فاطمة خير
شخصية سكر التي تلعبها الفنانة نيللي كريم، في مسلسل “100 وش”، استطاعت أن تقدم للفنانة النقلة التي احتاجتها لترسخ وجودها كممثلة قادرة على تقديم كل الشخصيات، ولتمنحها ميلاداً جديداً عقب غياب العام الماضي، وبعد مواسم متتالية قدمت فيها أدواراً متميزة لكنها تُصَنف كلها في خانة “النكد” الدرامي.
سكر..شابة جميلة، خفيفة الظل، لديها حضور،”إيديها خفيفة”، ذكية، وتملك ثباتاً إنفعالياً، وتلعب بالثلاث ورقات، خدمها جمالها كي تلعب دور النصابة، مع خلفية اجتماعية بسيطة وطفولة قاسية.
قد تبدو شخصية سكر تقليدية في الأعمال الدرامية، المرأة الفقيرة الجميلة، التي ترغب في الثراء، وتضحي بأمانها كي تنفق على أسرتها الصغيرة: والدتها وأختها، شخصية درامية تقليدية تجلب التعاطف عادةً، حيث تبدو كضحية لسياقات لم تكن طرفاً فيها، ربما يقسو عليها المشاهد إذا تجاوزت حدود تحقيق الحلم إلى الأذى والقسوة، وربما يحكم عليها بصفتها امرأة لا يجوز لها أن تتخطى حدود المسموح لها به في نطاق مجتمع يطلق أحكامه على النساء بصفتهن نساء في المقام الأول ثم يراهُن بعدها بطلات أو مجرمات، وسوى ذلك فإن هذهِ النوعية من الشخصيات الدرامية تجذب التعاطف غالباً لأنها في مرحلة ما من حياتها تكون ضحيةً للظلم؛ لكن سكر لم تفعل ذلك.
نرشح لك: فاطمة خير تكتب: راكيل.. المرأة تختار الحب ولو كانت أشهر المفاوضين.. نساء نتفليكس (1)
سكر هي الشخصية الدرامية التي تكتمل لها كل أسباب التعاطف في مرحلة ما، لكن عندما تجتمع المخرجة كاملة أبو ذكري مع نيللي كريم؛ فمن الصعب أن نرى على الشاشة امرأةً ضعيفة، وهذا ما كان .
سكر شابة جميلة، نشأت في ظروف قاسية، لم تتنكر لأمها وأختها، وقررت أن تعيشا في ظروف أفضل مما وجدت نفسها فيه، عملت مبكراً، تعرضت للخيانة من خطيبها، ولم يفت ذلك من عضدها في طريقها للمكسب المادي السريع والكبير، تحافظ على عملها الشرعي المُعلَن في محل الكوافير كمقلمة أظافر، بل أنها تستغل ذلك لتطلع على أخبار الثريات ومظهرهن، وتمارس في الوقت نفسه نشاطها كنصابة، تتقن خداع أصحاب محال المجوهرات، وحين تتعرض هي نفسها لعملية نصب من محترف استطاع أن يفك لغزها، لاتقابل ذلك بالهلع سوى في تلك اللحظات الأولى من وقع المفاجأة، ثم بكل جسارة وقدرة على التخطيط والتنفيذ، وبدهاء شديد، تستطيع الوصول للرجل الذي استطاع خداعها وفي وقت قياسي حتى أنه نفسه يُفاجئ بذلك، لكن المفاجأة الأكبر، حين ردت له الصاع صاعين “صَد رَد” على رأي المثل، وانتقمت لنفسها، فهي لم ترضى بأن تُغلَب، ليس هذا فحسب، فهي لم توجعه فقط وإنما صممت أن يرد لها ما أخذه ولم تتنازل، لم تتفاوض في أن تقبل بما يستطيع رده لها، لم تضعف أمام اعترافه بأنه لا يملك المال ولا يستطيع التصرف، وفي الوقت نفسه لم ترتبك حياتها، بل مارستها بشكل اعتيادي، تساعد أختها كي تبدو بمظهر يليق بشابة في عمرها، وتنفق على البيت، وتذهب إلى عملها الصباحي، كل ذلك وهي تتعرض لضغوط كبيرة وتهديدات من مرابي تتعامل معه كممول لعملياتها مقابل نسبة، بسبب خسارتها التي تسبب فيها عمر الشاب الذي احتال عليها، وكانت يجب أن ترد لممولها ما اقترضته.
سكر..هي نسخة عصرية جداً وواقعية للغاية للنموذج الدرامي الذي تحدثنا عنه، نموذج يناسب جداً كاملة ونيللي: المرأة القوية التي تملك زمام أمرها وتمسك بتلابيب الأمور لأقصى درجة، لاينفي ذلك أن لديها ضعفها..خوفها، وتحدياتها، لكنها في نهاية الأمر تقابل كل مشكلة باعتبارها تحدي سيوصلها في نهاية الأمر إلى الطريق الذي تبتغيه.
تقف سكر على أرض ثابتة وهي ترد ضربات الأيام، لصة متطلعة لا ترضى بالقليل، ذكية وسريعة البديهة، بلغة أخرى هي امرأة أعمال تمتلك كل المواصفات المطلوبة لذلك: مغامرة وتتقبل العثرات ..متطلعة وتعرف كيف تدير طموحاتها، وأعتقد أن بقية حلقات المسلسل ستحمل الكثير لهذهِ الشخصية، التي أتوقع أن تصنع تحالفاً مع الشاب الذي نصب عليها، كي تنفذ عملية احتيال كبيرة بدأت مقدماتها تتضح، لكنها “عملية العمر” بالنسبة لأي نصاب، فالمحلصة ستكون ملايين كثيرة، وسكر لديها القدرة على تكوين فريق وإدارته، والدخول في تحالفات حين يتطلب الأمر ذلك، وهو التطور الطبيعي لسيدة أعمال ناشئة..وطموحة.
سكر ستدهشنا بتطورها في الحلقات المقبلة، وستكون قادرة على انتزاع الإعجاب قبل الشفقة أو الازدراء، فهي جميلة ونشيطة، ذكية ومتطورة، مغامرة وقادرة على جذب الانتباه، كل ما يلزم لتشكيل امرأة شديدة الجاذبية..حتى وإن كانت لصة!
نرشح لك: فاطمة خير تكتب: ألينور..فرصة ثانية للنجاة في العالم الآخر فهل تنجح؟ نساء نتفليكس(2)