"الاختيار" و"الفتوة" و"ليالينا".. كيف ظهروا بكاميرا واحدة في عصور مختلفة؟

رباب طلعت

لاقت صورة مسلسلات “الفتوة” و”الاختيار “، و”ليالينا 80” إشادات كثيرة من الجمهور، نظرًا لنجاح صناعها بعكس الأزمنة الحقيقية للأعمال الثلاثة باحترافية كبيرة، وذلك بفضل تصحيح الألوان أو الـ color grading، والتي أعدها شخص واحد، ضمن فريق كبير، وهو محمود علي.

نرشح لك – علاء زينهم عن صفعة أحمد زاهر في “البرنس”: “إحنا بنمثل”

إعلام دوت كوم” حاورت محمود علي مسؤول تصحيح الألوان في المسلسلات الثلاثة، وفيما يلي أبرز تصريحاته.

1- عملي هو تصحيح الألوان أو الـ color grading، وهو باختصار عندما يتم تصوير العمل سواء سينما أو تلفزيون أو إعلان، بكاميرا أو أكثر، تأتي مرحلة تصحيح الألوان، وهو أننا نحصل على المادة بعد عملية المونتاج، ونحاول جعل لقطات كل الكاميرات من كل الزوايا متشابهة، لأن هناك فروق بين كل كاميرا والأخرى، ونحن نعمل على ملائمتها مع بعضها.

2- الألوان مثل الموسيقى، ولكل عمل ألوان مناسبة له، فمثلًا في مسلسل “الاختيار” كان المطلوب مننا منح المشاهد إحساس “الواقعية” لأنه أقرب للتوثيق، فهو يروي أحداثًا حقيقية وقعت بالفعل، لذا يجب أن تعطي الألوان انطباعًا للمشاهد بأنه معهم أثناء وقوع الحدث، أما “الفتوة” فأحداثه في زمن سابق، لذا يجب أن تظهر صورته أشبه باللوحات المرسومة، وفي “ليالينا” شاهدت صورنا القديمة أواخر الثمانينات، وأفلام أحمد زكي، لإعطاء نفس الإحساس بالألوان.

 

3- تصحيح الألوان علم مهم للغاية، وله جوائز عالمية، لتأثيره على عكس صورة الأحداث، فمثلًا لو هناك مشهد يجسد حب الأم لابنتها، ستجده حاضرًا بإضفاء ألوان تميل للحب والدفء.

4- الصورة التي يظهر بها العمل على التلفزيون، يمر بعدة مراحل، فمثلًا في “الفتوة” تم بناء الديكور نفسه المباني الرئيسية، وبعدها أضاف “الجرافيكس” الكثير من التفاصيل مثل القلعة والمآذن القديمة، ثم مرحلة تصحيح الألوان التي تعطي روح المكان بإضافة تفاصيل مثل أن يرى المشاهد أن مصابيح الزيت هي مصدر الإضاءة، أو إضاءة القمر الزرقاء في الليل.

5- يتم تصوير كافة الأعمال بكاميرا واحدة وهي كاميرات أليكسا، ولكن تصحيح الألوان هو من يعكس زمن العمل وألوانه المختلفة، فمدير التصوير يضع أساسيات الصورة من إضاءة وزوايا تصوير وغيرها، ولكن مظهر الصورة هو مسؤولية تصحيح الألوان.

6- لا نصحح على الأغلب الألوان التي يرتديها الممثلين في السينما والدراما، إلا لو حدث خطأ ما أظهر ملابس أحد الفنانين في التصوير بلون مختلف فمن الممكن أن نتدخل، ولكن يحدث ذلك بشكل أشيع في تصوير الإعلانات، حيث من الممكن تعديل ألوان الملابس للون السلعة المعلن عنها.

7- نتدخل في تعديل شكل المناخ من صيف لشتاء والعكس، حسب احتياج الأحداث، فمثلًا لو كان التصوير في الشتاء من الممكن إزالة الغيوم والألوان الباردة بألوان حارة لإعطاء إحساس بالدفء، كما أننا نعكس الليل بالنهار والعكس حسب متطلبات المشهد الدرامي، حيث يحدث أحيانًا تصوير مشهد ليلي بالنهار أو العكس، فنصحح ذلك.

8- في “الاختيار” كان يجب عكس حالة الضغط العصبي الواقع على الشخصيات، فمثلًا عند اختيار ألوان الجنود، الذي أغلب تواجدهم في صحراء سيناء، سنجد الألوان تميل إلى أن أشعة الشمس واضحة في المشهد أو أعلى رؤوسهم، لإضفاء إحساس بأن روحهم المعنوية عالية، على عكس الإرهابيين، فالألوان أغمق، وتميل للأزرق “البارد” لتوحي للناس بالشر.

9- في “الاختيار” أيضًا، سنجد أن مشاهد سوريا أغلب ألوانها “باردة” على عكس سيناء فألوانها حارة، لإعطاء الإحساس الصحيح للمشهد، ففي الطبيعي نغير الألوان بحسب اختلافات الأماكن وأحاسيسها، فمثلًا لو عمل بين بلدين ستختلف الألوان على سبيل المثال مشاهد روما “الباردة” ليست مثل القاهرة “الحارة”.

10- نعقد جلسات مع المخرج ومدير التصوير ومهندس الديكور في بداية أي عمل للاتفاق على أساسيات العمل وشكله، ولكن مدير التصوير ومصححي الألوان هم من يتابعون للنهاية لإظهار الصورة المطلوبة.

11- في “الاختيار” كان الاتفاق من البداية من أول الحلقة الأولى يصل للمشاهد بأن الأحداث حقيقية، فمثلًا عندما دمجنا مشاهد حقيقية بأخرى تم تصويرها مثل مشهد عودة هشام عشماوي إلى مصر بالطائرة، لم يلاحظ المشاهد أنهم مشهدين مختلفين أحدهم حقيقي والآخر مصور، فالمطلوب هو أن تكون الصورة حقيقية وأقرب ما يكون إلى الواقع، ولا يوجد بها أي إبهار.

12- الصور الحقيقية في “الاختيار” للأحداث المختلفة كانت هي مرجعيتنا في الألوان، حيث عملنا على جعل التصوير أشبه بالصورة وليس العكس.

13- مهنة تصحيح الألوان، تحتاج إلى مجهود، لتوصيل الإحساس الصحيح للمشاهد، وكنت خائف من ردود أفعال الناس على صورة “الاختيار” لأن المصريين يفضلون الألوان الفاتحة أكثر، ولكن بعد العرض اكتشفت أن الهدف من ظهور العمل بهذه الألوان قد نجح، والجمهور فهم الغرض منه.

14-تفاصيل صورة العمل تنعكس على الألوان فمثلًا “الاختيار” أغلب مواقع التصوير بسيطة وبدون تفاصيل، على عكس “الفتوة” الملئ بها، من أواني نحاس ومصابيح جاز وغيرها.

15- تصحيح الألوان متواجد منذ سنوات طويلة في مصر، وليس قريبًا كما يظن البعض، وقد لاحظ الجمهور ذلك في السينما تحديدًا في أفلام مثل “كازابلانكا” و”الفيل الأزرق” ووغيرهما، ونحن متطورون للغاية، ونصل للمستوى العالمي في هذا المجال، وهو ما لاحظه الجمهور الذي أصبح يشاهد أعمال عالمية على “نتفليكس” وغيرها.

16- تصوير السينما حاليا أصبح مثل التلفزيون، هي نفس الكاميرا للاثنين، والألوان هي من تحدد شكل كل منهم، و”الاختيار” مثلًا صورته سينمائية، لأن أحداث المسلسل والقصة تحتاج إلى ذلك، على عكس أعمال أخرى لا تتحمل الصورة السينمائية.