إسلام وهبان
على الرغم من اهتمام الكثيرين بالجائزة العالمية للرواية العربية، أو ما تعرف بالبوكر العربية، لما تقدمه من قيمة أدبية ومادية، إلا أنه ومع الإعلان عن قوائمها الطويلة والقصيرة لكل عام، يثار الجدل في الأوساط الثقافية حول اختيارات لجان التحكيم، وتطرح التساؤلات حول آليات الاختيار وميول وأهواء لجنة التحكيم، والاعتبارات السياسية للمسابقة، وما تقدمه من للأدب العربي.
من الطبيعي ألا يتفق الجميع على رأي واحد أو على اختيار بعينه، خاصة وأن العمل الأدبي هو لون من ألوان الفنون التي يختلف عليها البشر باختلاف أذواقهم وثقافاتهم، لكن في السنوات الأخيرة زادت الانتقادات حول جائزة البوكر العربية، وانتقاد عدد كبير من النقاد والكتاب للأعمال الفائزة بالجائزة وآليات الاختيار، فضلا عن تشيكل واختيار لجان التحكيم نفسها.
نرشح لك: أقوى 10 قنوات للبوكتيوبرز على اليوتيوب
– انتقادات حول الأعمال الفائزة وكيفية ترشيحها
ففي العام الماضي أثار فوز الكاتبة اللبنانية هدى بركات بجائزة البوكر عن رواية “بريد الليل” ضجة كبيرة في الأوساط الأدبية، ليس فقط لرؤية البعض أن الرواية لا ترقى للفوز بالجائزة الأهم عربيا، ولا لوجود أعمال أكثر جودة في القائمة القصيرة، لكن لطريقة دخول الرواية المسابقة حيث طلبت لجنة التحكيم من دار نشر الرواية ترشيحها وإدخالها ضمن قائمة الروايات التي تتنافس على الجائزة، وهو ما جعل هناك علامات استفهام حول هذا البند من لائحة الجائزة الذي يتيح لأعضاء لجنة التحكيم طلب إدخال رواية لم تكن قد تقدمت للمسابقة من قبل دار النشر، ومخاطبة دار النشر لترشيحها، ومدى تأثير ذلك البند على عدالة المنافسة وعدم الانحياز لعمل بعينه.
لم يتعلق الأمر فقط برأي النقاد بل وصل إلى الكتاب الذين وصلوا إلى القائمة القصيرة وتشكيكهم في نزاهة القائمين على الجائزة، وذلك ما فعلته الكاتبة العراقية إنعام كجه جي والتي وصلت روايتها “النبيذة” عام 2019، للقائمة القصيرة، لكنها رفضت حضور حفل الإعلان الفائز بعد تسريبات بفوز رواية هدى بركات، لافتة إلى أنها ستقاطع الجائزة.
الغريب أن هدى بركات نفسها شككت في مصداقية الجائزة وكان تدعو لمقاطعتها، وقد ذكرت خلال حفل تكريمها في 2019، أنها كانت مقاطعة للجائزة ولا ترغب في الترشح لها لولا طلب لجنة التحكيم لدار النشر لترشيح “بريد الليل”، الأمر الذي تكرر مع كثير من الكتاب أمثال الجزائري سمير قسيمي، الذي أعلن فبراير الماضي، عدم مشاركته مرة أخرى بالجائزة واصفا إياها بأنها صاحبة ميول سياسية، وذلك بعد خروج روايته “سلالم ترولار” من القائمة القصيرة للجائزة.
– تشكيل لجان التحكيم
لجان التحكيم وتشكيلها أيضا لم يسلم من الانتقادات، خاصة مع وصول روايات لنفس جنسيات أعضاء لجنة التحكيم، أو انحياز لدول بعينها، مثلما انتقد الروائي الكويتي ناصر الظفيري، لجنة تحكيم الجائزة عام 2018 بعد وصول عملين فلسطينيين للقائمة القصيرة وفوز فلسطيني بالجائزة، مشيرا إلى أن ذلك يعود لتشيكل لجنة التحكيم واحتوائها على روائي فلسطيني، كما أن وجود بعض الأسماء أثار كثير من التساؤلات مثلما حدث مع الإعلامية ريم ماجد عضو لجنة تحكيم الجائزة هذا العام.
– آليات ترشح لا تدعم المنافسة
لم تقتصر الانتقادات على الأعمال الأدبية وآليات اختيارها وفوزها، بل وصلت الانتقادات إلى طريقة الترشح للجائزة، واقتصار المسابقة على دور نشر بعينها، وعدم قدرة دور النشر التي لم تصل أعمالها من قبل للقائمة الطويلة للجائزة من ترشيح أكثر من عمل روائي واحد خلال الدورة، وهو ما لا يسمح بدخول دور نشر وليدة إلى الجائزة بشكل قوي أو يساعد على التنافسية بين دور النشر. كذلك فإن الجائزة لا تصنع نجوما لها، أو تطرح أسماء جديدة للوسط الأدبي، فأغلب من فاز بالجائزة هم روائيون كبار ولهم سجل حافل من الجوائز والإنجازات الأدبية، وأصبح هناك تساؤلات حول إسهامات الجائزة الأدبية وما يمكن أن تقدمه من تجديد للدماء والأفكار ومواكبة التغيرات المستمرة في العالم العربي.
– هيمنة شبه الجزيرة العربية
من بين الانتقادات التي وجهت للجائزة هو انحيازها للقلم الخليجي ودول شبه الجزيرة العربية على حساب الدول العربية بقارة إفريقيا، فتجد أن 75% من الفائزين بالجائزة منذ دورتها الأولى في 2008 وحتى الآن من شبه الجزيرة العربية، كما أن تنحاز للرجال على حساب الأقلام النسائية فقد فاز ٩ رجال بالجائزة مقابل امرأتين هما هدى بركات عام 2019، وقبلها السعودية رجاء عالم 2011، كما وجهت انتقادات للجائزة بعدم فوز روايات مصرية منذ عام 2009، بفوز يوسف زيدان عن رواية “عزازيل”، رغم ما تحظى به الرواية المصرية من اهتمام في الأدب العربي.
نرشح لك: 100 كتاب ورواية يرشحها لك المثقفون للقراءة خلال حظر التجول