طاهر عبد الرحمن
لم تعد كرة القدم مجرد لعبة لها شعبية طاغية في أنحاء العالم ويتابعها الملايين بشغف وشوق ليس له مثيل، وإنما تحولت – منذ سنوات – إلى صناعة كاملة تدار بخطط سياسية واقتصادية وإدارية عالية المستوى.
نرشح لك: عاشق محمد فوزي.. قصة من كتاب “سواق توكتوك” لـ مصطفى فتحي
وفي ظل هذا التحول الكبير أصبح اللاعبون والمدربون جزءا من منظومة أكبر وأخطر لم يعد القرار الأخير في أيديهم بل في أيدي مديري الأعمال والمعلنين وشبكات الإعلام المختلفة.
لكن – ورغم كل ذلك – إلا أن الجانب الإنساني من اللعبة يظل حاضرا طول الوقت، وهو ما ركز عليه الكاتب الصحفي ”محمد البرمي” في كتابه ”كل شيء أو لا شيء.. عن الكرة وأحلام غرف الملابس” الصادر عن دار أوراق.
من العنوان قد يبدو للبعض أنه كتاب ”رياضي” من تلك النوعية ”التجارية” التي تظهر في الأسواق بين وقت وآخر يستغل فيها مؤلفها حدثا رياضيا ككأس العالم مثلا أو فوز نادي كبير ببطولة ما ثم ”يرص” معلومات وأرقام بطريقة أو بأخرى ويطرحها للجمهور، وهو في العادة جمهور غير مهتم بالقراءة بقدر اهتمامه بأرقام أفعال التفضيل كالأفضل والأحسن والأسرع والأقوى وهكذا.
وليس هذا – بالتأكيد – ما يقدمه ”البرمي” في كتابه، بل يقدم ما يمكن تسميته بـ “حالات إنسانية” من ذلك العالم المثير، ويعرض قصص حياة بعض اللاعبين المشهورين.
لا يعني ذلك إعادة كتابة قصص هؤلاء، فهي معروفة للجمهور المهتم والمتابع، وإنما يقدم الكتاب لقطات معينة ومركزة تبرز جوانب أخرى من حياة هؤلاء الذين أصبحوا – بفضل كرة القدم – مشاهير وأثرياء.
يقال عادة أن الهواية أشد غواية من الاحتراف، وهو ما نلحظه في كل قصة من القصص التي يعرضها الكتاب، فهذا هو العامل الحاسم أو العامل – إذا صح التعبير – المشترك بين ”الحلم” و”الإرادة”.
كلنا – بالطبع – نمتلك حلما شخصيا نريد تحقيقه، والحلم لا يمكن تحقيقه إلا بامتلاك الإرادة، والعمل بعد ذلك على تنمية المهارات الفردية، واستغلال الفرص (أو لنقل أشباه الفرص) المتاحة.
قطعا معظم تلك القصص، خاصة التي ينتمي أصحابها إلى أفريقيا، تحمل في جوانب كثيرة منها بعضا من المآسي المرتبطة بالفقر والعوز الشديدين، والتي قد تدفع لليأس الكامل من إمكانية تحقيق الحلم، لكنها – مرة أخرى – الإرادة فوق كل شيء وقبل كل شيء.
واحد من أجمل فصول الكتاب هو فصل/ قصة المنتخب الوطني المصري في كأس العالم في إيطاليا عام 1990، حيث يعيدنا الكاتب إلى تلك اللحظات الأكثر إثارة في حياة الجيل الذي عاشها وتابعها، كما أنه يقدم بعضا بعضا من كواليسها والتي قد لا تكون معروفة بشكل واسع بين القراء والجماهير.
“كل شيء أو لا شيء” ليس كتابا عن كرة القدم ”الصناعة” التي لا نعرف عنها الكثير، بقدر ما هو كتابا عن كرة القدم ”الإنسانية” التي نعشقها كلنا.