رباب طلعت أزمة ترامب مع تويتر
وصل الخلاف الذي نشب بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وموقع التغريدات القصيرة “تويتر”، بعدما وضع عملاق التواصل الاجتماعي “علامة تعجب” على إحدى تغريدات سيد البيت الأبيض، متسائلًا عن مدى دقة ما كتبه “ترامب” فيها، بموجب سياسته الجديدة حول مكافحة المعلومات المضللة، والتي أعلن عنها مايو الماضي، بالتزامن مع جائحة كورونا، إلى حد تهديد الأخير للمنصة بالغلق.
بدأت الأزمة بعدما غرد الرئيس ترامب عبر حسابه على “تويتر” قائلا: “ليس هناك أي احتمال (صفر!) في ألا ينطوي الاقتراع عبر البريد على احتيال كبير”، محذرًا من احتمالية وقوع “تزوير”، مضيفًا أنه “سيتم سرقة صناديق البريد، وسيتم تزوير بطاقات الاقتراع وحتى طباعتها بطريقة غير قانونية وتوقيعها بطريقة احتيالية”، ليتفاجأ بأن “تويتر” وضع علامة تعجب زرقاء، أسفل التغريدة للمرة الأولى في تاريخه، وفي سابقة لم تحدث مع رئيس آخر من قبل، وتعني تلك الشارة أن الموقع يعتبر التغريدة “مضللة”، وحثهم على الضغط على العلامة لمعرفة المزيد من المعلومات حول ما كتبه الرئيس الأمريكي، من خلال زيارة صفحة بها عدة مقالات جمعها القائمون على خدمة الـThird-party fact checker، حول مزاعمه.
لم ينل ما صار إعجاب “ترامب”، فرد عليه بتغريدة أخرى بعد ساعات قليلة، ووجه اتهامًا لـ”تويتر” بأنه يعمل على خنق حرية التعبير، وتعهد بغلق مواقع التواصل الاجتماعي، قائلًا: “يعتقد الجمهوريون أن منصات وسائل التواصل الاجتماعي تُخرِس أصوات المحافظين تمامًا. سننظمها بقوة أو إغلاقها قبل أن نسمح بحدوث ذلك”.
الإجراء الذي اتخذه “تويتر” ضد تغريدات “ترامب” ليس جديدًا على المستخدمين العاديين، إلا أن الأزمة الحادثة كانت بسبب أنه تم تنفيذه على رئيس دولة للمرة الأولى، حيث إن الموقع كان قد أعلن منتصف مايو أنه سيزيد من علامات التحذير المستخدمة لمراقبة المحتوى المضلل المنشور من خلاله، وقام بتحديث سياساته بذلك الشأن، وذلك ضمن ما يعرف بخدمة third party fact checkers program، التي يعتمدها “فيس بوك”، و”تويتر”، حاليًا فما هي؟
الـ facebook third party fact checkers program كما شرحها أحمد عصمت مدير منتدى الإسكندرية للإعلام لـ”إعلام دوت كوم” هي خدمة موجودة منذ عام 2016، وهو تحالف دولي مع مؤسسات صحفية وإعلامية وبحثية مستقلة وفيسبوك للتحقق من الأخبار وله 3 أهداف الأول الحذف ويعني حذف المحتوى الذي يخترق معايير مجتمع فيسبوك أو سياسات الإعلانات مثل خطابات الكراهية والحسابات المزيفة والمحتوى الذي يحض على الإرهاب، والثاني هو التقليل من انتشار هذه الأخبار، فهم يعملون على خلق موازنة ما بين حرية نشر المعلومات ودقتها، ففي حالة أن الطرف الثالث الذي يبحث في صحة الخبر أبلغ أنه محتوى خاطئ، أو غير دقيق فيقوم الفيس بوك بتقليل الوصول إليه من خلال ألجوريزم معين، أما الهدف الثالث هو الإخبار وهو أنه يخبر المستخدم بأن المحتوى المتداول غير جدير بالثقة.
وأجاب “عصمت” عن سؤال “كيف يعمل البرنامج؟” قائلًا إنه يسلك للتعرف على الخبر الكاذب طريقين، إما من خلال بلاغات المستخدمين أنفسهم (flagging or report) بأنه محتوى كاذب أو مزيف، أو عن طريق الجوريزم يعمل بالـ(machine learning)، عنده القدرة على التنبؤ بالمحتوى الكاذب أو الخاطئ من خلال المعلومات عنه، متابعًا أن الفيسبوك يقسم المحتوى المزيف لثلاثة تصنيفات إما خاطئ أو خاطئ جزئيًا أو عنوان خاطئ أي العنوان لا يدل على المضمون.
أشار مدير منتدى الإسكندرية للإعلام أنه تم مؤخرًا إضافة مستوى رابع لمحاربة إبلاغ البعض عن الأخبار الصحيحة أنها كاذبة وهي خاصية (true) أي تصنيفه أن الخبر صحيح، لافتًا إلى أن ذلك الفيسبوك يتعاون مع 55 مؤسسة صحفية ودولية مستقلة، هم الطرف الثالث (third party) منتشرين في دول كثيرة على مستوى العالم، وليسوا في مكان واحد، أو ضمن منظمة واحدة.
وعن انتشار هذه الخدمة حاليًا، قال إنه بسبب ضخ “فيسبوك” مؤخرًا استثمارًا ماليًا كبيرًا لمحاربة الأخبار الكاذبة، لكنها متواجدة منذ عام 2016، مؤكدًا أنه تدفع “فيس بوك” لبعض المؤسسات أموالًا مقابل تلك الخدمة، إلا أن بعض مؤسسات الطرف الثالث رفضت تلقي أية أموال، مشيرًا إلى أنه هناك اتهامات لـ”فيس بوك” تتلخص في سؤال: (هل يتم تسييس الأمور ويتم تحديد المستوى كاذب أم لا بناء على اتباع أحد الأطراف السياسية أم لا؟)
وعن “تويتر” طرف النزاع مع الرئيس الأمريكي فإن الموقع قد أعلن منتصف مايو عن تطبيق مستوى أكثر صرامة لمحاربة الأخبار الكاذبة عن فيروس كورونا على مستوى العالم، وحذف التغريدات مباشرة التي تتعارض مع خبراء الصحة وتوصيات منظمة الصحة العالمية، ويصنف تويتر الأخبار في جدول النزاع على الضرر كالتالي:
1- misleading information معلومات مضللة: وتلك يتم وضع (label) عليها أو حذفها.
2- disputed claim أو متنازع عليه: ويتم وضع (label) أو التحذير منها.
3-unverified claim : أي لم يتحقق منه بعد وهنا لا يأخذ ضده أي إجراء.
من جانبه شرح الدكتور محمد الجندي خبير أمن المعلومات، الخدمة لـ”إعلام دوت كوم” قائلًا: إن ما يعرف بـ(fact checking services)، هي خدمات يقدمها (third parties) وهم جهات متخصصة في التدقيق في الأخبار، وهي جهات معتمدة من معهد بوينتر للصحافة، وهو جهة شهيرة جدًا على مستوى العالم.
أضاف “الجندي” أن هناك فروقات بين تلك الخدمة على “فيس بوك” و”تويتر” بحسب نوعية الأخبار التي تصدر على كل منصة في كل دولة، لافتًا إلى أن “فيس بوك” أقوى من “تويتر” في تلك الخدمة لأن له السبق في استخدامها، بالتعاون مع الـ(third parties) نظرًا لأنه من الأساس موقع تداول أخبار، بالتالي له السبق في التعاون مع الجهات الإخبارية، مشيرًا إلى أن “تويتر” طبق تلك الخدمة حديثًا في مايو الجاري.
أوضح أن المشكلة ليست في جودة الخدمة، ولكن في عدم توافرها في بعض الدول، وذلك هو السبب في انتشار بعض الأخبار الكاذبة في دولة عن أخرى، معلقًا على أزمة “ترامب”، و”تويتر” قائلًا إنه بسبب تلك الخدمة من الأساس لأنهم طبقوها على أحد تدويناته، مؤكدًا أن “الكونغرس” هو من له الحق في غلق أو حجب تلك المواقع، وليس الرئيس الأمريكي، لأنه الجهة المعنية بذلك.
أكد خبير أمن المعلومات، أن “الفيس بوك” هو أكثر مواقع التواصل الاجتماعي قوة على الإطلاق في تطبيق تلك الخدمة، نظرًا لشراكته مع معهد بوينتر منذ سنوات، وإجابة على سؤال هل تعد تلك الخدمة اختراقًا لخصوصية حسابات المستخدمين أجاب: “بالطبع لا لأنه يتحقق من المحتوى العام، وليس الخاص، فهو يتحقق من الأخبار العامة، وليس ما يكتبه المستخدم على حسابه الخاص”. أزمة ترامب مع تويتر
اختتم الدكتور محمد الجندي حديثه قائلًا: إن الـ(third parties) أكثرهم يستخدم الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة (machine learning)، أي أن التحقق من الأخبار يتم باستخدام التكنولوجيا الحديثة وليس يدويًا فقط. أزمة ترامب مع تويتر