رباب طلعت
بعد مرور أكثر من شهر على الإعلان عن أول حالة مصابة بكورونا في الصين تتزايد وتيرة القلق والشائعات ضد وزيرة الصحة في مصر لتقف الدكتورة هالة زايد أمام كم هائل من الاتهامات والانتقادات، بسبب إدارة الوزارة للأزمة.
بدأت الاتهامات بتكتم الوزارة على تواجد الكثير من حالات كورونا في مصر وظهرت العديد من البوستات من أشخاص مجهولين بالإضافة إلى مواقع الإخوان يؤكدون حدوث وفيات وصل الحد بهم لوصف بعض المستشفيات بأنها تحولت لمقبرة.
بعد إعلان بعض الدول أولها فرنسا عن وصول حالات مصابة بكورونا من مصر زادت حدة الاستياء واتهمت السوشيال ميديا وزارة الصحة بعدم القدرة على كشف الحالات المصابة مرجعين ذلك إما لعدم الاكتراث بخطورة المرض أو لعدم قدرة المؤسسة الصحية بمصر على اكتشاف الحالات، مما وضع “زايد” في مرمى السخرية.
فرنسا تعلن عن قدوم حالتين من مصر مصابه بكورونا
وزيرة الصحة : pic.twitter.com/1e8d5p8VWf
— Creative Sarcasm (@cs_sarcasm) February 28, 2020
بعد صمت طويل من قبل وزارة الصحة وعدم الرد على الشائعات، حتى وصل الأمر لتصريح برلماني كويتي عبر حسابه على تويتر، بأن الوضع في مصر كارثي وسط تكتم إعلامي شديد، ومطالبته بوقف الاستقدام للمصريين إلى بلاده، خرجت منظمة الصحة العالمية ببيان تؤكد فيه صدق الطرف المصري، بأنه لا يوجد حالات إلا واحدة وتم تعافيها تمامًا، وخروجها من الحجر الصحي.
لم يتوقف الأمر بل زادت الشائعات، حتى وصلت إلى واقعة “جروبات الماميز” الشهيرة، حيث نشرت بعض الأمهات فويسات تفيد بوقوع حالات وفيات داخل مدارس أبنائهم مع الكثير من البكاء المثير للرعب الذي ضرب قلوب أولياء الأمور على أبنائهم مع مطالبات بتعطيل المدارس، بل أكدت بعض الأمهات أنهن منعن أبنائهن بالفعل من الذهاب للمدرسة.
بعد تزايد أصوات الشائعات وانتشار الرعب بين المواطنين خرجت وزيرة الصحة بمؤتمر صحفي زاد من احتقان الوضع، بشكل كبير جدًا، لعدة أسباب، أولها تصريح وزيرة الصحة بسفرها على رأس وفد طبي إلى الصين بتكليف مباشر من الرئيس عبد الفتاح السيسي، ومحملة بهدية مصرية للشعب الصيني، الذي يعاني من أزمة لا مثيل لها بسبب انتشار كورونا بشكل كبير بها، ثانيا بسبب عدم الفهم الصحيح لعدة تصريحات أدلت بها أبرزها “الاشتباه بأكثر من 1400 حالة مصابة بالكورونا” حيث بدأ سيل “الشير” للعناوين دون المحتوى، مع عدم فهم الكثيرين بأنه “اشتباه” لا يعني إصابة، وأن الوزيرة أوضحت أن كلها حالات سلبية ما عدا حالة واحدة، هي نفسها التي أعلنت عنها منظمة الصحة العالمية.
انتقادات زيارة الوزيرة للصين اعتمدت على عدة مبررات، أولها “هي رايحة تعمل إيه؟”، وقد اكتسحت موجة السخرية منها السوشيال ميديا، وهو ما أوضحته بعد ذلك من الصين، وهو: “إحضارها للنسخة السادسة من الوثائق الفنية للإجراءات الاحترازية للتعامل مع الفيروس، والحصول على التقرير المشترك لخبراء منظمة الصحة العالمية والصين عن زيارة الصين للحد من انتشاره، بالإضافة لإهداء الصين 1000 جهاز للكشف عن كورونا في مصر”.
التبرير الثاني للهجوم على “زايد” في زيارة الصين، هو هل ستخضع للحجر الصحي بعد عودتها من الصين للتأكد من عدم إصابتها بكورونا، أم أنها ستعامل كوزيرة، وفي حالة إصابتها، ستنشر المرض، وهو ما رد عليه المستشار نادر سعد، المتحدث الإعلامي باسم رئاسة مجلس الوزراء، في مداخلة هاتفية لبرنامج “القاهرة الآن” تقديم الإعلامية لميس الحديدي، والمذاع على فضائية “الحدث”، أن الوزيرة لن تخضع للحجر الصحي الذي يستمر طوال 14 يومًا كاملة، لعدم ذهابها إلى مقاطعة هوبي التي شهدت ولادة فيروس “كورونا” بالصين، لكنها ستخضع للإجراءات الاحترازية التي تتخذها الحكومة المصرية في المطارات المختلفة، من قياس لدرجات الحرارة، والتأكد من خلوها من الفيروس، بالإضافة إلى كافة الإجراءات التي نصت عليها اشتراطات وزارة الصحة المصرية ومنظمة الصحة العالمية.
بعد الإعلان عن أهداف الزيارة الرسمية للوزيرة إلى الصين، وما عادت به، بالإضافة لموقف مصر الإنساني من الشعب الصيني، وإنارة آثار مصرية بالعلم الصيني، بدأت حدة الانتقادات للدكتورة هالة زايد بالتراجع، وتحول الكثير من المنتقدين إلى متعاطفين ومعتذرين، وظل البعض منتقد أيضًا وناقم سواء على الوزيرة أو الحكومة، مدعيين انتشار الحالات، وعدم اكتراث الدولة بالمرض، بل زعم البعض أنه لا وجود لإجراءات السلامة على منافذ الدولة البحرية والجوية، وهو ما يتناقض مع ما نشرته الصفحة الرسمية لرئاسة مجلس الوزراء من صور للكشف الطبي لميناء بورسعيد.
ليس ذلك فقط، بل مع تفاقم حدة الشائعات، عكفت صفحة رئاسة الوزراء على نشر بيانات خاصة بمتابعة الدولة للمرض، تنفيذًا لمطالب الشفافية ومشاركة المواطنين بالإجراءات، ولكن ذلك لم يقف أمام تصديق بعد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي للصفحات المجهولة التي تنشر أخبارًا دون أدلة عن انتشار المرض وتفاقم الوضع ومأسويته في مصر، بالرغم أيضًا من أن الموقع الرسمي الذي دشنته منظمة الصحة الرسمية الشريك الأساسي في متابعة الحالات في مصر، لم تسجل سوى الحالتين المعلن عنهما في مصر فقط، وعدم وجود أية حالات وفيات.