مينا فريد
لما ربنا وزّع النعم على الناس.. ناس كتير اعترضت على نصيبها. فيه اللي اعترض على شكله، فيه اللي اعترض على مكان ولادته، فيه اللي اعترض على أهله، فيه اللي اعترض على رزقه، بس عمرك شفت حد اعترض على ذكائه أو ذوقه أو خفة دمه؟ شخصيا ما شفتش.. ومن هنا جت الجملة الجميلة اللي بتنهي أي حوار.. “كل حد دماغه مريحاه”.
يعني مثلا، أنت أما بتدخل محل لبس بتحبه.. هل كل الموديلات اللي هناك بتعجبك؟ طبعا لأ. طب تفتكر الموديلات اللي مش عجباك دي مش بتتباع لمجرد إنها مش عجباك؟ لأ برضه. ده ببساطة في محل واحد أنت أصلا بتحبه، ما بالك بقى وفيه محلات كتير تاني أنت أصلا مابتحبهاش. محدش فينا محور الكون وإن بدا لنفسه العكس.
أستاذ أحمد خالد توفيق كان بيحكي في مرة عن إن بالنسبة لكتير مننا الناس نوعين: نوع أذكى مني ودول عباقرة، وناس أغبى مني ودول حمير والناس اللي زينا دول صحابنا. كنت دايما بقول يا رب ما تفقدنيش بوصلة تقييم روحي، ما تخلينيش أحس إن دمي خفيف واستظرف وأنا الناس بتبصلي نظرة عمرو عبد الجليل في مشهده الشهير من فيلم سوق الجمعة. إديني البوصلة اللي توجهني صح وتخليني أحس بروحي وأعمل تقييم ذاتي قريّب من الحقيقة. مش مهم إنك تقلش، وارد تخيّب ظنك وتخسر رهانك، المهم ماتكابرش وتكمّل وإلا هتخسر كل حاجة. الأمثلة كتير لناس كابرت أشهرهم محمد سعد مثلا وبس السنه دي بدأ يبان أمثلة لناس عارفة إن الكوميكس لا ترحم. السنة دي لأول مرة شفنا ناس بتعتذر عن سوء جودة أعمال حالية أثناء عرضها!
إحنا في مصر كتار أوي.. شكلنا من بره نبدو شبه بعض.. بس الحقيقة غير كده.. عشان كده أما يبقى فيه عشرات المسلسلات.. كلها ممكن تنجح جدا بالنسبة لك وكلها ممكن تفشل جدا بالنسبة لغيرك.. لو 2 مليون مشاهد من عشرات الملايين شافوا مسلسل ما فهو كده نجح جدا، وعشان كده مصر قوة شرائية واستهلاكية في كل حاجة.. أغلى المنتجات وأرخصها.. فكل الناس ممكن تنجح وكل الناس ممكن تفشل وكل الناس ممكن تنجح وتفشل سوا، تلخبط شوية بس هو إيه في مصر مايلخبطش؟
ما تيجوا ناخد كاميرا درون ونبص من فوق.. في التنوع قوة وتميّز وفرص كتير. ده اللي حصل وبيحصل وهيحصل بالنسبة لمبدعي الدراما التليفزيونية والسينمائية، بس ده مايمنعش إن فيه ناس كتير فقدت البوصلة السيزون ده بالنسبة لنفس الزباين اللي بيروحولهم نفس المحل كل سنة يعني مش بالنسبة للي كانوا كده كده مش بيحبوهم. كلنا بنحتاج فرص تانية. بس الحلو إن برضه فيه ناس حافظت على بوصلة نجاحهم مظبوطه ومتوجهه على الشعره.
الحقيقة أنا مشفق على الكتّاب من اللي بيحصل ده.. الكاتب مبقاش صاحب العمل.. العمل المفروض ينسب للمنتج أو لزوج البطلة في بعض الأعمال المبتورة. في عصر السوشيال ميديا بقى المجد للسكرين شوت، صنّاع الأعمال بيدافعوا عن أعمالهم على صفحاتهم وينشروا عشرات السكرين شوت للترند على تويتر أو التعليقات الإيجابية في الفيسبوك وإنستجرام.. كل ده جميل.. كلكم ترند.. ماشي.. الترند الحقيقي مش بيعمل ده.
كلنا عارفين إن صناع الأعمال بينهم وبين بعض بيحكوا في جلساتهم أو في الشات عن أد إيه الظروف كانت صعبة بسبب الإغلاق المفاجئ مع الحظر ودعوات التباعد. بيحكوا عن تغييرات في السيناريو والحبكة الدرامية عشان تتحول أماكن التصوير من خارجي لداخلي وتختصر عدد أيام التصوير لأقل من شهرين في مسلسلات كتير.. بيحكوا عن إجبارهم لتصوير تلاتين حلقة في حدوتة تتعمل فيلم جميل بإيقاع سريع أو حتى مسلسل صغيّر عشر حلقات لكن إحنا بيعنا تلاتين هنعمل إيه؟
ماشي بس أنا مالي؟ اقعدوا سوا مع بعض واتفقوا وخلونا نخلص من حوار التلاتين حلقه ده.. مانكرش إن فلت من التطويل ده مسلسلات السنة دي، بس قليلة تتعد على صوابع اليد الواحدة، وعموما بكرر كل التفاصيل دي مش ذنب المشاهدين.
هما مين اللي بيشتموا؟ عندنا مشاكل ومجاملات وصراعات أه.. بس إحنا لسه أفضل صناع ترفيه في العالم العربي وأفريقيا وأحسن من بلاد كتير أوروبية.. إحنا عاملين حربي وأكشن وتاريخي وفانتازيا ورومانسي ودراما وكوميديا وخيال علمي.. إحنا لسه مليانين بالمواهب والأفكار والطاقات في أسوأ الأوقات وأصعبها.. إحنا مصر.. من أكتر من قرن بنعمل أحسن وأغنى منتج ترفيهي في المنطقة مدينا قوة وضحكة حتى في أصعب المواقف.. إحنا اللي سواقين التكاتك عندنا بيشغلوا بكل أريحية.. تلعب على مين فوّق بابا.
مبروك لكل اللي تعبوا السنة دي .. رمضان كريم ورمضان اللي جاي أحسن يا رب.