حسنا اليوم هو السبت ثالث أيام شهر رمضان، إذا كنت قد دخلت على مواقع التواصل الإجتماعي لتعرف ماذا يتابع الناس، ما هي المسلسلات التي نالت اعجابهم وما هي الأعمال التي أحبطهم، فأنت هنا لست مشاهدا مستقلا، عليك أن تتخيل انقطاع الفيس بوك وتويتر عن مصر في أول أيام رمضان، ماذا كنت ستفعل كي تحدد قائمة المسلسلات التي تستحق وقتك، بالتأكيد كنت ستأخذ جولة على أكبر عدد ممكن ثم تختار، أو تذهب أولا لمسلسلات سمعت أنها جيدة وتقيم المشاهد الأولى لو أعجبتك تكمل لو لم تعجبك تختار من بين الباقين، لكن في كل الأحوال سيكون الإختيار نابع من قرارك أنت شخصيا، رؤيتك، احساسك بالعمل، انطباعك عن المشاهد الأولى، وكل ذلك وارد أن يتغير بعد قليل لكنه سيتغير بناء على قرارك أنت أيضا، المشاهد المستقل هو من يفعل كذا أما من يستسلم لما يكتبوه البعض على “تايم لاين” الفيس بوك وتويتر فهو هنا يشارك في عمليتين متوازيتين، الأولى عملية رفع قيمة بعض المسلسلات مبكرا من خلال كثرة الضجة حولها في الأيام الأولى ما يعطي إيحاءا بأنها انطلقت إلى الأمام مبكرا وسبقت الجميع، والعملية الثانية تتلخص في ظلم مسلسلات قد تتمتع بمستوى فني متماسك لكن ليس لها “ظهر” على فيس بوك وتويتر.
مفهوم “الظهر” على مواقع السوشيال ميديا فيتلخص في وجود فريق متخصص لدفع المسلسلات للتواجد في قائمة الأكثر انتشارا على فيس بوك وتويتر المعروفة بالـ trend وبجانب الفريق فإن وجود المؤلف أو المخرج أوالبطل بكثاقة على تلك المواقع يساعد على دعم هذه المسلسلات في سباق بالتأكيد لا يخلو من الأعمال الجيدة لكنه يظلم كما نؤكد أعمالنا أخرى بسبب جذب انتباه الجمهور نحو أسماء بعينها، فالناس تحب أن تتابع ما يراه الكثيرون، لكن الثغرة دائما هو أن وجود مئات أو الآف التغريدات عن مسلسل معين كل يوم في رمضان لا يعني أن الملايين تتابعه، بل أكدت المتابعة المستمرة لمسلسلات المواسم الأخيرة أن بعض الأعمال يتابعها الجمهور في الأحياء الشعبية ومن خلال شاشات المقاهي بينما ينفر منها أهل السوشيال ميديا تماما، وأعمال أخرى تلق قبولا على مواقع التواصل لكنها في الحلقة لم تدخل كل البيوت، ومن المنتظر أن تستفيد من التقنيات الجديدة مسلسلات العهد وحارة اليهود ولعبة إبليس على سبيل المثال، لكن هل يعني هذا مثلا أن مسلسل “أستاذ ورئيس قسم” لن يحظى بنسب مشاهدة مرتفعة في الأيام الأولى، سيحدث بالتأكيد لكن جمهور عادل إمام لا يحتاج لأن يدون أراءه أولا بأول على فيس بوك وتويتر.
فكرة تدوين الأراء في حدث ذاتها تفتح مجالا لرصد كيف تغيرت عادات المشاهدة بسبب السوشيال ميديا، حيث تحولت المسلسلات إلى مباريات، كلما أحرز الممثل هدفا في أي مشهد أو أخفق في لقطة يُسرع المتفرج – المستخدم إلى كتابة رأيه على حسابه الإلكتروني، كل ذلك بات واقعا لا يمكن تغييره لكن ما يجب التحذير منه هو أن كل انسان مستقل في أراءه وعليه أن يحافظ على هذا الإستقلال وبداية ذلك أن تشاهد بنفسك ولا تدع الأخرون يشاهدون بالنيابة عنك.