مع اجتياح تنويهات البرامج والمسلسلات الرمضانية والتي سيتم عرضها علينا في أيام رمضان الثلاثون والتي لا تكفي لعرض هذا الكم الهائل من المنوه عنه إلا إذا أصبح اليوم إكس لارج يتسع لمتابعة كل ذلك المعروض والمتنافس على كعكة الإعلانات لا غير. وإن تم تكبير وتضخيم ساعات اليوم لتكفي لمتابعة ذلك الكم فلن تتم متابعة كل شيء، فهناك الكثير من الغث وقليل من السمين.
اتأمل ذلك وأعود بذاكرتي إلى أيام طفولتي فلم يكن كل هذا موجوداً فكان اليوم في رمضان يمر بسلاسة ما بين الاستماع لبرامج الشرق الأوسط الخفيفة قبل الإفطار والمسلسل الإذاعي بعد آذان المغرب ونستمع إليه على مائدة الإفطار ومن بعده نسرع لمشاهدة فوازير نيللي ومن بعدها بسنوات فطوطة (سمير غانم) أو شريهان في زمن لاحق، ثم مسلسل أو مسلسلين كحد أقصى وهو ما كان متاحاً وقتها في قناتين لا ثالت لهما. بداية من مسلسلات كصيام صيام للرائعين عبدالمنعم مدبولي ويحي الفخراني وسامح الصريطي وأول ظهور لآثار الحكيم ثم توالت في الأعوام التالية المنافسات الدرامية لتبغ ذروتها في مسلسلات أسامة أنور عكاشة ومحمد فاضل وحسين عبدالحافظ في روائع مثل الراية البيضا ، المال والبنون، رحلة ابوالعلا البشري، أرابيسك، زيزنيا، وليالي الحلمية بأجزائها الخمسة، ولمبدعين آخرين في مسلسلات مثل رأفت الهجان، ودموع في عيون وقحة. والكثير من البرامج التي ما زالت أجيال كثيرة تتذكره مثل سلسلة فوازير عمو فؤاد، وبداية الكاميرا الخفية والتي كان يقدمها فؤاد المهندس وينفذها اسماعيل يسري.
لاحظ معي أن كل ما تذكرته يقع في خانة الإبداع المتميز، أما ما كان يندرج تحت فئة مسلسلات السبوبة وبرامج النحت فلم ولن يتذكره أحد، مع العلم أن تلك الفئة لم تكن موجودة بشكل بارز كما يحدث الآن. مع اتساع سوق وسائل العرض واحتدام المنافسة على كعكة الإعلانات أصبح الطلب أكبر من المعروض لفترة ما مما جعل ما يتم انتاجه من محتوى ما هو إلا تعبئة للوقت بأي محتوى كان على أن يتوج بأسماء قد يكون لها بعض الصدى لدى المتلقي، أما حقيقة الأمر فهذا ما هو إلا ابتذال وسوء استغلال للمتلقي، ولقد أضحى هذا التوجه من أصحاب الأموال أو مقترضيها للدخول في عالم الانتاج لا يمكن التعبير عنه إلا بمقولة السوقة والدهماء “الابتذال ملا الشوال يا امتثال”.