عرفة محمد أحمد
في نهاية أكتوبر من العام الماضي، شكّلت نقابة الصحفيين لجنةً مكونةً من “5” أعضاء بمجلس النقابة؛ لحسم ملف “تكويد” الصحف الجديدة، أي الاعتراف بها رسميًا، وقبول صحفييها ضمن دورات القيد التي تنظمها النقابة.
ويرأس اللجنة الكاتب الصحفي جمال عبد الرحيم، وكيل أول النقابة، وتضم في عضويتها الأساتذة: هشام يونس، حسين الزناتي، أيمن عبد المجيد، محمد سعد عبد الحفيظ، على أن تكون الأولية في الفحص للجرائد التي حصلت على “تكويد مبدئي” في يناير من 2019، وهي صحف: “البوصلة، البيان، الحدث الاقتصادي، أهل مصر، الكلمة، بلدنا اليوم، البورصجية، ميدل إيست”، ثم فحص الصحف الجديدة الأخرى التي تقدمت للحصول على “التكويد”، وعددها يصل إلى 11 صحيفةً.
وقتها خرج الكاتب الصحفى جمال عبد الرحيم، رئيس اللجنة، كاشفًا عن المعايير التي سيتم على أساسها الموافقة على منح الصحف الجديدة “تكويدًا نهائيًا”، ومن هذه المعايير: “الانتظام في الصدور طبقًا لرخصة الجريدة: يومية، أسبوعية، شهرية، ثم تقديم الصحيفة شهادةً من المطبعة المتعاقدة معها، سواء كانت خاصةً أو حكوميةً، فضلًا عن تقديم شهادةٍ بأرقام التوزيع من مؤسسةٍ معتمدةٍ”.
وأكد “عبد الرحيم”، في بيان أصدره، أن اللجنة ستراجع عقود ومرتبات العاملين بالصحف المتقدمة للتكويد طبقًا للعقود المعتمدة في النقابة، ومراجعة اللائحة المالية والإدارية المرسلة من تلك الصحف، ومطابقتها على أرض الواقع، نافيًا وجود اتجاه داخل مجلس النقابة لرفض فكرة “التكويد”، قائلًا: “نقف على مسافةٍ واحدةٍ من جميع الصحف المتقدمة للتكويد، وإذا ثبت أحقية الـ8 صحف في الانضمام، سنوافق على تكويدهم”.
وعلى الرغم من أنّ اللجنة كان من المفترض أن تباشر أعمالها خلال أسبوعٍ من تشكيلها، إلا أنّ هذه اللجنة “مجمّدةٌ” على أرض الواقع؛ فلم تَعقِد اجتماعاتٍ، ولم يُكلّف أعضاؤها رسميًا بالصحف المسئولين عن فحص أوراقها وملفاتها وزيارة مقراتها، على الأقل وفق المعلوم حتى الآن، الأمر الذي تسبب في حالةٍ غضبٍ شديدةٍ بين الزملاء في هذه الجرائد؛ فدشّنوا مؤخرًا “جروب” على “فيس بوك” يحمل اسم “التكويد”؛ للنقاش حول أزمتهم، والخطوات التصعيدية لهم، لطرح المشكلة، ومحاولة حلها؛ لا سيما أنهم يعملون في تلك الصحف منذ سنواتٍ بعيدةٍ.
المعطيات المتوفرة لأي مهتم بالشأن النقابىّ تكشف عن أنّ ملف “تكويد” الصحف الجديدة، يجرى التعامل معه على طريقة التعبير الشعبى: “المشرحة مش ناقصة قتلة”، بمعنى أن هناك تخوفًا من قبول تلك الصحف وضم محرريها لنقابة الصحفيين، ثم تنفجر بها الأزمات، فيكون الصحفيون هم الضحايا على طريقة ما يحدث فى عدة صحفٍ مثل “الصباح” و”التحرير” و”العالم اليوم”، فضلًا عن أزمات الصحف الحزبية، وعندئذٍ تكون النقابة مُطالبة بحل أزمات هؤلاء.
وقال مصدر – رفض الكشف عن اسمه – إنّ تشكيل اللجنة التى يرأسها الكاتب الصحفى جمال عبد الرحيم، كان آخر تحركٍ رسمى في ملف “التكويد”، وأن هذا الملف لم يُدرج في الاجتماعات السابقة التي عقدها المجلس طوال الشهور الماضية.
نرشح لك: تعرف على أعضاء لجنة الإعلام بالمجلس الأعلى للثقافة
وأضاف المصدر لـ”إعلام دوت كوم” أنّ الكيانات الوهمية، والإصدارات التى تُسرّح وتشرد الصحفيين، وتُوقِف تأميناتِهم، والجرائد التي تُغلق، وكذلك المهددة بالإغلاق، كلها من أسباب “التردد” فى نقابة الصحفيين بشأن حسم “ملف التكويد”.
وتابع: “يوجد عدم تحمس لحسم هذا الملف، لازم يكون للنقيب ضياء رشوان والمجلس دور فى حل هذه الأزمة؛ علشان الناس تعرف مصيرها”.
فى السياق عينه، أكدّ مصدرٌ ثانٍ لـ”إعلام دوت كوم” أنّ هناك أزمةً حقيقيةً تتسبب في زيادة البطالة في السوق الصحفية، وهي تلك المتعلقة بالصحف المهددة بالإغلاق، وبالتالي إذا كانت الصحف المتقدمة للحصول على “التكويد” مؤسساتٍ حقيقيةً، ولديها القدرة على الاستمرار، فعليها توفير فرص عمل للصحفيين النقابيين أولًا؛ لأن من ضمن شروط تكويدها وجود 70 % داخلها “نقابيون” يساعدون المتدربين في معرفة المهنة.
وتابع: “الملف الخاص بتكويد الصحف الجديدة يُدرس بدقةٍ عبر عدة آلياتٍ؛ للتأكد من وجود كياناتٍ صحفيةٍ حقيقيةٍ قادرةٍ على منح المتدربين حقوقهم كاملةً، وضم نقابيين للعمل داخلها”، كاشفًا عن أنّ السبب في اتخاذ هذه الإجراءات هو منع أن يكون الهدف من “التكويد” دفع أعضاء جدد غير مؤهلين وليسوا صحفيين أساسًا للنقابة؛ لمجرد أنهم يساعدون فى إصدار الصحيفة “ماليًا”.
وأردف: “هو فيه حدّ كان يتصور أن تكون جريدة (الصباح) أو حتى (التحرير) مهددتين بالإغلاق”، مضيفًا أن نقابة الصحفيين لن تكون أداةً فى يد أصحاب الكيانات الوهمية، أو الصحف غير المؤسسية لوضع تسعيرةٍ ماليةٍ يُلحّق على أساسها غير المؤهلين مهنيًا لـ”قلعة الحريات”.
وقال: “نحن نرى أن هناك جرائد يتقدم متدربون منها للحصول على عضوية النقابة عن طريق لجان القيد الاستئنافية، لأن النقابة تداركت الخطأ القديم عندما منحت هذه الصحف التكويد، والآن أوقفت القيد منها”، مستكملًا: “ترك شئون القيد دون ضوابط سيفسد المهنة ويدمرها”.
وأكد الزميل مساعد الليثى، رئيس تحرير “الحدث الاقتصادى”، إحدى الإصدارات المتقدمة للحصول على “التكويد”، أنّه يعلم جيدًا الأعباء الثقيلة المُلقاة على أعضاء مجلس نقابة الصحفيين برئاسة الكاتب ضياء رشوان، لا سيما فى ظل الأزمات التي تعانيها المهنة حاليًا، مؤكدًا أنه فى الوقت نفسه، يجب حسم ملف “تكويد” الصحف الجديدة؛ لأنه يتعلق بمصير مئات الزملاء المتدربين.
وأضاف “الليثى” لـ”إعلام دوت كوم” أنّ ما يمهمه فى قصة حسم ملف “التكويد” هو مصلحة الزملاء المتدربين؛ لأن منهم مَنْ يعملون منذ سنواتٍ طويلةٍ، فضلًا عن أنهم “مجتهدون” ويستحقون عضوية نقابة الصحفيين، متابعًا: “في ما يخص الحدث الاقتصادي نحن قدمنا كل الأوراق المطلوبة التي تضمن مؤسسية كياننا، وكذلك الأوراق الخاصة بانتظام الصدور، والأرشيف، والمتطلبات المالية”.
واستكمل: “أنا لي وجهة نظر في قصة التكويد تتعلق بضرورة إعطاء الفرصة للمتقدمين، وهناك لجنة قيد عليها الفحص والتدقيق في المتقدمين للحصول على عضوية نقابة الصحفيين، وهي تملك الحق في استبعاد غير المستحقين للعضوية”.
من ناحيته، قال الزميل إبراهيم موسى، رئيس تحرير جريدة “اليوم الجديد”، إحدى الإصدارات المتقدمة للحصول على “التكويد”، إن الجريدة قدّمت أوراقها للحصول على “التكويد” منذ الفترة التى كان فيها الكاتب الصحفى هيثم الشيخ، رئيسًا للتحرير، قبل أن يُعيّن نائبًا لمحافظ الدقهلية.
وأضاف “موسى” في تصريحات لـ”إعلام دوت كوم“، أن المؤسسة استوفت جميع الشروط، وقدمت الأوراق المطلوبة، وأنّه بعد تعيينه رئيسًا لتحرير الجريدة خلفًا لـ”الشيخ”، علم أنه كان من المفروض أن يكون المرور على “اليوم الجديد” من قبل لجنة “التكويد”، في نهاية يناير الماضي، ولكن هذه الزيارة لم تتم، والموضوع توقف.
وتابع: “قدمنا كل الأوراق المطلوبة، ومستعدون لأية مطالب مالية أخرى، لكن أنا مش شايف ما يستدعي إيقاف كل هذه الصحف، والتسبب في إحباط الشباب بها، عليكم زيارة المقرات، روحوا شوفوا الهياكل التحريرية والإدارية لها، وعليه يُحسّم ملف التكويد”.
وبشأن الحديث عن الأزمات الحالية للصحف وبين تعطيل ملف “التكويد”، أكد “إبراهيم” أن هذه “حجة”، وما نراه أنه لا توجد خطوةٌ فعليةٌ من مجلس النقابة لتكويد الصحف، متابعًا: “عندي ناس مفحوتة من 2014، وعملوا أسامي، ليه نعطل ناس بتعافر، فيه ناس بتدخل بعد 6 شهور عمل، ومن جرائد كبيرة، ولا الناس دي علشان ملهاش ضهر تنضرب على بطنها”.
وفى ما يخص الربط بين الجرائد المتقدمة لـ”التكويد”، وبين الكيانات التى قد تطلب مبالغ مالية لإلحاق المتدربين بنقابة الصحفيين، قال “إبراهيم” : “النقابة عليها شطب أي رئيس تحرير يتورط في هذه الوقائع، هؤلاء يسيئون إلى صورتنا”.
نرشج لك: الصحفيات يسألن.. وفاطمة خير تجيب (1)