قدّم الفنان عادل إمام مئات الأعمال الفنية السينمائية والدرامية وكذلك المسرحية، واستطاع التمسك جيدًا بلقب “نجم الشباك الأول” على مدار عشرات السنوات، في ظاهرة لم ينجح فيها سواه. فقالوا إنه “أسطورة في حد ذاته” أي ينجح نجاحه الساحق بصرف النظر عن الرواية أو المسرحية، فالناس تذهب لترى عادل إمام فقط، وكأنه بمثابة كيان متكامل وحده.
قصص وحكايات وأزمات ومواقف كثيرة مر بها الزعيم خلال مسيرته، روى بعضها مرارًا وبعضها اكتفى بالبوح بها مرة ولم يكررها ثانية، وبعضها يتندر به من آن لآخر…
عام 1966 كنت قدمت مسرحية “أنا وهو وهي” و”حالة حب”، وكنت أمشي في أحد الأيام من مصر الجديدة متوجهًا إلى الجيزة _لم يكن معي ولا مليم_ وفي رأسي أحلام عجيبة. وعند المكان الذي يوجد فيه مسجد جمال عبد الناصر الآن، مرت بجواري سيارة فيها شخصين أحدهما يقودها والآخر بجواره، أحدهما نظر إليّ وأشار بيده محييًا فأشرت له وأنا سعيد لأن الناس بدأت تعرفني، وعندما دققت النظر وجدتهما عبد الناصر وعبد الحكيم عامر.. لم أصدق نفسي لدرجة أني بكيت.
عندما توفي والدي عن عمر 88 عامًا _كنت أتوقع وفاته بسبب حالته الصحية المتأخرة_ المهم أنني علمت بوفاته قبل ظهوري على المسرح في بيروت، وعدت في اليوم التالي إلى القاهرة حيث استقبلني شقيقي عصام في المطار ليرافقني أثناء زيارة قبر والدي، لكنه وبعدما احتضنني بقوة قالي لي: أريد أن أخبرك أمرًا قبل ذهابنا، وهو عن زوج ابنة خالتك الدكتور الأكاديمي علي وهيب، فبعدما صلينا على والدنا خرجنا من الجامع لنتفاجأ بسرقة أحذيتنا جميعًا، وبدأ “د. علي” يتنطط زي الفرخة المذبوحة وهو يقول “الجزمة أسباني.. وراحت مني” وبدأ بالبحث داخل المكان المخصص لحفظ الأحذية عن حذائه وسط دهشة الجميع لعله تحدث معجزة، وكانت النتيجة أن قصد الجميع سياراتهم الفارهة المتوقفة قرب المكان وهم يرتدون بدلاتهم الرسمية حفاة الأقدام، باستثناء عصام الذي وجد “مشاية” مربوطة بسلك فانتعلها ومشي.
لم أستطع بعد رواية أخي أن أتوقف عن الضحك، فقد كان يعرف كيف يثير البهجة في داخلي. وقد حدث الأمر نفسه بعد وفاة زوج شقيقتي الفنان مصطفى متولي، فبعدما غادرنا المنزل إلى الجامع القريب، وكنت تعبًا جدا، وجدت عصام أمامي وقد غادر الجامع توًا واستوقفني ليسرّ لي أمرًا وقال: “د. علي وهيب”. قلت له: ”ماله؟”، قال لي: “بيصلي في الجامع والجزمة تحت باطه” فعاجلتني نوبة ضحك هيستيرية.
زمان كنت ماشي أنا وصديق لي على كوبري قصر النيل ومكنش معايا ولا مليم، شوفنا شاب راكب عربية سوداء فارهة ومعاه بنت زي القمر وحاطه عقد فل في إيدها ومزيكا عالية من العربية.. إحنا الاتنين نطقنا في جملة واحدة.. أنا قلت الله.. وهو قال يا ولاد الكلب.. زميلي لم يحقق أي نجاح حتى الآن.
عندي صداقة قديمة مع الدكتور أسامة الباز، مرة جاب شقيقه الدكتور فاروق الباز وجه اتفرج على مسرحية لي. وبعد العرض خرجنا نتعشى في مكان.. وكان فاروق مستمتع جدًا بالعرض وفرحان بيا أوي وقال لي: أنا عايز أديلك هدية. وراح قالع كرافتة كان لابسها وقدمهالي.. قلت إيه الراجل الغريب ده.. بصيت في الكرافتة لقيت مرسوم عليها تليسكوبات وأقمار صناعية وشكلها غريب جدًا.. فرحت بيها واحتفظ بها حتى الآن.
ذات مرة عرض عليّ منتج من نواب القروض القيام ببطولة فيلم مع نجمة كانت تربطه بها علاقة _أي مع هذا المليونير_ وعرض عليّ مبلغًا خرافيًا لم أحصل عليه في حياتي، ولكني رفضت العرض بعد أن عرفت أنه من أموال القروض، وقلت له: أنا بعمل فن للناس بفلوس حلال مش مسروقة. وبعدها بأسابيع هرب المليونير ده من مصر.
عرض عليّ الفنان عبد الرحمن الخميسي _في السبعينيات تقريبًا_ بطولة فيلم من تأليفه وإخراجه مقابل 150 جنيهًا، ولكنني صممت على 600 جنيه. المهم هذا الفيلم كان اسمه “زهرة البنفسج” وهو أول فيلم يتم تصوير مشاهده كلها في بيت المخرج، واستمر عرضه 3 أيام كاملة، ولم أحصل على باقي أجري حتى الآن. وأنا أعتبره أسوأ فيلم في تاريخ السينما المصرية، ورغم ذلك كنت أحب هذا الرجل بشدة لأنه كان شخصية ممتعة وخالية من العقد.
عبد الحليم حافظ أول من تنبأ لي بالنجومية، وقال لي: “يا عادل هتتشهر جامد.. وهتتهاجم جامد”.. وكان بيتسلل كثيرًا إلى المسرح متخفيًا وبصحبته أحيانًا مفيد فوزي، ويضبط دخوله على مشهد المحكمة في مسرحية “شاهد مشافش حاجة”.. ويضحك من قلبه.
اعتدت في تاريخي المسرحي أن أدخل لأحيي الجمهور في أول ظهور لي، تحية واحدة لا تتغير، لكن كان لديّ “تحية استثنائية” كنت أقوم بها في حالة وجود شخصين فقط لا غير: أمي.. والسيدة تحية عبد الناصر.
عندما تعرفت على “هالة” زوجتي كانت في القاهرة تعيش أجمل أيامها، وكنت لا أملك أي نقود، فقامت ببيع قطعة أرض كانت تمتلكها بمبلغ 3 ألاف جنيه، إلا أنني وبعد أن تيّسرت أحوالي اشتريت نفس الأرض التي باعتها لأجلي وكتبتها باسمها، وعوّضتها بما هو أكثر منها.