مع انطلاق شهر رمضان المبارك، بدأت قناة “سكاي نيوز عربية” في عرض البرنامج الوثائقي الجديد “من الشرفة”، والذي يسلط الضوء على بعض الخبايا والأسرار الممتعة في العالم العربي، من خلال سرد بصري مختلف لعدد من المهن والظواهر والأماكن العربية غير التقليدية، حيث شارك في صناعته مجموعة من صناع المحتوى في العالم العربي.
– فكرة برنامج “من الشرفة” في الأساس كانت مستوحاة من كتاب “مصر من البلكونة” الذي صار برنامجًا إذاعيًا شاركت في تقديمه مع ياسمين نور الدين، وحقق نجاحاً لافتاً، لكن تحويل المحطة كلها لإذاعة رياضية، دفعتنا لتقديم البرنامج عبر وسيط مختلف.
– في البداية كنا ننوي ( ياسمين وأنا ) تقديم البرنامج على اليوتيوب ومنصات التواصل الاجتماعي، وبالفعل صورنا حلقة بالاتفاق مع إحدى المؤسسات التنموية الكبرى لرعايته، وقمنا بإنتاجه على نفقتنا الشخصية، لكن الخطط تغيرت في المؤسسة، مما أدى إلى أننا أصبحنا اثنين مذيعين بحلقة جيدة الصنع لكن بدون مكان يذيعها أو ينتجها ، وكانت لحظات صعبة.
– ياسمين نور الدين شريكة عمل مثالية، وشريكة نجاح في كل المشروعات التي خضناها سوياً مثل مسلسل “الشريط الأحمر” ومسلسل الأنيميشن “أنت البطل” والتي شاركت في كتابتهما، هي مدهشة دوماً في أي عمل يوكل لها رغم كونها مذيعة راديو في الأساس ومعلقة صوتية للعديد من الإعلانات، وهي شريكة في “من الشرفة”.
– عرضنا البرنامج على أغلب القنوات الفضائية الخاصة في مصر، والحقيقة أنها كانت تبدي إعجابها الشديد بالحلقة البايلوت، وتؤكد أن عرضه على التليفزيون سيكون أفضل من الديجيتال، لكنها كانت تختفي فجأة وبدون سبب. أذكر أحد المسئولين عن إحدى هذه القنوات وإعجابه الشديد بالحلقة ثم حديثه عن عدم وجود “بادجيت” للمذيعين، ثم بعد أن أبدينا استعداداً للتنازل عن أجورنا مقابل توفير معدات التصوير من القناة، والإعلان عنها بشكل لائق اختفى هذا المسئول تمامًا.
– شركة براندريا في دبي كانت إحدى الشركات التي طرقنا أبوابها من خلال خبير إعلامي معروف هو الأستاذ محمد سلطان، والذي شاهد الحلقة فتحمس للفكرة وعرضها على مجلس الإدارة فتحمسوا لها، وقدمها إلى سكاي نيوز عربية، وهي القناة المفضلة بالنسبة لي من قبل العمل معهم. وهناك شهد الموضوع تطورات ساعدتنا كثيرًا على تخطي إحباط كبير واجهناه بتأجيل عرض البرنامج.
– شركات الإنتاج الخاصة هي إحدى رئات هذه المهنة، و”براندريا” تحديدًا كانت مشاركاً فعّالاً ومكملاً لهذه الحلقات، والأمل في أن تكون هناك شركات أخرى تدرك قيمة وأهمية الأعمال الوثائقية وتقدمها بشكل تسعى له القنوات والمنصات المختلفة.
– سكاي نيوز أشادت بالحلقة التي صنعناها عن تجارة الضفادع في مصر، واعتبرت أنها ممتعة، وأن هذا المحتوى سيكون من الأفضل له أن يقدم عربياً بغير تخصيص للشأن المصري تحديدًا، وهو ما جعلنا نعيد حساباتنا، لا سيما وأن هناك الآن قناة إخبارية كبيرة تتفاوض معنا.
– تم الاتفاق على تغيير اسم البرنامج، فتحولت “مصر من البلكونة” إلى “من الشرفة”، والفكرة في الأساس إطلالة مختلفة وبمنظور عين الطائر الذي يلتقط تفاصيلاً قد تغيب عنا على العالم العربي بأكمله من خلال قصص مختلفة أبطالها هم البشر، وتفاعلهم اليومي مع الحياة.
– اخترنا الموضوعات بعد قراءة ومعاينات كثيرة بحثت عن “أقدار البشر” في مهنهم المختلفة الخارجة عن المألوف، أو الظواهر التي نطل عليها من تفاصيل حياتنا اليومية دون أن نركز فيها، وهكذا قدمنا حلقات عن تجارة الضفادع في مصر، وحراس حديقة التماسيح في جزيرة جربا التونسية، والورد الطائفي في السعودية والذي تصنع منه أعظم عطور العالم، إضافة إلى سوق الطيور في اليمن، وآخر سراجي الخيول في الأردن، وصيد العقارب في الجزائر، ومهنة رسامي وجوه القهوة، وتطبيقات الجزارين الإلكترونية في الإمارات، وغيرها من الأفكار التي تم اختيارها من وسط أكثر من 100 فكرة عمل عليها فريق البحث المسئول عن البرنامج.
– التصوير في اليمن كان في قمة الصعوبة، وإرسال المادة كان يتم بأساليب معقدة نظراً لرداءة جودة الإنترنت هناك، ومع ذلك ذهبنا إلى القرى التي يعمل أهلها في العسل الجبلي الشهير الذي اشتهر عالميًا.
– هناك صعوبات عديدة أخرى واجهناها، وهي تلك المتعلقة بتصريح التصوير، والظروف الصعبة التي تعصف ببعض البلاد، على سبيل المثال تصوير حلقات السودان لا سيما بعد الأحداث الأخيرة، وتعرض فريق العمل للضرب في إحدى مدرجات كرة القدم التونسية أثناء تصوير إحدى الحلقات، وتحطيم الكاميرا ومعدات التصوير من قبل مشجعين غاضبين.
– تنوع فريق العمل كان مهمًا، خاصة وأن صناعة المحتوى ليست بالشكل الذي قد يظنه البعض، ويختصره في مهنة “المُعد” مع كامل الاحترام لدور المعدين الذين كنت أحدهم وأفخر بذلك، لكن الموضوع أعمق بكثير من هذا الأمر. لذلك عهدنا بالأمر لعدد من صنّاع المحتوى المتميزين الذين قدموا محتوى مختلفًا ومهمًا أن يشاهده المشاهد العربي، وأشرف عليهم الزميل علي شعبان السطوحي بروديوسر الحلقات، والذي أدار الأمر بشكل احترافي وقدم حلقات مميزة.
– تلقينا إشادة بالحلقات ومستواها، وكذلك بالنص البديع الذي يكتبه الزميل حسام محفوظ، والذي أزعم أنه أحد أكثر الموهوبين الذين لم ينالوا ما يستحقوه من تقدير ومكانة يستحقها، والإعجاب بما كتب على مستوى عربي يثبت أن الموهبة لا يمكن أن تتوارى حتى لو كان ذلك اختياريًا.
– أحد الزملاء اقترح علينا تقديم البرنامج لصالح إحدى منصات الديجيتال الممولة من قطر والجزيرة، وبمبلغ يكفل الاستمرار في إنتاج البرنامج لعامين على الأقل، لكن هذا الاختيار كان مرفوضاً بالنسبة لنا.
– نطمح أن يتحول الفيلم الوثائقي لعمل تسهر معه الأسرة العربية، أو تكون الحلقات الوثائقية هي خير بداية ليومهم وهم يطلون “من الشرفة” على كل ما لا يعرفوه حولهم في العالم العربي، ومن المهم هنا الإشادة بتجارب الزملاء في مصر، ولوحدة الأفلام الوثائقية التي تم إنشائها بالفعل في قناة dmc، والتي يديرها الزملاء أحمد الدريني وشريف سعيد، وهي نقلة مهمة في الصناعة، لكن النقلة الأهم حين يدرك المسئولون في القنوات المختلفة أن الفيلم الوثائقي يمكن أن يقدم بعيدًا عن مظلة القنوات الإخبارية، وأن يعرض بشكل ممتع ينال حقه من الإعلان والدعاية مثله مثل السهرات الدرامية.