أحمد عدلي
قبل أقل من شهر، خرج رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون للبريطانيين متحدثاً عن فيروس كورونا، وطالبهم بالاستعداد لفراق أحبائهم بسبب الفيروس الرئوي القاتل الذي لم يتم اكتشاف علاج له حتى الآن، لكن الصدمة التي سببها جونسون للبريطانيين بسبب حديثه الصريح عن انتشار الفيروس لم يكن أكثر المتشائمين يتوقع أن تطاله هو شخصيا.
مناعة القطيع
على عكس ما جرى بعد ذلك، أراد بوريس جونسون اتباع سياسة مناعة القطيع في التعامل مع الفيروس، استنادا إلى رأي علمي بأن الاستمرار في العمل وتحمل نسب الإصابة والوفيات سيضمن استمرار عجلة الإنتاج، ويضمن لبريطانيا استمرار الحياة بطبيعتها، مع فقط سقوط بعض الوفيات ممن لا تستطع مناعتهم تحمل المرض.
استند جونسون إلى رأي علمي يقول إن المتعافي من المرض لن يعُد إليه مجددا، وهو رأي ثبت خطؤه بعد فترة في عدة حالات حول العالم، فيما كان لافتا عدول جونسون سريعا عن سياسة مناعة القطيع والاتجاه نحو الاقفال للمساعدة في تحقيق التباعد الاجتماعي والعزل المنزلي.
عدم التزام بالإجراءات
لم يلتزم رئيس الوزراء البريطاني بالإجراءات الاحترازية التي تم اتباعها من أجل الحد من انتشار الفيروس، فكان حريصا على المصافحة باليد وهو ما أرجعه إلى أن المهم هو غسل اليدين وليس التوقف عن المصافحة، فيما تعرض لانتقادات حادة من أطباء بسبب هذه التصريحات التي أدلى بها قبل شهر تقريبا للقناة الرابعة البريطانية.
وصافح جونسون عددا من مرضى كورونا في إحدى المستشفيات البريطانية يوم 3 مارس، أثناء زيارته لهم لمتابعة الوضع الصحي داخل المستشفى أثناء تلقي العلاج.
تحدي للمرض
تعامل جونسون مع فيروس كورونا بصيغة التحدي، فصاحب الـ55 عاما كان حريصا على تأكيد استمراره في العمل حتى بعد اعلان اصابته بالفيروس، حيث حرص على رئاسة اجتماع الحكومة والظهور للمواطنين بفيديوهات عديدة من منزله لكن ظهر بشكل واضح الإرهاق عليه بصورة أكثر من أي وقت مضى.
وواصل رئيس الوزراء البريطاني تحدي المرض بالتأكيد على استعداد الاقتصاد البريطاني لتحمل تبعات انتشاره، بالإضافة إلى زيادة الطاقة الاستيعابية بالمستشفيات، في وقت حذّر فيه من انتظار الأسوأ، مع تزايد حالات الإصابة والوفيات خلال الأيام الأخيرة قبل إدخاله للمستشفى حيث نقل بعد يوم واحد إلى غرفة العناية المركزة ليبقى قيد أجهزة التنفس الصناعي.
معركة الحسم
خاض رئيس الوزراء البريطاني معارك صاخبة داخل وخارج بريطانيا، بداية من معركة خلافته لرئيسة الوزراء السابقة تريزا ماي، مرورا بالمفاوضات الماراثونية مع نظرائه الأوروبيين؛ للاتفاق على آلية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وصولاً إلى الانتخابات البرلمانية المبكرة التي مكنته من تسهيل تمرير اتفاق بريكست، بعدما حاز فيها على الأغلبية، ليصل اليوم إلى التحدي الحاسم في حياته مع الفيروس التاجي؛ إما أن ينتصر عليه ويعود لمواصلة قيادة بريطانيا، أو يخسر معركته الأخيرة.