نور الهدى فؤاد
أعلن المجلس الأعلى للثقافة عن نتيجة مسابقة جائزة “نجيب محفوظ” للرواية للعام (2019/2020) منذ عدة أيام لتؤول بشقيها لاسمين أحدهما الكاتبة المصرية ريم بسيوني الفائزة بجائزة أفضل رواية مصرية عن روايتها “أولاد الناس- ثلاثية المماليك”، بينما منحت جائزة أفضل رواية عربية لـ” كتاب الردة” للكاتب الموريتاني محمد عبد اللطيف.
وتعد رواية “كتاب الردة”، العمل الروائي الثاني لعبد اللطيف، بعد روايته “تيرانجا” الصادرة عام 2013. ونالت المركز الثالث بجائزة الشارقة للإبداع العربي، كما صدر له ديوانين الأول بعنوان “أبجديات أخرى” عام 1997 والثاني بعنوان “لدي قوافي” عام 2007.
وفي حوار خاص “لإعلام دوت كوم”، تحدث الكاتب والإعلامي محمد عبد اللطيف، الذي يعمل بقناة العربية، عن نشأته وعن الأدب الموريتاني، وعن جائزة نجيب محفوظ وما تمثله له، وعن تفاصيل كتابة روايته، وذلك من خلال التصريحات التالية:
1- تمثل جائزة نجيب محفوظ قيمة وفرصة كبيرة للخروج من النسق المحلي للمساحة العربية الأوسع بالنسبة لي وللشعب الموريتاني، إذ يعتبر هذا أول تكريم عربي لروائي موريتاني، كما أعتبرها إعادة اكتشاف للرواية التي نشرت في 2017، وأتمنى أن تحقق انتشار أوسع من خلال الجائزة.
2- المسابقة تتمتع بلجان مميزة وسمعتها كبيرة وتخلو من الطابع التجاري الذي تعرف به جوائز أخرى، لذلك أشكرهم على ثقتهم وأشكر المجلس الأعلى للثقافة.
3- رواية “كتاب الردة” تتحدث عن أزمة التدين في عائلة مهاجرة من مدينة شنقيط الموريتانية إلى الحجاز أو المملكة العربية السعودية، وهي هجرة متصلة منذ عشرات ومئات السنين، بينما يحكي الجيل الثالث من هذه العائلة القصة على ألسنتهم، وهو جيل ما بعد الصحوة، ما يعكس مشاغل وهموم مثقفي موريتانيا المهاجرين للمشرق العربي، وتداعيات تلك الهجرة بشكل عام.
4- تناقش الرواية في حوارات طويلة ما يتعلق بالسلفية والأشاعرة، بالإضافة لأزمات أخرى متسللة في المنتصف كالهوية المفقودة في المهجر والوصم الاجتماعي، أما عن سر تسميتي لها “كتاب الردة” فيرجع لرغبتي إخرج كلمة الردة من المعنى الشرعي للمعنى القاموسي العربي في اللغة، فالردة هي الرجوع على كل مستوياته.
5- أعتقد أن الرواية في أقل مستوياتها تفتح نقاشا لم يفتح في الرواية العربية من قبل له علاقة بالعقيدة والطائفية والدين، وهي قضايا معاصرة في حين أن الروايات غالبا ما تقتصر مؤخرا على مناقشة القصص الاجتماعية أو التاريخية.
6- إنتمائي فكريا إلى الإسلام المتسامح والفهم الواسع لتعاليمه وحقائقه الثابتة، ولا أرى نفسي ملزما للانتماء إلى اي فئة فكرية، يكفي أنني إنسان منفتح على الآخر ومتقبل له.
7- الأدب الموريتاني قديم وجانبه الشعري والشرعي عريق لمئات السنين ويتصل بالثقافة العربية اتصالا وثيقا، وأعتقد أنكم لا تسمعون عنه في مصر بسبب الإمكانيات وطبيعة الإعلام العربي واهتماماته.
8- المشرق العربي لا يعرف كثيرا عن المغرب العربي كله وليست موريتانيا فقط، وهناك أدب عربي رائد وشعراء عرب رفيعي المستوى في السنغال ومالي والنيجر والتشاد كذلك، أعتقد أن الحداثة ستفتح الباب لتغيير هذا التباعد وسيسود نمط ثقافي أشمل خلال العقود القادمة.
9- كتبت عن السلفية من عين ناقد متجرد، أعجب بهم من جهات وانتقدهم في جهات أخرى، وهو ما يبدو في حوار شخصيات الرواية وأرائهم المتباينة، ولا يخلو أي فكر من محاسن وقيم كالجانب الاجتماعي القوي والعدالة الاجتماعية الواضحة بعكس الفكر الصوفي مثلا.
10- ليس لدي مآخذ كثيرة على ابن تيمية وابن القيم في الرواية، فهما عالمان جليلان لهما إسهام فكري وشرعي في مرحلة زمنية شكلا خلالها الريادة والسبق وكانا على مدى قرون إلهاما للكثير من المفكرين.
11- أقرأ لعدد كبير من كتاب مصر ولا أجد تصنيف للكتاب بحسب جنسيتهم مصري أو سوداني أو مغربي، فأنا أقرأ الكتاب الذي يعجبني، ويقال أن الكتاب الذي يعجبك كالمرأة التي تعجبك، لا يهم السعر أو الكاتب أو نوع الورق ولا شكل الإخراج، لا يهم إلا المحتوى والأفكار.
12- هنأني الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني، بالإضافة لتكريمات الوسط الثقافي التي قوبلت بها بعد خبر الفوز بالجائزة، وبخاصة اتحاد الكتاب الموريتانيين، وهي بادرة جيدة من الحكومة بعد إهمال كبير للجانب الثقافي في البلاد، والذي أتمنى أن يعزز من خلال إقامة مواسم ثقافية أكتر ومسابقات وجوائز.