عمرو عبد الحميد: وزير موديل 67

من أكثر الأشياء الممتعة في العمل الإعلامي التحضير للحوارات الخاصة، يتساوى في ذلك أن يكون الضيف مطرباً شعبياً أو وزيراً أو رئيساً للجمهورية!.. بالنسبة لي جميعهم سيان.. فى البداية أدرس شخصية الضيف جيداً، وأصل من خلالها إلى المفاتيح التي تساعدني في اختيار الطريقة المثلى لإدارة الحوار.. أهتم باللمحات الإنسانية وأتوقف بعناية أمام تصرفاته وردود فعله لأفهم هل هو صبور؟.. غضوب؟.. متوتر؟.. مرح؟!.. العديد من الزملاء يظنون ذلك بلا فائدة، ويعتقدون أن الأفضل دراسة التصريحات السابقة للضيف.. بالطبع كل شيخ له طريقة!.. بالنسبة لي أستفيد كثيراً من الصورة التي أرسمها لضيفي قبل لقائه، لكني لا أسعى أبداً إلى الإمساك باللحظة التي يقرر فيها ترك الاستديو!.. حدوث ذلك يعتبره كثيرون نصراً للمذيع.. ستكتب المواقع الإلكترونية وصفحات الفضائيات في الصحف، وسيشارك الآلاف في تبادل مقطع الخروج الغاضب، وتلك هى ذروة نجاح الحوار وفق حسابات هؤلاء التي تبدو- للأسف الشديد- رائجة جداً في الوقت الراهن!

مناسبة هذا الكلام تعليق سمعته من أحد الأصدقاء، بعد مشاهدته لحواري مع د. ممدوح الدماطي، وزير الآثار، في برنامج (البيت بيتك) في ٢ يونيو الجاري.. قال لي: ليتك منحته الفرصة لينفذ تهديده بترك الاستديو!.. كان الصديق يعلق على تهديد كرره الوزير أكثر من مرة بعدم استكمال الحلقة!

منذ اللحظة الأولى فهمت أن ضيفي من النوع المتوتر، الذي يسهل استفزازه.. مثل هذا الضيف يصبح لقمة سائغة!.. ذلك أنه يعتبر الحوار خناقة في حارة شعبية عليه أن ينتصر فيها أمام الأهل والجيران، وهنا يكتبُ هزيمته قبل أن يظهر تتر البرنامج على الشاشة!.. كنت قد شاهدت مقاطع من حوارات سابقة للوزير الدماطي اقتنعت بعدها أن من اختاره لتولي الوزارة قد ظلمه بشدة!.. كان يبدو أمامي عصبياً، ناقماً على البرنامج الذي فتح ملفات الإهمال والتخريب والتهريب في وزارة الآثار!.. لم يُقصر في توزيع الاتهامات يميناً ويساراً على كل من اعتبرهم يتآمرون عليه داخل الوزارة وخارجها!.. بينما كانت اللامبالاة واضحة في إجاباته على الأسئلة المتعلقة بالمحنة التي تعيشها آثارنا، وكأنه لا يقدر المسؤولية الملقاة على عاتقه!.. ناهيك عن ردود باهتة تجاه تقارير لخبراء أثريين حول ما يجرى في متاحف عديدة من سرقات، حتى في ما يتعلق بنقل قطع أثرية نادرة لإقامة معارض فى الخارج، وما يمثله ذلك من خطورة عليها، بدا المسؤول الأول عن هذه الكنوز غير مدرك (بقصدٍ أو بدونه) للتداعيات السلبية لتلك القضية!

في سياق آخر توقف كثيرون مندهشين عند عبارات استخدمها الوزير مثل (القعدة هتحلو) و(عايز تلاعبني دومينو؟!).. لم أشاركهم الدهشة.. اعتبرتُها محاولة غير موفقة من الدكتور الدماطي في التبسط!.. الحق أقول شعرت نحوه بالشفقة، لكن ما أدهشني وأفزعني هو إصراره على تقديم نفسه كوزير موديل سنة ٦٧.. وتحديداً عندما انتقد باستهجان دور البرنامج في فتح ملفات الآثار!.. سألني على الهواء مباشرة وبلهجة متهكمة: هل هذا دوركم؟!.. هل أصبحتم (مجلس الشعب)؟!.. هكذا تحدث وزير في حكومة جاءت بعد ثورتين شعبيتين، ولسان حاله يقول: ليس من صلاحيات الإعلام الاقتراب من قضايا الإهمال والفساد!.. ربما فاته أن يتهمنا بتشويه صورة مصر، وبالتأثير سلباً على معنويات الشعب فى معركته ضد أعداء الوطن!.. وما زاد الطين بلة هجومه على البرنامج متهماً العاملين فيه بعدم المصداقية وبالبعد عن المهنية!.. بالتأكيد كان الوزير سيجد (البيت بيتك) أفضل البرامج لو لم نتعرض لما يجرى من إهانة لتاريخنا على يديه!.. لو قلنا إن آثارنا في أحسن حال، كان سيعتبرنا النموذج الأمثل للإعلام الهادف!.. باختصار: الحظ السيئ للدكتور ممدوح الدماطي جعله وزيراً في حكومة المهندس إبراهيم محلب منذ عام ٢٠١٤.. ربما لو عادت عجلة الزمن إلى الوراء ٤٨ عاماً لكان الدماطي الرجل المناسب في حكومة اللواء صدقي سليمان!

نقلاً عن “المصري اليوم”

شاركنا الرأي حول المسلسل الذي يتصدر قائمة اهتماماتك في رمضان المقبل بالضغط هنا

اقـرأ أيضـاً:

صاحب رؤيا “رجل دعا على السيسي شل لسانه”: كان هدفي ردع الإخوان

محمد صبحي: نساء مصر في 22 مسلسل “عاهرات”

أسامة كمال عن “شفيق”: رجل شجاع ووطني

الدسوقي رشدي للداخلية: يعني إيه تكدير؟

 مذيعون “صدي البلد” يقدمون “على مسئوليتي”

 لماذا اعتذر رامز جلال لكيم كارداشيان؟   

.

تابعونا عبر تويتر من هنا

تابعونا عبر الفيس بوك من هنا