم “Watch IT“، بدأت المجموعة الكشف عن الملامح الأولى للمنصة منذ مساء الخميس الماضي، وسط ترقب كبير من الجمهور المصري، نظرًا لأنها المنصة الوحيدة التي تُحاكي متطلباته، فهي المنصة المصرية الوحيدة، حيث أطلقت صفحتها الرسمية على “فيس بوك”، وبدأت في الإعلان عن المسلسلات التي ستعرض عليها وهي إلى الآن (البرنسيسة بيسة، لأخر نفس، لمس أكتاف، كلبش3، حكايتي، أبو جبل، ابن أصول، بدل الحدوتة 3)، كما أطلقت الموقع الرسمي لها لإتاحة الاشتراك به، لمشاهدة محتواها الحصري.
الشبكة الأشهر عالميًا وعربيًا “نتفليكس”، أعلنت في خطوة غير مسبوقة، عرض 4 مسلسلات عربية في رمضان، بالتزامن مع عرضها على القنوات الفضائية، وهي: المسلسل اللبناني “الكاتب” بطولة باسل خياط، والمسلسلات الخليجية (ماذا لو، أنا عندي نص، حضن الشوك)، ولم تعلن عن التعاقد لتقديم أية مسلسلات مصرية بعد، الأمر الذي من الممكن تغييره بين اللحظة والأخرى، في ظل المفاجآت اليومية للمنافسة الرقمية.
تلك الخطوة تأتي تباعًا لنشاط الشبكة خلال الفترة الماضية، في إثراء محتواها العربي، ومنه المصري، بالأعمال الدرامية والسينمائية، ولكن لم يكن كعرض أول لديها، بل تم إضافة مسلسلات رمضان 2018، على المنصة في الشهور التالية للشهر الكريم، بعد انتهاء عرضها تلفزيونيًا.
تطبيق viu me العالمي أيضًا، الذي اقتحم السوق المصرية نهاية العام الماضي، دخل في المنافسة بشكل أقوى “مصريًا”، حيث قررت المنصة التعاقد على عرض مسلسلي “أنا شيري دوت كوم”، و”زودياك” على شاشة “صدى البلد”، بعد الحملة الترويجية الأخيرة لـ”زودياك” أول عمل درامي مأخوذ عن قصة للكاتب الراحل أحمد خالد توفيق، والذي سيعرض لأول مرة في رمضان 2019 على “فيو” بالتزامن مع القنوات الفضائية المذكورة، بالإضافة إلى “أنا شيري دوت كوم” الذي سبق عرضه عليها.
تلك الخطوة لاقت هجومًا من البعض، الذين رأوا أنها “غريبة” ففي الوقت الذي تنتج أو تشتري فيه التطبيقات الأخرى أعمالًا لعرضها حصريًا، أو بالتزامن مع عرضها تلفزيونيًا، تتجه هي للعكس بعرض محتواها تلفزيونيًا، إلا أن ذلك يمكن الإجابة عليه بأنها خطوة بالفعل “غير متوقعة” ولكنها منطقية سعيًا من المنصة للانتشار في مصر والوطن العربي، بظهور “لوجو” التطبيق على القناة، وبالتالي اتجاه المشاهد للمنصة في حالة أن فاتته إحدى حلقات المسلسل لمتابعتها عليه بدون إعلانات.
الخطوة المنطقية بحسب ما يراه البعض، والتي أقدمت عليها “نتفليكس” بالحصول على حقوق عرض بعض مسلسلات رمضان 2019، اتخذتها “فيو” أيضًا حيث أعلنت المنصة عن عرض مسلسل “سوبر ميرو”، لإيمي سمير غانم، و”حدوتة مرة” لغادة عبد الرازق، و”الزوجة 18″ لحسن الرداد، بالإضافة للمسلسل الخليجي “حدود الشر”، و”الديرفة”.
في حوار سابق له مع “إعلام دوت أورج” قال محمد المعتصم مدير المحتوى في “فيو”، إن “رمضان والمنصات الرقمية هو معادلة صعبة تبحث عن حل جديد ومبتكر تمامًا. فرمضان نظام عرض لا يوجد مثله في العالم كله تقريبًا، شهر واحد في السنة يتم عرض أكثر من ثلث الإنتاج الدرامي للسنة كلها فيه، كل يوم حلقة، مع شبه تفرغ كامل من المشاهدين لمتابعة المسلسلات، هي حالة فريدة طبعا من نوعها، مضيفًا: “التحدي الرئيسي هو شكل عرض المحتوى. فالمنصة الرقمية تعرض كل المسلسل مرة واحدة، لإعطاء المشاهد فرصة متابعة المسلسل وقتما يحب بالشكل الذي يحبه، ولكن رمضان قائم على التتابع في العرض، كل يوم حلقة، “فكيف نستطيع إيجاد صيغة تضمن التوافق بين النظامين؟”، أيضًا رمضان له شكل محتوى معين قائم مثلا على النجم بشكل كبير، وهو محتوى مصمم لكل أفراد الأسرة في الأساس، “فكيف نقدم محتوى يناسب جمهورنا الأساسي (الشباب من ١٨-٢٥) بينما يظل متوائم مع متطلبات المحتوى لرمضان؟”، كل هذه الأسئلة نعيد تعريف إجابتها يوم بعد يوم، وأعتقد أن إجاباتها ستحدد شكل الصناعة في السنين المقبلة”، ومن ذلك يمكننا الاستنتاج أن المنصة في طريقها لحل تلك المعادلة الصعبة التي ذكرها “المعتصم”.
في تصريحات صحفية له، قال مازن حايك، المتحدث الرسمي باسم مجموعة قنوات “mbc”، أن إدارة “شاهد.نت”، أنهت خريطتها لشهر رمضان، حيث من المنتظر أن يتوفر عليها 50 مسلسلًا دفعة واحدة، من بينهم 28 عملًا حصريًا سيعرض فقط عليها، وليس على أية منصة أخرى،
وقد كشفت المنصة عبر موقعها الرسمي بالفعل عن بعض تلك الأعمال، حيث يعرض عليها الأعمال المصرية (زلزال، زي الشمس، مملكة الغجر، فكرة بمليون جنيه، ولد الغلابة، حكايتي، قابيل، بدل الحدوتة 3، كلبش 3، شقة فيصل)، والعربية والخليجية (حرملك، العاصوف2، أمنيات بعيدة، إفراج مشروط، وما أدراك ما أمي، دفعة القاهرة، لا موسيقى في الأحمدي، هايبر لوب، خمسة ونص، الهيبة الحصاد).
منافسة “شاهد.نت” على المشاهدات الرمضانية، لا تقتصر على المسلسلات، بل لديها الحصان الرابح دائمًا، وهو برنامج رامز جلال الجديد “رامز في الشلال”، حيث يحافظ “جلال” على نجاحه على MBC، لعدة سنوات منذ 2014، نظرًا لتقديمه برنامج مقالب الفنانين الأشهر في رمضان، وما يحدثه من جدل واسع سنويًا.
منصة “وياك” التابعة لشبكة “زي” الذراع الإعلامي والترفيهي لمجموعة “إيسيل”، والتي تهتم بشكل أكبر بالدراما الهندية المدبلجة في الوطن العربي، أعلنت عن عرض المسلسلين المصريين “سوبر ميرو”، و”مملكة الغجر”، بالإضافة للمسلسل الخليجي “لو دارت الأيام”، والمسلسلات السورية (باب الحارة 10، عطر الشام 4، حركات بنات)، بجانب المسلسلات الهندية، الاهتمام الأكبر لمتابعيها وهي (فدية 5، نقطة على السطر، بيغوسراي، دقة قلب)، لتصبح المنافسة موجهة لجمهور المحتوى العربي والهندي على حد سواء.
تخوض منصة “أوان” التابعة لمؤسسة أبو ظبي للإعلام المنافسة هي الأخرى، ولكن بخطوات ما زالت أولية، حيث أعلنت عن عرض محتوى قنوات المؤسسة عليها، وتم إضافة بنرات مسلسلات (سوبر ميرو، لآخر نفس) عليها من مصر، ومن الخليج ستعرض (حدود الشر، مني وفيني، الطواش، الديرفة، أجندة)، ومن سوريا فقط “سلاسل دهب”.
في ظل تلك المحاولات الجادة من المنصات الرقمية، يجب التساؤل هل تستطيع أن تنجح في جذب جمهور التلفزيون، أم أن العكس هو ما سيحدث، وللإجابة على ذلك يجب طرح عدة نقاط:
1– في ظل تلك الخطوات الجادة من المنصات لجذب الجمهور، من المتوقع اختفاء مسلسلات رمضان 2019، من على “اليوتيوب” أي أنها لن تصبح متاحة على الإنترنت إلا خلالها، ما سيدفع المشاهدين بالفعل للبحث عليها، لمشاهدتها نظرًا لأن شريحة كبيرة باتت تلجأ لليوتيوب منذ سنوات، نظرًا لطول فترات عرض الحلقة الواحدة، بسبب كثرة الإعلانات على التلفزيون.
2– تعتمد المنصات الرقمية المذكورة على مبدأ (الدفع مقابل الخدمة) أي أنه يجب على المشاهد أن يشترك بقيمة نقدية تختلف من منصة لأخرى لمشاهدة المحتوى المقدم عليها، كما تقدم بعضها عروضًا مجانية، ولكنها ليست حصرية وعلى الأغلب لا تكون كاملة، لإجبار المشاهد على الاشتراك في خدمتها.
3– هل يتحمل المشاهد المصري تكلفة الاشتراك الشهري في منصة رقمية؟ بالطبع هناك قطاع يستطيع ذلك، ولكن ماذا عن المشاهد من الشرائح الاجتماعية المتوسطة والفقيرة التي لا تتحمل سوى اشتراك خدمة الإنترنت، هل سيضطر للعودة إلى التلفزيون، وتستطيع القنوات استعادة جزءٍ من جمهورها؟ بالإضافة للجمهور من الطبقات الأقل دخلًا ممن لا يجدوا سبيلًا غيره؟
4– بالإضافة إلى ذلك هل سيسهل على الفئات الأقل قدرة على استخدام التكنولوجيا، الوصول لمفهوم تلك المنصات؟ أو معرفة سبب عدم بث الحلقات على “اليوتيوب”؟ كيف ستنجح تلك المنصات في اجتذابهم؟
كل تلك النقاط الإجابة عليها مؤجلة، وسيظهر بعضًا منها خلال المنافسة الرمضانية، التي ستبدأ من الاثنين المقبل، وهو ما سيشكل صورة مصغرة عن مستقبل تلك المنصات في مصر والوطن العربي، وأيضًا حجم منافستها للتلفزيون وتأثيرها على مشاهداته.
المنصات الرقمية في رمضان 2019
نرشح لك: تحقيق مصور: خطوط أيدي العمال تكتب قصصًا إنسانية
شاهد| كواليس تصوير مسلسل “أنا شيري دوت كوم”
المنصات الرقمية في رمضان 2019