فاطمة خير
ثلاث رجال أثبتوا حضورهم في دراما شهر رمضان، أثاروا الإعجاب كلٌ من زاويته، أعلنوا عن حضورهم ليسوا كممثلين وحسب، وإنما أبرزت أدوارهم شخصيات لرجال نالت إعجاب النساء.
حسن الجبالي/ياسر جلال.. بطل مسلسل “الفتوة”، هو استدعاء للرجولة من زمن الفتونة، رجل هادئ الطباع عن ثقةٍ وحُسن تربية، لايفضل الدخول في الصدامات لكنه لو أُضطرَ لذلك “هيكون قدها”، قادر على الحب بكل رومانسية، ولايخجل أن يبوح بحبه لحبيبته التي أحبها من أول نظرة، رجل مصري عادي في زمن كانت لاتزال الحارة المصرية محتفظة بطباعها الحلو منها والسئ، هو ابن أبيه الفتوة “الحقاني”، والذي رغم رحيله المبكر إلا أنه كان قد زرع فيه النخوة وأخلاق أولاد الأصول، يحتفظ لنفسه بنية مخلصة لاستعادة حق والده المغدور، لكنه أيضاً ابن أمه التي أحسنت تربيه ويحبها جداً ويحترمها كثيراً، لذا فهو يطيع رغبتها بالابتعاد عن الدم وأمور الفتونة، كل حلمه أن يعيش في سلام ويرعى أمه وابنته، حتى أحب فصارت الحبيبة أيضاً من أحلامه، فيعيش بين نيران الرغبة في الانتقام لأبيه، وحبه لحبيبته، وخوفه على أسرته، ومحاولة السيطرة على ثباته الإنفعالي أمام محاولات الاستفزاز من أعداءه الغيورين من حب الناس له، حتى تفرض الظروف عليه الصدام فيكون وحشاً جسوراً، يعرف كيف يثبت حضوره أمام مدعي “الفتونة”، حاملاً لواء حماية الضعفاء، وفي كل هذا هو لاينسى حبيبته التي يتزوجها رغم كل الأخطار، ويحافظ على علاقة متميزة مع ابنته فيعلمها القراءة، وأصول “التعارك” كأنها صبي، ويعاملها بود ولطف حتى وهي تصر على الزواج من حبيبها ابن ألد أعداءه، يحب أخته ويترك لها حرية الاختيار، ويتقي الله في كل أمر.
رجل مثل هذا كيف لاتحبه النساء؟ لايرفع صوته إلا للضرورة ولايفعل ذلك مع النساء إلا نادراً، يتزوج عن حب حقيقي بعد سنوات ترمل طويلة رافضاً أن يتزوج إلا عن حب، ويرفض غواية وحب امرأة تحبه بجنون لكنه لايبادلها الحب ولا الاحترام، لكنه ينجدها حين تطلب، يدافع عن المظلوم، ويكسب رزقه من عرق جبينه، يدلل ابنته، ويجل أمه كما يليق بها. شخصية حسن الجبالي مميزة للغاية هو رجل تستظل به النساء لاعن ضعفٍ منهن ولكن عن حبٍ واحترام.
عمر/ آسر ياسين بطل مسلسل “100 وش”، نصاب أتقن الحرفة تماماً، وحين يقابل سكر (بطلة المسلسل) ينصب عليها، ثم يتحالف معها بعد أن أجبرته على ذلك، ورغم تفضيله للعمل منفرداً لايمانع في مشاركة امرأة تحترف النصب، ويعاملها كشريك عمل ولايهتم بكونها امرأة، ثم فجأة يعترف بحبه لها، بمنتهى البساطة والمباشرة، فهو يتقن النصب على الجميع لكنه لايخدع مشاعره ولا المرأة التي أحبها، ثم لاييأس من رفضها، ويطاردها دون تعالي دافعه الفارق الاجتماعي، ويظهر بها أمام الأصدقاء القدامى المتعاليين والمتفاخرين بالمال وبأسماء عائلاتهم، ويخطبها بشكل مفاجئ حتى لايمنحها فرصة للتراجع وأيضاً يشهر ذلك أمام الجميع، هو أحبها بصدق..وأدرك ذلك بوعي وصراحة مع النفس..وتفاخر بها أمام العالم، معلناً تجاوزه غدر حبٍ قديم، وحتى حين يقع سوء تفاهم لايهدئ قبل أن يثبت برائته، وهو أيضاً يغير عليها بجنون عاشق وصدق حبيب قديم؛ فكيف لاتحبه النساء؟ عمر أيضاً يعامل والدته كملكة، برغم سذاجتها واعتماديتها، فهو لاينسى فضلها، ولايسعى لإزعاجها بمشاكله، ولايتخلى عنها، ويسعى بكل حيلة لتعويضها عن أذية الأب التي طالتهما معاً.
أحمد المنسي/أمير كرارة..بطل مسلسل “الاختيار”،الأمر هنا مختلف، فالقصة حقيقية، وبطلها شخصية واقعية محبوبة للغاية، والحقيقة أن هذا أمرٌ رائع، فسنوات طويلة لانرى سوى شخصية الرجل القاسي أو الفاسد أو الخائن أو العنيف، متطلبات الدراما..أعلم، خاصةً إن كانت من واقع تفشت فيه القسوة، لكن هذا لا يعني أبداً أن هذا هو كل الواقع، ففي بيوتنا رجال يحبون أسرهم ويخلصون لزوجاتهم ويربون أولادهم بما يرضي الله، هذهِ بيوت خرجنا منها، صحيح تعرضت الأسر في زمنٍ لاحق لهزات في طبيعة العلاقات، لأسباب متنوعة ومعقدة ومتشابكة، فظهرت شخصيات سيئة على نطاق واسع كان الأصل أن وجودها استثنائي، لكن من الرائع أن يكون في الواقع أرباب أسر يحترمون علاقات الزواج ويخلصون لأعمالهم، صالحين لأن يكونوا قدوةً لأبنائهم، وسنداً لزوجاتهم، أبراراً بآبائهم، وأن تقدمهم الدراما، وبرغم أن أهداف المسلسل بعيدةً عن هذا القصد إلا أن شخصية الزوج الذي تفرض ظروفه الابتعاد عن البيت لفترات ولايعلم هل سيعود أم لا، فيقدّر جهد زوجته في رعاية الأبناء وحدها وقلقها المستمر عليه، واضحة للغاية، وحتى علاقته بأبيه، في زمن تهوى فيه الدراما إظهار نماذج علاقات متفسخة باعتبارها ثرية درامياً، دون أن تعطي للشخصيات السوية مساحتها؛ تاركةً بذلك أثراً لايندمل.