في جانب آخر من العالم غير الجانب الذي نعرفه، هناك آلاف البشر الذين يقدمون أنفسهم للمحيطين بهم بأنهم “الإعلامي فلان”، أو “الكاتب الصحفي فلان”، حتى قامت نقابة الصحفيين بدورها بإعلان الحرب على الكيانات الوهمية التي تدعي انتماءها لمهنة الصحافة، رغم أنها حرب شرسة طويلة الأمد، في ظل فضاء مفتوح اسمه الإنترنت يسمح لكل من هب ودب بإعطاء نفسه اللقب، وكتابة ما يحلو له في أي مدونة أو موقع وغالبها تحمل أسماء مضحكة، لكن التساؤل هنا: كيف تحارب الجهات المعنية الإعلاميين المزيفين من أصحاب المؤهلات المتوسطة، والذين يعملون كمقدمي برامج مدفوعة الأجر على شاشات قنوات بير السلم؟
لا يخفى على عاقل كم المخاطر التي يسببها هؤلاء، ليس فقط بالبيئة المحيطة به وسعى بعضهم للقيام بعمليات نصب بانتحال صفة إعلامي أو مذيع، ولكن أيضا بسموم تبثها ساعات الهواء تلك من أخبار مضللة، ومحتوى خارج عن الآداب العامة، وابتذال وإسفاف “وزي ما انت عاوز تقول قول” –على رأي المعلق أيمن الكاشف- والمصيبة ليست في ظهورهم على الهواء فحسب، فنسب المشاهدة لن تتخطى بضعة أفراد ممن يعملون في البرنامج نفسه، لكن بعد ذلك يعاد نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي لتصيبنا بالأذى، بل ويقع البعض في خطأ غير مقصود بالترويج لها بشكل غير مباشر، فتجد من يعيد نشر المحتوى، ويكتب عليه جمل استهجان أو نقد، ليصبح ناقلا للكفر.
أمثلة كثيرة على تلك المهازل الإعلامية، التي أثقلت عاتق الصحافة والإعلام بمزيد من الكراهية والامتعاض، لأن السيئة تعم، فتجد سيدة أشبه بـ”غوازي الموالد” وقد عرت نصف جسدها ولوّنت كامل وجهها بألوان مقززة، تجلس أمام الكاميرا وتضع قدما على الأخرى لتقدم نصائح للسيدات وربات البيوت، لكنها نصائح جالبة للمصائب مجملها “إتطلقي إنت وهي”، وأخرى تطلق على برنامجها اسما “يستوجب محضر آداب”، وثالثة ورابعة، وأيضا هناك من يدير تلك السبوبات الهلامية ويضع لنفسه على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك عدة ألقاب حتى يجذب إليه الزبائن من مرضى الشهرة والعاطلين والعاطلات، مقابل مبالغ مالية أو ما تيسر من الثمن.