أحمد فتح الله: الإعلام في رمضان جرعة زائدة من الترفيه
كل شئ حين يزيد عن حده ينقلب للضد، وهذا ما يحدث تماما مع الترفيه في شهر رمضان، باتت كل القنوات تعتبر ان الترفيه هو الحل الوحيد وتوقفت تماما اي برامج تدعو الناس للتفكير أوتنشر بينهم تسامح وثقافة وعلم وتنوير..
وهنا لا اتحدث من زاوية دينية على الاطلاق بل فقط اطرح سؤالا لماذا بات الترفيه هو الاهتمام الوحيد لوسائل الاعلام طوال شهر رمضان؟ من اخبرهم انها السلعة الوحيدة التي سيتجاوب معها الناس؟
هناك نموذج مهم يثبت ان الترفيه ليس كل شئ، وهو برنامج خواطر الذي يقدمه احمد الشقيري، البرنامج لا يمكننا اعتباره برنامج ديني كما يعتقد البعض، بل هو برنامج تنويري يهدف لنشر العلم والثقافة بين الناس، البرنامج له جمهور ضخم وهذا واضح من العدد الكبير من معجبي البرنامج على الفيسبوك، كما تسعى شركات كبرى وعالمية للإعلان عبره وهو ما يعني ان جملة “الناس عايزة مسلسلات فقط في رمضان” غير سليمة وليست مبنية على احصائيات علمية.
من حق المشاهد ان يجد في القنوات الموجهة له اكثر من وجبة ليختار منها ما يناسب اهتماماته، مهم ان تعيد القنوات التفكير في خريطتها البرامجية، فالمسلسلات وبرامج المقالب ليست هي اهتمام البشر الوحيد، بل هي جزء من اهتمامات الناس، هناك اهتمامات اكثر يجب ان يجد اصحابها مساحة لهم طوال شهر رمضان.
اتمنى ان نجد قناة مصرية تبدأ التحدي وتقدم للناس خريطة مختلفة بها باقة من البرامج الثقافية والتنويرية والسياسية في رمضان الى جانب الوجبة المعتادة من المسلسلات وبرامج المقالب وبرامج الحوارات الفنية.
حين اطلعت على خريطة القنوات المصرية لشهر رمضان لم اتعجب.. كإنها خريطة العام السابق، خريطة اشبه بالوجبة الدسمة التي يمكن ان تصيب المشاهدة بتخمة او تسمم، خريطة خالية من اي ابداع في التوزيع وملئ المساحات.
هناك حملات حاليا ضد مشاهدة التليفزيون في رمضان بحجة ان يعطل الناس عن العبادة، وطبعا انا ضد هذه الحملات، لان في النهاية كل انسان حر ان يشاهد او لايشاهد الشاشات، لكن ما اطالب به هو خريطة موجهة لكل الاسرة، وتغطي ما يبحث عنه الناس، ولا تجعلهم يشعرون ان ما يقدمه التليفزيون في رمضان اشبه بحملة ضد الشكل الروحاني لهذا الشهر الكريم، وفي نفس الوقت يتم تقديم ذلك بشكل مميز جاذب للإعلانات.
واخيراً كل عام وكل الناس بخير، وحلمي ان نصل الى عام نجد فيه مائدة عامرة بكل ما يبحث عنه المشاهد.