من المميزات القليلة جدا لفصل الصيف وزحامه في الإسكندرية الوقت الطويل الذي أقضيه مع الأولاد في السياره في انتظار الفرج المروري، حيث أن مقابلاتنا بالصدفة في المنزل لا تحوي سوي السلام ثم الاختفاء سريعا كل في غرفته خلف محموله الذكي.
وأثناء أخر مشوار لا ينتهي بسهولة تطرق الحديث بيننا عن ضيق الأولاد من “الزبالة” إلي موضوع “النظافه الشخصية” بين أفراد الشعب المصري و هل هو طبع أم تطبّع أم أنّه يدخل تحت بند الذوق العام الذي انحدر كثيرا ليطال الجمال البصري والسمعي فلماذا لا يطال الحواس الأخري كالشمّ أيضا!
وبعد قول ما تيسر لتجميل الصورة سرحت قليلا و نحن علي أعتاب شهر رمضان المبارك حيث سننقسم جميعا إلي أربعة أجزاء لمتابعة الدراما وبرامج المقالب وبرامج الفتاوي و برامج الطبخ بعد أن استهلكنا زمنا ليس بالقليل في الأعوام التي تلت الثورة في مطاردة البرامج الحوارية التي تطلّ علينا شارحة ما يجب و لا يجب أن يفعله المسئول والسياسي والمنظّر والناشط والحقوقي متناسية تماما ما يجب أن يفعله الإنسان.
فمع وصول ساعات الإرسال التليفزيوني لآلاف الساعات يوميا ومع غياب هذا العنصر تماما من مدارسنا وجامعاتنا لم أعثر في ذاكرتي علي برنامج توعوي واحد يشرح لنا أهمية النظافة الشخصية و كيفيتها مثلا، و لم أتذكرشيخا واحدا ذكر بين فتاواه الكثيرة أن سوء رائحة الجسد أو الفم مناف لتعاليم الدين. و الأكثر من ذلك لم أجد سائلا واحدا من بين السائلين عن الحواجب و اليد اليمني و طلاء الاظافر و هل يسكن الجن الانسان يسأل عن حكم ايذاء الناس بقلة النظافه الشخصية.
وتذكرت نجاح حملة “إدي ضهرك للترعة” في انحسار مرض البلهارسيا منذ سنين و فشل حملة “حسنين و محمدين” لأن شيوخا كثيره حتي يومنا هذا يفتون بحرمانية تحديد النسل.
و للمتحججين بقلة الامكانيات المادية أقول و لماذا خرجت برامج الطبخ علينا بما يمكن عمله بأقل الامكانيات و برامج الموضة بما يمكن ارتداؤه بأقل الأسعار و تناسينا تماما ايجاد طرق رخيصه و مناسبه للحفاظ علي النظافه الشخصيه و حسن الهندام؟
أتذكّر جيدا منذ أسابيع قليله ما لاقاه الصديق العزيز و الشاعر الكبير أشرف توفيق من ويلات و اتهامات بعدم الاحساس بمعاناة الفقراء عندما قرر علي صفحته الشخصيه أن يطلب من راكبي المترو مراعاه النظافه الشخصية رحمة بالزملاء المجاورين له في حين أنه كان يطالب بمنتهي الذوق و ببساطه حقه الشخصي في “الحياه” داخل المواصله العامه.
ربما لا يعني الموضوع لك كثيرا عزيزي القاريء اذا ما قارنته بمشاكل البلد الحقيقية و سيكون ردّك “يا عم احنا في ايه و انت في ايه” و لكني أراه مدخلا مهما لفرض مباديء الحب و الخير و الجمال التي لا يرتقي أي مجتمع الا بالتركيز عليها
وإلي أن يتم فرض باب “وجوب الاستحمام” في الدستور أو أن يطالعنا التليفزيون ببرنامج ” كيف تراعي حق الاخرين في شمّ كل ما هو جميل” أدعوكم جميعا للوقوف دقيقة حداد علي حال نظافتنا الشخصية بشرط أن يكون وقوفك بعيدا عن أي تجمّعات.