فاطمة خير
الخبر حزين للغاية بكل تأكيد؛ لكنه كان متوقعا بالتأكيد.. كلنا نعرف ذلك.
إصابة عدد من الزملاء الإعلاميين بفيروس كورونا المستجد، هو أمر موجع ومخيف، لهم كل الحب والتقدير، وكل التمنيات بالشفاء العاجل بإذن الله، لكنه من ناحية أُخرى أمر يبدو منطقيا للغاية في ضوء تزايد أعداد الإصابة بالفيروس بشكل عام، ولطبيعة العمل في مهنة الإعلام بشكلٍ خاص.
كل من يعمل في الإعلام، يعرف أن العاملين فيه لا يحصلون في الأغلب على احتياجاتهم الأساسية من ساعات النوم، كما أنهم يختلطون بعدد كبير من الأشخاص، وهذا أمر لا يمكن السيطرة عليه بشكل كامل مهما كانت الاحتياطات، خاصةً مع ظروف “التهوية”؛ فـ الاستوديوهات أماكن مغلقة مهما تم تنظيفها أو تطهيرها إلا أن الهواء لايدخلها.. ولا الشمس بالطبع، وبرغم الإجراءات المشددة التي يتم اتباعها على بوابات مدينة الإنتاج الإعلامي وفي داخلها، من قياس للحرارة والتشديد على ارتداء الكمامات، إلا أن الأمر يظل صعبا.
المرض مؤلم في كل الأحوال، لكن ربما يستطيع المريض الحصول على إجازة ويحل محله زميل إذا كان عمله يمكن القيام به، إلا أن المذيع أمام الشاشة هو العملة الأكثر ندرة، فحتى لو تم استبدال مذيع بآخر؛ إلا أن العدد يظل محدودا، وهنا نجد أنفسنا أمام أمر واقع يقول بأن مذيعي الشاشات معرضون للتساقط واحدا وراء الآخر، غير قادرين على القيام بأعمالهم لفترة غير قصيرة، فبعد أن يمّن الله عليهم بالشفاء، عليهم البقاء في العزل لفترة، ولأننا لا نعلم متى سينتهي هذا الوباء المرعب، يطرح السؤال نفسه: متى سنرى مذيعي البرامج يقدمونها من منازلهم؟
الأمر ليس بدعة بكل تأكيد، فمذيعي العالم قد سبقونا في ذلك بالفعل، حيث تحولت بيوت كثير من مذيعي القنوات العالمية إلى ستديوهات بث حي أو مسجل، ليس الإخباري والعاجل منها وحسب، وإنما يبدو جليا استسلام القنوات الغربية للأمر، والتعامل مع هذا الشأن باعتباره حالة ستطول لفترة غير قصيرة.
وبناءً على ذلك تم تجهيز “لوكيشن” البث بشكل لا تبدو فيه سمات الاستعجال، ويظهر المذيع/المذيعة دون أي علامات ارتباك أو عدم راحة.. تماما كأنه في محل عمله وحوله كل الفريق اللازم كي يخرج البث إلى الجمهور في أحسن شكل.
وتساءلت كثيرا: متى سأرى هذا المشهد على الشاشات المصرية؟ أما الآن فأعتقد أن الإجابة لا بد هي: هذا هو الوقت المناسب، ليس باعتباره الأمثل للحفاظ على صحة وحياة فرق العمل بما فيهم المذيعين، ولكن لأنه من المناسب اللحاق بركب العصر، والتعامل مع ما فرضته الظروف من تحديات، لا يمكن أبدا تجاهل متطلبات الوقت.. أي وقت، فالإعلام مهنة تسابق الزمن بالأساس.
من ناحية أُخرى، فهذا التحدي ممتع للغاية لأي إعلامي محترف أيا كان تخصصه، سواء المذيع أمام الشاشة، أو فرق الإعداد والإخراج والإنتاج والصوت وغيرها، هو تحدي إيجابي بكل معنى الكلمة، فالنجاح فيه يعني اكتساب مهارات جديدة، خاصةً أننا في عصر لا يعترف بالجغرافيا، ولا يُعتَبر المكان عائقا بأي شكل لإتمام العمل الإعلامي.
كل ما يشغل بالي الآن: ما هي القناة المصرية التي ستخوض التجربة أولا؟