محمد إسماعيل الحلواني
لجأ موقع “فيسبوك”، مؤخرًا، لإضافة عدة وسائل لمساعدة مستخدميه على أن يصبحوا أكثر وعيًا بما يقرأون، وتأتي هذه الإجراءات في أعقاب تعرض الموقع لانتقادات واسعة بسبب الكم الهائل من المعلومات المضللة والخاطئة التي تنشر عبر منصته.
ويجرب “فيسبوك”، عدة حلول من بينها الاستعانة بشبكة من مدققي الحقائق التابعين لشركات صحفية واستقصائية خارجية، والسماح لهم بوضع علامات على المقالات التي يتضح لهم عدم صحة المعلومات التي تحتويها.
دراسة تشير إلى العكس
من المنطقي إذا كان هناك خطأ ما فلا بد أن يُبلغ المستخدمون بهذا الخطأ، ولكن دراسة جديدة صدرت الأسبوع الماضي توصلت إلى أن هذه التدخلات ذات جانب سلبي كبير.
وتشير الدراسة التي أجراها فريق من الأكاديميين ضم كلاً من جوردون بينيكوك، وآدم بير، وإيفان كولنز، ويفيد راند، إلى أن العلامات التي توضع لتمييز المعلومات المضللة ينتج عنها ما أطلق عليه الباحثون مصطلح “تأثير الحقيقة الضمني”؛ أي أنه عندما يتم تصنيف بعض المنشورات على أنها “تم التحقق منها” و”خطأ”، سوف يعتقد مستخدمو موقع التواصل أيضًا أن المحتوى الذي ترك بدون تصنيف خضع للتدقيق والتحقق منه بشكل صحيح وموثوق.
من جانبه، قال ديفيد راند، الأستاذ المساعد في العلوم الإدارية وعلم الدماغ والعلوم المعرفية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، New York Intelligencer الأمريكية عبر الهاتف: “هذه مشكلة كبيرة، لأن التدقيق في المعلومات مهمة تنفذ بقدر من الصعوبة والبطء، في حين أن إعداد الأخبار المفبركة سريعة وسهلة، فلا يكاد مدققو الحقائق يفرغون من التحقق من جزء صغير من المحتوى السيئ المنشور على فيسبوك حتى تظهر أدلة أخرى على وجود المزيد منها، وفي حالة اللجوء إلى وضع تحذيرات على بعض العناوين المفبركة والكاذبة، فإن المستخدم سوف يظن أن بقية العناوين منضبطة، والخطورة تكمن في إغفال وجود معلومات كاذبة أخرى لم يتم تدقيقها بعد”.
تابع، أنه لم يفاجأ بشكل خاص بنتائج الدراسة التي شارك فيها وأضاف: “أعتقد أن الشيء الذي وجدناه مدهشًا هو أن أحدًا لم يشر إلى ذلك من قبل، ولكن مصطلح تأثير الحقيقة الضمني هو في الواقع مفهوم عقلاني ومعقول تمامًا”.
ولفتت الدراسة إلى أن الكثير من المعلومات الخاطئة التي تطفو على السطح في منشورات فيسبوك تحركها دوافع سياسية أو تجارية ولكن الدراسة وجدت أنه على عكس الحكمة التقليدية، فإن علامات التحذير والملصقات التي توضع على الأخبار المفبركة العارية عن الصحة جعلت شكوك المستخدمين تنخفض في الأخبار التي ليست عليها علامات ولكنهم أيضًا أقل احتمالًا في مشاركة عناوين خاطئة.
بغض النظر عن صحتها.. الايديولوجية تلعب دورًا مهماً في المشاركة
ووفقًا لـ”راند”: “عندما رأى مستخدمو “فيسبوك” التحذيرات الكاذبة على العناوين الرئيسية التي تتماشى مع أيديولوجياتهم وقناعاتهم، كان للتحذير تأثيرًا أكبر بكثير مما كان عليه عندما وضعت العلامات على العناوين التي لا تتماشى مع الأيديولوجية الشخصية”.
تابع: “إن تأثير الحقيقة الضمني ذو معنى بديهي، ويشكل تحديًا لكل منصة تفاعلية كبيرة، ففي نهاية هذا الأسبوع فقط، وضع تويتر علامة على مقطع فيديو نشره مدير وسائل الإعلام الاجتماعية في البيت الأبيض دان سكافينو، وأعاد تغريده الرئيس ترامب، على أنه محتوى تم التلاعب به”.
أضاف: ” هذا النوع من التدخل وضع المنصات الكبيرة في مأزق لأنها تعمل على نطاق واسع وتنشر المحتوى بسرعة لحظية لا يمكن أن تتماشى مع إيقاع تنفيذ مهام فحص المعلومات الذي يجابه فيه المسؤولون طوفان من المحتوى الذي يصنعه المستخدمون مما يجعل من المستحيل التحقق من كل شيء”.