تركنا صناعة السينما المصرية تنهار أمام قنوات “بير السلم” فجاء الدور سريعا على مسلسلات رمضان، القنوات التي يعرفها السوق بانها من فئة C تنوى الإجهاز تماما على صناعة الدراما في مصر بعدما هددت إلى حد كبير صناعة السينما، بعدما تركتها الحكومة لتكبر وتزدهر وتحقق أرباحا ولجأ إليها المعلنون الكبار مؤخرا بعد التأكد من تحقيقها لنسب مشاهدة عالية في مجتمع من المستحيل اقناع أفراده بعدم مشاهدة قنوات تسرق مجهود وإبداع الأخرين، بالتالي المعلن يذهب وراء مصلحته، وإعلانات لنجوم كبار كرجاء الجداوي بدأت تظهر بكثافة على هذه القنوات وبدأ “كواليتي” الإعلانات نفسه يتطور فيما الأسعار لاتزال منخفضة الأمر الذي يضع القنوات الكبيرة أو فئة A في مأزق كبير خصوصا في ظل استمرار عملية عدم تنظيم السوق وعدم الإلتزام بالعقود وزيادة الثغرات التي تدخل منها هذه القنوات للحصول على المواد السينمائية والآن على المسلسلات الدرامية، بداية ظهور الفيروس الأخير جاء من قناة جديدة انطلقت في أبريل الماضي يملكها واحد ممن استغلوا قنوات” بير السلم” للتجارة في الأعشاب، حيث أعلنت هذه القناة عن عرض المسلسلات بدون فواصل وذلك حتى تجتذب فئة من الجمهور لم يكن لها أن تعلم بوجود القناة وتقوم بضبط ترددها واضافتها للمفضلة، يحدث هذا لأن هذه القنوات تشتري المسلسلات بثمن بخس من المنتجين على أساس أنها قنوات “مش متشافة” ولا يمانع أصحاب القنوات الكبيرة من وجودها ضمن حزمة القنوات التي تعرض هذا المسلسل أو ذاك خصوصا وأن قواعد العرض المتزامن تسمح بالبيع لأكثر من قناة دون شروط، وبما أن المعلن لم يعرف طريقه لهذه القناة بعد، فعندما يشتري مسلسل 30 حلقة بـ 300 ألف جنيه فقط ويعرضه بدون إعلانات مقابل التفات الجمهور للشاشة فهو المستفيد بالقطع، وهنا لا يمكن لوم المنتج الذي يبيع بهذا الثمن لأنه أيضا يريد الحصول على أكبر قدر من الدخل لتحقيق فائض ربح، أما مرحلة انتشار الفيروس فبدأت قبل يومين عندما أطلقت عدة قنوات أخرى من تلك التي لها باع مع سرقة الأفلام تنويهات بأنها ستعرض مسلسلات جديدة في رمضان لم تشتريها أصلا، من بينها مسلسل “أستاذ ورئيس قسم ” لعادل إمام، وهو التنويه الذي أثار الذعر في سوق الفضائيات المصرية، لأنه يعني بوضوح إما أن هناك من سيسرب الحلقات أولا بأول لهذه القنوات أو أنها ستقوم بتسجيلها من القنوات التي حصلت على حق العرض الشرعي ثم تعيد عرضها مع التغطية على لوجو القناة المسطو على حقها، الأمر الذي قد يفيد فقط نجوم هذه المسلسلات لأنهم سينتشرون على كل القنوات، لكن يضر بشدة القنوات المصرية التي ستتأثر سلبا من ناحية جلب الإعلانات، وخصوصا التي حصلت على حقوق العرض الحصري أي دفعت مبالغ كبيرة للمنتجين، بالتالي قد لا يستطيعون دفع المستحقات الواجب سدادها للمنتج الذي سيتراجع طبعا عن الإنتاج في الأعوام المقبلة لتنهار الصناعة بالتدريج تحت وطأة تضخم قنوات C التي بالتأكيد لن تعدم موادا أخرى تسرقها وتعرضها بأي وسيلة لتستمر في حرق أسعار الإعلانات وجذب الجمهور خصوصا في المناطق الشعبية بينما الحكومة – كما مجالات أخرى – غائبة تماما عن المواجهة وتكتفي بالاجتماعات واللجان التي لا تثمر عن أي تحرك حقيقي بشكل يدعو للشك في أن هناك من داخل المنظومة من يستفيد من استمرار مافيا هذه القنوات وإلا لماذا يصمتون عليها كل هذا الوقت ؟