عادل إمام وفاتن حمامة
خلال أكثر من 50 عامًا كلما سُئل الفنان عادل إمام في الحوارات الصحفية والتلفزيونية عن أفضل الفنانات، كانت تأتي إجابته سريعة وواضحة “فاتن حمامة طبعًا”، بل يصفها بأنها “أعظم فنانات مصر” اللاتي لم يأت مثلهن، لكن رغم تلك الإشادات القوية لم يجمعهما سوى عمل فني واحد.
في الحقيقة كانت الفرص متاحة أمامهما للمشاركة في التمثيل سويًا أكثر من مرة، فقد طلبته للمشاركة في فيلم “ليلة القبض على فاطمة” ليُجسد دور شقيقها، ورغم حبه الشديد لها إلا أنه رفض الدور، لأنه كان يضعه في صورة “شريرة” ضدها في الفيلم، ”ومحدش من الجمهور هيقبل يكون ضد معبودتهم العظيمة” كما برر وقتها. أيضًا كان سيجمعهما فيلم “الإنس والجن” لكن مثّلت الفنانة يسرا الدور في النهاية.
اللافت أن عادل إمام في حواراته يكرر دومًا أنه لم يسبق أن جمعهما أي عمل فني، دون أن يُشير إلى أنه جمعهما عمل فني سابق بالفعل، وهو السهرة التلفزيونية التي حملت اسم “ساحرة” عام 1971، وشارك فيها فاتن حمامة وسعيد صالح وصلاح ذو الفقار، ربما لم يُرد الإشارة للعمل كونه لم يكن بطلا أمامها.
حديث الزعيم عن فاتن حمامة لن تجد له مثيلًا عن أي فنانة أخرى، فبالرغم من تمثيل جميع نجمات الشاشة أمامه، مثل يسرا، سعاد حسني، نيللي، مديحة كامل، شادية، نادية الجندي، نجلاء فتحي، نادية لطفي، نبيلة عبيد، سهير رمزي، ماجدة وغيرهن. إلا أنه أكد مرارًا وتكرارًا أنه يتمنى أن تشاركه “السيدة فاتن حمامة” في أعمال فنية. وقيل وقتها في الكواليس إن فاتن حمامة هي من رفضت التعاون معه أكثر من مرة، وفسر بعض النقّاد ذلك بأنه خوف من بريق ولمعان نجومية عادل إمام التي تطغى على كل فريق العمل الموجود أمامه، أو أنه إكبار لقيمتها لأن الجمهور سيقول “فيلم عادل إمام وليس فيلم فاتن حمامة”!
لكن ما يُقال في الكواليس كان يُخالف تصريحات عادل إمام عن سيدة الشاشة، فقد اعترف سابقًا أنه “مش هو اللي يختار فاتن حمامة في أفلامه هي اللي تختاره.. وطبعًا هيوافق بدون تردد”. كما كان يدافع عنها ضد أي هجوم تتعرض له، خاصةً من الفنانتين سناء جميل ومريم فخر الدين، فذات يوم كان يشاهد تليفزيون “المستقبل” اللبناني وكانت الفنانة مريم فخر الدين ضيفة عليه، ووجدها تتحدث بطريقة “لم تعجبه” عن فاتن حمامة، وأنها غير مقتنعة بأن يُطلق عليها لقب “سيدة الشاشة العربية”.
اتصل “عادل” بالبرنامج وشكر الفنانة مريم فخر الدين لما لها من تاريخ طويل في السينما المصرية، وقال لها: “إن لي تعليق على كلمة سيدة الشاشة العربية التي لا تعجبك، هي فعلا سيدة الشاشة، لأن هذا لقب أطلقه النقاد بتصريح من الجمهور والشعب. فلماذا نشتم رموزنا؟ إحنا عندنا كام فاتن حمامة؟”. لترد عليه فخر الدين: ”يعني هي سيدة الشاشة.. وأنت الزعيم وإحنا عبيدكم؟”، وهاجمته في حوار آخر بعد ذلك، قائلة: “هو فنان زي أي ممثل بيعرف يرفع حاجب وينزل حاجب ويفشخ بوقه ويكشر.. أنا مش بهاجم عادل إمام أنا بهاجم لقب (الزعيم)، طب ما نديه لقب (الواد سيد الشغال) بنفس المنطق”.
على الجانب الآخر، دافعت “فاتن” كثيرًا عن عادل إمام، وقالت إنه جسد روايات ”ثورجية” كثيرة، فقد كان ثائرًا من قَبل الثورات التي شهدها العالم العربي نفسها، ويكفيه أن أعطانا بأفلامه سعادة وأعطانا ابتسامة وفنًا وفهمًا.
وقبل وفاتها حرص “إمام” على السؤال عليها باستمرار، والاتصال بها بصفة مستمرة للاطمئنان على صحتها، لكن المفارقة أنه بعد وفاتها رفض قبول الجائزة التي حملت اسمها من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، حسبما أكد الناقد الفني طارق الشناوي، موضحًا أن الزعيم رفضها بحجة أنه لا يقبل التكريمات، وكتبت العديد من الصحف وقتها إنه قال لمقربين: “أنا أكبر قيمة منها”. وبين هذا وذاك لا يبقى في الذاكرة إلا الإشادات المتبادلة بينهما… وكأن “البطولة أمام فاتن” هي الأمنية التي لم يحققها الزعيم.ة