إياد صالح
في البداية هناك تعريفات مختلفة لمصطلح “المعايير القياسية” والذي يمكن توضيحه بأنه “مجموعة من التوقعات والمبادئ التوجيهية والقواعد التي تحكم العمل والتي يتم استخدامها بشكل متكرر لضمان الحصول على النتائج المطلوبة، وعادةً ما يتم وضع تلك المعايير قبل البدء في العمل من قبل الإدارة”.
لذلك فإن رصد تطور صناعة المسلسلات في مصر منذ عام 2000 حتى عام 2020، يشير إلى وجود تجربتين ملفتتين للانتباه، وهما يسرا ويحيى الفخراني، فوسط كل التغيرات التي طرأت على الصناعة على مدى عشرين عاما؛ فالاثنان نجحا في الاستمرار، حيث قدمت يسرا 17 مسلسلا رمضانيا، آخرهم هذا العام: “خيانة عهد”، وقدم الفخراني 15 مسلسلا رمضانيا، آخرهم عام 2018 “بالحجم العائلي”، وذلك فقط من 2000 لـ 2020.
وبالرغم من الفرق الكبير بين علاقة الاثنين بالدراما التلفزيونية في التسعينات، فالفخراني الذي قدم خلال فترة التسعينات العديد من المسلسلات التي تصدرها كبطل، بدأ من ليالي الحلمية ثم لا ونصف ربيع الأخر والخروج من المأزق وزيزينا “جزئين”، فـ يسرا خلال فترة التسعينات لم تقدم مسلسلا من بطولتها سوى “حياة الجوهري” عام 1997.
لكن في عام 2000 كان الفخراني يحقق نجاحا ضخما بمسلسل “أوبرا عايدة” وكانت يسرا تحقق نجاحا ضخما بمسلسل “أوان الورد”، ومن تلك اللحظة لم يتوقف الاثنان عن تقديم بطولات لمسلسلات رمضانية إلا في أعوام قليلة، لأسباب كثيرة ليست متعلقة بعدم الإقبال على أعمالهما، وإنما لظروف أخرى متعددة.
ومع إدراك أن “البطل” في الدراما التلفزيونية يلعب دورا أكبر من كونه مجرد “ممثل” فهو النقطة التي تجتمع عندها كل خطوط المشروع – في معظم الأعمال- فإن رصد تجربة الاثنين تعطي مؤشرات لكيف حاولا التكيف مع معطيات السوق والصناعة في كل مرحلة ومع كل تغيير.
فالاثنين حتى عام 2010 وبالرغم من دخول مخرجي السينما إلى صناعة المسلسلات، إلا أن الاثنين استمرا في العمل مع مخرجين اشتهروا بخبرتهم في تقديم المسلسلات، ولم يكسر ذلك إلا بتعاونهم مع مخرجين سوريين قدموا أعمالا ناجحة في الدراما السورية “محمد عزيزية / في إيد أمينة ” و “رشا شربتجي / شرف فتح الباب / ابن الأرندلي”.
والاثنان عملوا مع مخرجات من النساء، فعملت يسرا مع “غادة سليم” وعمل الفخراني مع “رباب حسين وهالة خليل وكذلك رشا شربتجي”، يسرا كانت الأكثر في التنوع في المخرجين والمؤلفين في آخر عشر سنوات فعملت مع “خالد مرعي ومحمد علي وهاني خليفة وسامح عبدالعزيز”، وعملت مع مؤلفين أكثرهم كان تامر حبيب، لكن عملت مع أمين جمال وعبد الله حسن ومحمد رجاء وإياد إبراهيم.
بينما ظل يحيى الفخراني من بعد عام 2010 يعمل مع الثنائي “شادي الفخراني وعبدالرحيم كمال” فقط، قام بالتغيير في آخر أعماله “بالحجم العائلي” فتعاون مع “هالة خليل ومحمد رجاء”.
ولكن الاثنان لم يعملا مع أي مؤلفة من السيدات بالرغم من وجود مؤلفات كثيرات في صناعة المسلسلات، ستلاحظ أيضا أن الاثنين في عام 2016 قدما دور البطل الشرير، فقدم يحيى الفخراني دور الشيطان في “ونوس”، وقدمت يسرا دور القاتلة في “فوق مستوي الشبهات”، وكلاهما عمل في مسلسلاتهما خلال العشرين عاما الكثير من الوجوه الشابة التي حصلت على أدوار كبيرة معهما، وتحولوا لأبطال لمسلسلات رمضانية في السنوات اللاحقة لينافسوهما في الموسم الرمضاني.
وتذكر أن يسرا في عام 2003 قدمت مسلسل باسم “ملك روحي” كان البطل أمامها أحمد عز، ستلاحظ أن الاثنين بالرغم من ارتفاع أجورهما إلا أنهما لم تنتشر عنهما أخبار حول أجور خيالية أو الصراع علي الأجر الأكبر في موسم رمضان #نمبر_وان.
وبالرغم من دخول السوشيال ميديا على خط تسويق ودعاية المسلسلات في السنوات الخمسة الأخيرة، إلا أن الاثنين لا يتعاملان مع السوشيال ميديا مثل نجوم المرحلة الحالية .
وعلى مستوى الموضوعات التي تناقشها أعمالهما، ستلاحظ أن “يسرا” استمرت طوال السنوات العشرين في تقديم موضوعات اجتماعية تتناول قضايا أحيانا عامة، وعملت على تطويرها في السنوات العشر الأخيرة بما يتناسب مع العصر، بينما الفخراني الذي اشتهر في بداية الألفية بالموضوعات الاجتماعية والأسرية ولم يكسر ذلك إلا في 2002 عندما قدم “جحا المصري”، لكن تبدل ذلك مع السنوات العشر الأخيرة لموضوعات تبدو تاريخية مثل “شيخ العرب همام ودهشة والخواجة عبدالقادر” أو قصة خيالية مثل “ونوس”، ولكنه عاد مرة أخري للموضوعات الاجتماعية في “بالحجم العائلي”.
هناك الكثير من النقاط التي يمكن رصدها عند المقارنة في كل موسم بين ما كان يقدمه الاثنان وبين ما يقدمه النجوم الآخرون، وكذلك رصد كيف تقبل الجمهور أعمالهم في كل مرحلة ومدى نجاحها؟ لكن الثابت هو قدرة الاثنان على الاستمرار في البطولة علي مدى 20 عاما، سقط فيها الكثيرون من أبناء جيلهم، بل سقط أيضا من هم من أجيال لاحقة وللحديث بقية.
نرشح لك: سكر.. تلعب بالثلاث ورقات بعزة نفس وثقة متناهية.. نساء رمضان (1)