“إيتزيار إيتونو” الممثلة الأسبانية، التي لعبت دور البطولة النسائية الأول، في المسلسل الأسباني الأشهر على شبكة نتفليكس / Money heist la casa de papel ، كانت محظوظةً للغاية بأن عرفها العالم من خلال دور “راكيل”، تلك المرأة التي حصدت إعجاباً وضعها في مصاف النجمات الأكثر شهرة، من خلال مسلسل على منصة رقمية، حتى أنها أصبحت من النجوم الغربيين الأكثر شهرة لدى المشاهدين العرب.
راكيل هي امرأة اختارت حياة تبني فيها مساراً مهنياً مميزاً، فهي المحققة الأمهر التي يتم اللجوء إليها لحل معضلة أمنية خطيرة وحساسة وعلى قمة أولويات الرأي العام؛ فقط بسبب مهارتها وتميزها، لكنها في الوقت نفسه، المرأة المعنفة، التي لم يستطع القانون أن يحافظ على حقها ويحميها من زوجها السابق ووالد ابنتها.
نرشح لك: الصحفيات تسألن.. وفاطمة خير تجيب (1)
هي امرأة تعمل في مهنة شديدة الصعوبة لكنها في الوقت نفسه تحارب في بيئة مهنية لاتعترف للنساء بكامل أهليتهن، هي محققة ومفاوضة من الدرجة الأولى لكنها تحمل هم رعاية ابنتها الصغيرة كأي أم، وتريد حمايتها من أب عنيف ومحاولات زوجته للاستحواذ على الفتاة الصغيرة إرضاءً للأب، ومع كل هذا ترعى والدتها التي يزحف إليها مرض الألزهايمر، كانت راكيل في ذلك التوقيت من حياتها أبعد ما تكون عن الحاجة لمواجهة دهاء “البروفيسور” شديد الذكاء وقائد فريق إجرامي فريد من نوعه ويدين له بالولاء؛ لكنها في الوقت نفسه إنسانة جديرة بالتحدي والمواجهة فهي جسورة إلى أبعد مدى.
كل ما خططت له راكيل للمواجهة، لم يضع في حسبانه حسابات أُخرى قد يضعها القدر لأسباب لا نعلمها فتأتي نتائج أيضاً لا نتوقعها؛ تماماً مثلما حدث للبروفيسور، الذي رسم خطة اقتحام وسرقة شديدة الإتقان، احتاجت لسنوات طويلة كي يتم رسمها بهذا الشكل، وشهور طويلة كي يدرب فريقه الإجرامي عليها بهذا الإتقان، لكنه أيضاً لم يضع في حسبانه أحداث خارج حسابات العقل: الوقوع في الحب!
نرشح لك: الصحفيات يسألن.. وفاطمة خير تجيب (2)
يبدو من العبث تماماً أن يحل الحب في هذهِ اللحظة ضيفاً مفاجئاً يعرف حقوقه ويصر عليها؛ لكنها في الحقيقة حسابات القدر ليرسم المسارات كيفما يريد لا كما يتوهم أصحابها بأنهم قد امتلكوا المصائر والمسارات!
يقع كليهما في حب بعضهما البعض..راكيل والبروفيسور، المفاوضة الأمهر والمحققة الأشهر يخونها ذكائها، تظل طوال الوقت بجانب اللص المراوغ الذي تبحث عنه بل في أحضانه بمعنى أصح، لكنها لا تكتشف ذلك إلا متأخراً، يدفعها ذكائها كي ترى الحقيقة المُرة فتقرر الثأر لكرامتها المهنية لكن بعد فوات الأوان، فإحساس الأنثى الذي استيقظ كان قد استلم قياد المحققة الصلبة، كما أن أمرها انكشف لزملائها في الوقت نفسه، فتبدو كمتواطئة لا كضحية للحظة درامية بالدرجة الأولى.
في خضم كل ذلك تحارب راكيل لأجل الاحتفاظ بابنتها، ورعاية والدتها التي تتمنى كأي أم أن تراها مع رجل يؤنس وحدتها، وتفرح بوجود رجل في حياتها لكنها لاتعرف أنه سيكون السبب في تغيير مسار حياة ابنتها للأبد.
تعاني راكيل من موقف صعب وشديد التعقيد، فهي مهنية تواجه المنافسة ثم تصبح متواطئة وخائنة ومجرمة في نظر زملائها، واستطاع زوجها السابق أن يستغل الموقف ويسلب منها ابنتها، وهي امرأة أحبت أخيراً بعد فترة جفاف عاطفي طويلة، لتكتشف أن حبيبها هو عدوها اللدود، بل هو لص بلا جدال.
وفي تطور دراماتيكي تختار راكيل أن تسير وراء حدس قلبها، فتجد حبيبها الذي نجا بدهائه هو وفريقه من الوقوع في براثن الشرطة، كانت قد خسرت عملها وابنتها، وأصبحت وحيدة، إلا أنها لن تصبح كذلك بعد أن دلها قلبها وعقلها للقاء البروفيسور، الذي ترك لها خيطاً خمن أنها تستطيع الوصول إليه من خلاله، وقد صدق تخمينه كالعادة، لكن المفاجأة أن تتحول المحققة إلى صفه لتنضم إلى فريقه الإجرامي، صحيح أن السياق الدرامي يمنحها مبرراً كي يصبح ما تفعله ذو تبرير على الأقل من جانبها؛ إلا أنه في الحقيقة فإن شخصية راكيل اختارت أن تكون بجوار رجل استطاع أن يحتوي قلبها وعقلها..ووحدتها، بذكائه ومشاعره الحقيقية وباحتياجه هو أيضاً لشريك على القدر نفسه من الذكاء العقلي ومن الوحدة العاطفية.
نرشح لك: الصحفيات يسألن.. وفاطمة خير تجيب (3)
المرأة التي كانت تنفذ القانون أصبحت خارجة عليه، بل ومطاردة أيضاً، ويقود فريق مطاردتها امرأة أكثر منها شراسة! أصبحت راكيل في منطقة أخرى من الحياة، لكنها تعيش أحلى أيامها مع حبيبها، فهل هذا يكفي كي تكون سعيدة؟
لقد وُلِدت من جديد في عالم غريب عليها ومخالف لكل ما كانت تؤمن به، لكنها مع شريك تتفاهم معه، وفي الوقت نفسه يطاردها أعداء كانوا يغارون من نجاحها، لكنها تختار أن تستمر.
يحدث هذا فقط حين تحب المرأة، فهي تتغير ربما 180 درجة، يكون الحب دافعاً حقيقياً للتغيير ..فقط حين يكون حقيقياً، حينها يمكن للمرأة أن تبدأ من جديد.