أسابيع طويلة قضيناها سوياً، لأحكي لكم من وجهة نظري ما رأيت أنه طبيعة العمل داخل القنوات الفضائية المصرية، استمعتم إليَ بصبر أشكركم عليه جميعاً طوال تسعة عشر أسبوعاً هي كل مدة كل حلقات السلسة، حين فندت معكم طريقة العمل داخل قدس الأقداس بتلك القنوات الفضائية، الكونترول رووم.
تحدثنا عن أبرز المهن المسؤول أصحابها عن انتاج المادة البصرية التي نشاهدها جميعاً، المنتج الفني والمخرج والمونتير ومدير الانتاج وغيرهم، وحللنا سوياً الطريقة التي نعمل بها هنا، وعقدنا مقارنات بسيطة مع ما يفعله أبناء الكار بعقولنا وعيوننا باستمرار وبين ما يجب عمله فعلاً، ورغم اعتقادي بأنني تحدثت طويلاً عن الكثير من المهن والكثير من “صنايعية الإعلام” إلا أنه لن يفوتني هنا وأنا أقدم إليكم الحلقة الأخيرة أن أذكركم فرداً فرداً أن جيش العاملين بالقنوات الفضائية هو جيش عرمرم، وكل منا له دور داخل المبنى، فعالم القنوات الفضائية الواسع يحتوي على الكثير من التفاصيل التي تحدث خارج الكونترول رووم.
بدءاً من رجل الأمن الذي يمنع عنا المتطفلين والباحثين عن الشهرة والراغبين في عرض مشاكلهم الشخصية على الشاشات قسراً، مروراً برجال البوفيه الذين يساعدوننا كثيراً على تخطي لحظات الإرهاق والتعب بأياديهم الكريمة، وعمال الاستديو من نجارين ونقاشين وفنيين إكسسوارات والذين بغير جهودهم لن نشاهد أي صورة مجسمة حقيقية، فالسائقين الذين يأتون بالموظفين والضيوف، والذين وإن غضبوا منا بعد جهودهم الجبارة في القيادة على المحور والدائري، لخرجت شاشاتنا صماء بلا ضيوف وبلا محتوى، الأساتذة في إدارة الإعداد والتنفيذ والمسئولين بشكل كبير عن صياغة المحتوى المقدم على الشاشة وترتيبه، السادة مهندسين الصوت الذين لم أستطع كتابة مقال منفصل عنهم من 500 كلمة على الأقل طبقاً لقواعد (إعلام.أورج) فهم بالنسبة لي جميعاً عباقرة ويقوم كل منهم بدور المايسترو في الكونترول رووم… السادة فنيين الكاميرات الذين يقومون بمعظم مهام المصور، يقومون بضبط الكاميرات وارتفاعها طبقاً لخريطة صارمة، في انتظار المصور الذي يقف خلف كاميرته محركاً إياها طبقاً لتوجيهات المخرج… وغيرهم؟
لسنا جميعاً من أصحاب الملايين، ولسنا جميعاً من المرتاحين مادياً بشكل عام، فالغلابة يملأون جنبات مدينة الإنتاج الإعلامي، ولعلك تسمع وتقرأ بانتظام عن المعاناة التي يعيشها معظمنا على المستوى المادي بسبب تأخر الرواتب أو ضآلتها، بسبب تحكم سوق الإعلانات وبالتالي تدفق الأموال في مصائر معظمنا فتسمع أن صرحاً إعلامياً أو أكثر، لا يدفع رواتب العاملين منذ شهور، وآخر قام بتسريح أربعين بالمائة من عمالته، وثالث قرر ان يغلق أبوابه.. الخ.
العاملين بالإعلام ليسوا أكثر من مواطنين يعيشون على أرض هذا الوطن، يتأثرون بما تتأثر أنت به، يشعرون بالغلاء والضغط الاقتصادي والسياسي والاجتماعي مثلك تماماً، وليسوا بالضرورة من المتحمسين لوجهات النظر التي تسمعها عبر قنواتهم، فالبيزنس وتشابك المصالح هو أمر أضخم من أن يسيطر عليه أياً من العاملين بالكونترول رووم… الغلابة.
كنت قد اتفقت مع الصديق “محمد عبد الرحمن” رئيس تحرير الموقع على إطلاق سلسلة جديدة هنا على نفس الصفحات، حول الإعلام وأسراره، قال أنه يريد مانيفستو إعلامي محدد وواضح، وأن يساهم (إعلام.أورج) في أن يفتح عيون طلبة الإعلام ودراويشه عيونهم على الحقائق التي تحدث بهذا السوق الكبير… وقد تم الاتفاق بيننا أن ننشر أولى حلقات السلسلة الجديدة مع بدايات شهر رمضان القادم.
ماذا سيكون موضوع السلسلة الجديدة؟؟؟ …. سيكون عن العيب والكخ والحرام، عن برافو والله ينور وكتر خيرك… سيكون عن الكوارث التي نفعلها والانجازات التي نحققها ولا يشعر بها شخص… فأرجو أن تنال إعجابكم.
بي إس: شكراً (محمد عبد الرحمن) شكراً (كريم الدجوي)
لكم المودة بلا حدود.
.