محمد حمدي سلطان أفلام غير كوميدية لعادل إمام
البعض يختصر عادل إمام فى الكوميديا وهم معذورون فى ذلك، فنجاحاته الهائلة على مدار سنوات طويلة فى السينما والمسرح تجعله أحد أبرز عمالقة الكوميديا فى تاريخ فن التمثيل بمصر ولا أبالغ إذا قلت فى العالم كله، فعادل إمام يشكل استثناءً ليس له مثيل بين كل نجوم الكوميديا منذ زمن نجيب الريحانى وعلى الكسار وحتى جيل محمد هنيدى وما بعده، فمعجزة عادل إمام تتلخص فى كونه كوميديان بالأساس، ولكنه الممثل الكوميدى الوحيد الذى تقَبَّله الجمهور فى الأدوار الرومانسية وفى أفلام الإثارة أو الأكشن وفى الأفلام الدرامية الجادة.
لكى تدرك الفارق الذى أقصده، عليك أن تقارنه بسعيد صالح وسمير غانم، أبرز نجوم جيله فى الكوميديا، وحاول أن تتخيل سعيد صالح يقوم مثلاً بدور رومانسى جاد أو سمير غانم يقوم ببطولة فيلم أكشن. مؤكد أن الأمر سيفجر الضحك أكثر من أفلامهم الكوميدية نفسها، أما عادل إمام فرغم تفوقه عليهم بالأرقام والجماهيرية فى ملعبهم الأساسى فإنه لم يكتفِ بذلك وذهب إلى ملعب آخر وسجل فيه أهدافًا عديدة.
هو فنان استثنائى وظاهرة نادرة، أعتقد أن الأجيال القادمة ستتوقف أمامها طويلاً بالبحث والتحليل والدراسة، يستحق بالفعل لقب الزعيم بغض النظر عن المستوى الفنى المتواضع لأعماله الدرامية فى السنوات الأخيرة وربما لعامل السن دور كبير فى ذلك.
في هذا المقال أحاول تسليط الضوء على أفضل 10 أفلام غير كوميدية لنجم الكوميديا وزعيمها الأول، مع ملاحظة أن الاستبعاد فى هذه القائمة لم يقتصر على الأفلام الكوميدية فقط، ولكنى استبعدت أيضا أفلام الأكشن والمغامرات أو الأفلام التجارية عمومًا، أى أنها قائمة للأفلام الدرامية والجادة فقط، وجدير بالذكر أيضا استبعادى لأفلام مهمة مثل اللعب مع الكبار والمنسى والإرهاب والكباب، رغم قيمتها الفنية العالية وكونها من أبرز ما قدمه عادل إمام فى تاريخه، ولكن جرعة الكوميديا بها كبيرة، وأنا حاولت قدر الإمكان اختيار 10 أفلام بها أقل قدر ممكن من الكوميديا أو الأكشن، مع وجود الشرط الأساسى بالطبع وهو أن يكون الفيلم بالأساس فيلمًا متميزًا على المستوى الفنى.
10- أمهات في المنفى 1981
للمخرج محمد راضى. وسط حشد هائل من النجوم يصل إلى حد التخمة الفنية، يقدم عادل إمام دور (حسونة) موظف الجمارك الشريف، والذى يرفض التعامل خارج إطار القانون مع رجل الأعمال الفاسد (شاهين بيه) أو الفنان جلال الشرقاوى، ولكن الأخير ينجح فى توريطه عن طريق زوجته الحسناء (مايسة) أو الفنانة إيمان. الفيلم يبدأ من خط أساسى وهو بيع الأم (أمينة رزق) لمنزل العائلة الذى تعيش به بمفردها بعد الحاح إبنتيها (قدرية) ماجدة الخطيب و (حكمت) إسعاد يونس زوجة حسونة.
ليسير الفيلم بعد ذلك فى خطين متوازيين بين قدرية وزوجها (المصيلحى) الفنان السيد راضى، وحكمت وحسونة لنرى مصيرهم المأساوى فى النهاية بعد أخذهم للأموال، فقدرية تلقى حتفها أثناء عملية إجهاض لجنين غير شرعى، وحكمت تخسر زوجها، قصة تقليدية فالفيلم يريد أن يقول أن المال ليس كل شىء، وأنه قد يفسد حياتنا فى بعض الأحيان ونحن نتصور العكس، وبالرغم من ذلك فالفيلم استحق تواجده فى هذه القائمة بسبب كم النجوم بداخله، وهو ما جعل أغلب مشاهده عبارة عن مباريات تمثيل بين أبطاله.
9- الإنس والجن 1985
للمخرج محمد راضى. جرأة كبيرة من عادل إمام تعكس رغبته الواضحة فى إثبات قدراته كممثل يستطيع تقديم كل الأدوار، هنا يقدم دور (الجن) أو جلال الذى يحب (فاطمة) يسرا، ويبدأ فى مطاردتها ويظهر لها بداخل المنزل ولكن لا أحد غيرها يراه أو يسمعه، يطلب منها الزواج فترفض وعندما تحاول الارتباط بدكتور (أسامة) عزت العلايلى، يهددها ويحاول إفساد هذه العلاقة بأى شكل.
قصة تقليدية ومعتادة ولكن الفارق أن عادل إمام أو الشرير هنا ليس إنسانًا عاديًا وإنما (جنًا) أو مخلوقًا من عالم آخر، ينتهى الفيلم بالانتصار على جلال بمجرد أن يقرأ عزت العلايلى أمامه بعض آيات القران الكريم، وهو ما يجعلنا نتساءل لماذا لم يفعل ذلك منذ البداية فلربما كان الفيلم انتهى فى مشهده الأول.
الفيلم أثار ضجةً وقت عرضه وحقق نجاحًا جماهيريًا كبيرًا، وهو فى الحقيقة إذا قارنته بأغلب تجارب أفلام الرعب فى السينما المصرية ستجد أن المخرج محمد راضى قد قدم فيلمًا لا بأس به على الإطلاق.
8- حب فى الزنزانة 1983
للمخرج محمد فاضل. أحد الأفلام المهمة التى اجتهد فيها عادل إمام لتقديم أداء متميز، بدور (صلاح) الشاب المعدم الذى يوافق على دخول السجن بدلاً من جميل راتب (الشرنوبى بيه) وهناك فى السجن نستمتع بتفاصيل قصة حبه الفريدة من نوعها والتى تنشأ مع (فايزة) السندريلا سعاد حسنى.
فيلم رومانسى عن البسطاء وأحلامهم البسيطة والتى لا تتحقق غالبًا لأن هناك وغد ما، دوره فى هذه الحياة يتلخص فى إفساد حياة الآخرين وتخريبها، وهو ما يجعل من النهاية المنطقية أمرًا حتميًا بأن يقوم صلاح بقتل الشرنوبى بيه بداخل حمام منزله.
7- خلِّى بالك من عقلك 1985
للمخرج محمد عبد العزيز. ثنائية جميلة بين عادل إمام وشيريهان، كنا نطمع أن نراها فى أعمال أخرى، ولكن يبقى هذا الفيلم البسيط والممتع من أهم التجارب المختلفة فى مسيرة عادل إمام.
وائل الطالب الجامعى الذى يقع فى غرام سلوى المريضة بمستشفى الأمراض العقلية، وتتسبب له هذه العلاقة فى الكثير من المشكلات حتى بعد هروبها وزواجهم.
موسيقي عمر خيرت بهذا الفيلم لا تحتاج إلى كلام بالطبع فالجميع مازال يذكرها حتى يومنا هذا.
6- عمارة يعقوبيان 2006
للمخرج مروان حامد. الفيلم الذى شكل حدثًا فنيًا هائلاً فى العقد الأول من الألفية, بميزانية إنتاج ضخمة ودعاية صاخبة وحشد لأكبر عدد من نجوم السينما المصرية، جاء الفيلم المأخوذ عن رواية علاء الأسوانى الشهيرة ليحكى عن العمارة والتغيرات الاجتماعية التى تحدث لتركيبة سكانها فى العقود الأخيرة، فى إسقاط واضح عن حال البلد كلها بصورة ربما جاءت مباشرة أكثر من اللازم.
عادل إمام قدم أفضل أدواره على الاطلاق فى سنوات الألفية (زكى باشا الدسوقى) واستحق عنه العديد من الجوائز، ومازال صدى صرخته يتردد فى مشهده الرائع مع هند صبرى (إحنا فى زمن المسخ).
5- حتى لا يطير الدخان 1984
للمخرج أحمد يحيي. تفوق عادل إمام على نفسه فى هذا الفيلم، لدرجة أن تعبيرات وجهه التى تعكس الانفعالات الداخلية للشخصية تستحق أن تُدَّرس، لأنها عبرت كما يجب عن عجزه وضعفه وإحساسه بالمهانة وسخطه على هذا العالم الذى لا قلب له.
عن رواية للكاتب الكبير إحسان عبد القدوس يقدم شخصية فهمى عبد الهادى الطالب الجامعى الفقير والمُعدم، الذى يصدمه الواقع وحقيقة كونه فقيرًا لا قيمة له وسط أصدقائه، ولا يساوى شيئًا فى نظرهم حتى ولو كان متفوقًا فى الدراسة وهم فاشلون، لأنهم ببساطة أغنياء وأبناء باشوات ورجال أعمال وهو من أسرة بسيطة متواضعة الحال.
تمرض أمه وتحتاج إلى عملية جراحية، يذهب لأصدقائه للمساعدة فلا يجد بينهم من يمد له يد العون، تموت أمه فيقرر فى هذه اللحظة أن يعلن حربه على الفقر وعلى كل من خذله وأهانه، ليتحول بعد ذلك إلى رجل أعمال وعضو برلمان وينتقم من الجميع، لكنه يسقط ميتًا بسبب مرضه فى أثناء زفافه على (سنية) سهير رمزى، الوحيدة التى وقفت بجواره وأرد أن يرد لها الجميل.
4- الإنسان يعيش مرة واحدة 1981
للمخرج سيمون صالح، أحد أكثر الأفلام تعرُضًا للظلم على المستوى النقدى، رغم كونه فيلمًا شديد العذوبة والجمال، لم يختلف مصير الفيلم كثيرًا عن مصير مخرجه سيمون صالح، الذى هاجر مُحبطًا إلى أمريكا فى منتصف التسعينات بعد أن تجاهلته السينما، رغم بداياته المُبشرة وتحديدًا فى هذا الفيلم.
الذى أثبت به قدراته كمخرج موهوب استطاع ببراعة خلق حالة فنية مختلفة قوامها المشاعر والتفاصيل الإنسانية، التى كتبها وحيد حامد بتمكُن، عن هانى مدرس التاريخ الذى يعيش حياة شبه عدمية ولا يكترث لشىء، فيتم نقله إلى السلوم بسبب نومه فى الفصل الدراسى.
يتعرف فى الطريق على (دكتورة أمل) يسرا، والتى تسافر هربًا من كل شىء، ولأنها تحمل عقدة ذنب كبيرة لتسببها فى وفاة خطيبها السابق، ويقابل هناك أيضا الغفير الهارب من الثأر (بكرى) الفنان على الشريف فى أفضل أدواره على الإطلاق.
فى هذه الأرض الغريبة يلتقى الثلاثة وتنشأ قصة الحب، يساعد هانى أمل وبكرى على العودة إلى الحياة بعد هروبهم منها سواءً يأسًا او خوفًا، وبعد أن نجح الاثنان فى مساعدته على أن يكون لحياته معنى.
3- طيور الظلام 1995
للمخرج شريف عرفة، نبوءة وحيد حامد السينمائية التى تحققت بشكل مذهل على أرض الواقع بعد ثورة يناير، حكاية عن 3 أصدقاء محامين تلخص حال مصر وأوضاعها السياسية والدائرة المفرغة التى تدور فيها طول الوقت بين السيىء والأسوأ.
فتحى نوفل الوصولى الفاسد الذى يصل به طموحه ليصبح مدير مكتب الوزير رشدى الخيال، بينما صديقه على الزناتى يجد ضالته فى الجماعات الإسلامية فينضم إليها، لتفرقهم السياسة والمصالح ويجمعهم السجن فى النهاية، بينما صديقهم محسن الذى قنع بالحياة العادية، لا يملك سوى متابعة صراعهم وهو جالسًا على المقهى يدخن شيشته التى لم يبقَ له سواها ينفث بها عن غضبه.
2- الغول 1983
للمخرج سمير سيف، فى سيناريو مُحكم كالعادة لوحيد حامد – الذى اكتسحت أفلامه هذه القائمة – يقدم عادل إمام واحدًا من أهم وأمتع أدواره على الإطلاق، عادل عيسى الصحفى المثالى فى مبادئه والفوضوى فى حياته الشخصية.
تجعله الظروف شاهدًا على جريمة قتل يقوم بها (نشأت) حاتم ذو الفقار، إبن رجل الأعمال الشهير (فهمى الكاشف) فريد شوقى، يحاول بكل الطرق تحقيق العدالة ويدخل فى صراع شرس مع فهمى الكاشف الذى يستخدم نفوذه وأمواله لتبرئة ابنه.
وبالفعل ينتصر (قانون ساكسونيا) فى النهاية ويخرج نشأت بريئًا بينما يُحبس هو 24 ساعة لإهانته للمحكمة، يخرج بعدها وقد قرر تطبيق العدالة بنفسه، فيقتل فهمى الكاشف فى مشهد تسبب فى أزمة رقابية للفيلم، ومُنع من العرض لفترة بسبب تشابه مشهد قتل الكاشف مع مشهد اغتيال الرئيس السادات.
1- الحريف 1983
أنشودة محمد خان وتحفته السنيمائية الخالدة، مأساة أن تكون موهوبًا وسابقًا لعصرك فتصنع فنًا جميلاً ومختلفًا لا يتقبله الجمهور وقتها، ولكن بعد سنوات طويلة يتحول الفيلم لأيقونة لدى أجيال تشكل لديها وعى جديد،
فيلمًا عن البراءة التى تموت، وزمن اللعب اللى بيروح، القبح الذى يتصدر المشهد وتتزايد مساحته فى حياتنا، تلك الحياة المادية التى دهست كل شىء فى طريقها ولم تترك للفطرة ولفكرة الاستمتاع بالحياة نفسها أى مكان،
سيبقى هذا الفيلم علامة مهمة فى مشوار عادل إمام حتى ولو كان هو نفسه يكرهه، بسبب فشله جماهيريًا لدرجة أنه ترك قاعة السينما أثناء عرضه الأول بسبب هتاف الجمهور ضد الفيلم، الفيلم الذى يعتبره الزعيم أفشل أفلامه أو سقطة فى مشوار إيراداته وتصدُره للشباك، بقى فى وجدان الناس واستحق أن يحتل صدارة أفلامه الغير كوميدية، لأن الناس ستبقى فى كل زمان ومكان تردد مع فارس أو الحريف مقولته الشهيرة : ملعون أبو الفقر.
نرشح لك: فاتن حمامة.. الأمنية التي لم يحققها الزعيم
شاهد: صور التقطت قبل وقوع أحداث مأسوية
أفلام غير كوميدية لعادل إمام أفلام غير كوميدية لعادل إمام أفلام غير كوميدية لعادل إمام