من الحاجات اللى مش ممكن انساها السعادة الغامرة اللى كنا نشعر بها واحنا اطفال عندما يقترب شهر رمضان والفرحة الهيستيرية اللى كانت تصيبنا عندما تعلن دار الافتاء ظهور هلال شهر رمضان ايام ما كنا نعتمد فقط على الرؤية الشرعية قبل الاعتماد الكبير على المعايير الفلكية .. رمضان زمان كان له بهجة مختلفة تماماً وكل حاجة كان ليها طعم ومذاق افضل.
لكن السؤال من هم المتهمين اللذين سرقوا منا فرحة رمضان فى السنوات الاخيرة ؟؟!!
المتهم الاول
الخلافات السياسية والفكرية التى فجرتها ثورة يناير بين افراد الشعب عموماً وتضاعف الشقاق بعد فض اعتصام رابعة ولم يعد الخلاف قاصراُ على اصحاب الافكار الدينية والسياسية المختلفة ولكن امتد الى اصحاب التوجه الفكرى الواحد. فمثلاً يمكن ان تجد الأن مؤيدين للنظام بشكل مطلق بما يشبه المبايعة او الشيك على بياض، وهناك المؤيدون بشروط وكذلك المؤيدون بتحفظات او المعترضون بمنطق، فما بالكم بالخلافات بين الاتجاهات الفكرية المتعارضة والمتناقضة . وللاسف كله ينعكس على مائدة الاسرة المصرية فى رمضان فتجد الجميع يتجنب الدخول فى موضوعات خلافية والبعض الاخر يتحجج بظروف العمل للهرب من تلك الزيارات تجنباً للكلام فى موضوعات مزعجة.
المتهم الثانى
الانفجار الاعلامى حيث ماسورة القنوات الفضائية التى افتتحت مؤخراً وطوفان البرامج والاعمال الدرامية الذى حرم الجميع من متعة اللهفة الكلاسيكية فى انتظار الفزورة او المسلسل او البرنامج واللمة الاسرية للمشاهدة. لانه فى تلك الايام البعيدة كان من يفوته مشهد من مسلسل يضطر للانتظار حتى يراه فى الاعادة الكاملة ومن يفوته فزورة او حلقة من برنامج يستعوض ربنا فيهم! فلم تكن هناك قنوات غير الاولى والثانية الارضية وربما الثالثة والمحليات ولم يكن هناك نظام مطلقاً للاعادات وبالطبع لم يكن هناك يوتيوب او انترنت اصلاً والتى تتيح لك الان امكانية ان تشاهد برامجك ومسلسلاتك فى الوقت وبالكيفية التى تريدها على اللابتوب وانت فى سريرك. وكل ذلك يعد ضربة قاصمة لاصحاب المنهج العتيق فى مشاهدة كل برامج ومسلسلات رمضان واللى كانوا مش بيفوتوا اى حاجة، الناس ديه طبعاً مش ممكن يعيشوا بالمنطق ده فى عصر فوضى المسلسلات والبرامج والا يموتوا بتخمة الدراما !!
المتهم الثالث
شبكات التواصل الاجتماعى واجهزة الموبايل والتى ضربت فى الصميم جلسات السمر العائلية الرمضانية وحواديت الذكريات وتبادل الاراء فى البرامج والمسلسلات بل اصبح الجميع يتبادل التهانى الرمضانية عبر الفيسبوك !! وحتى خلال الزيارات العائلية تجد الجميع يأكل ويشرب وعينيه على الموبايل بينما الاحاديث العائلية اصبحت نادرة وحتى لو قرروا الخروج فى كافيه تجدهم ايضاً كل واحد فى عالمه مع موبايله وفيسبوكه.
المتهم الرابع
ارتفاع الاسعار لان اسعار السلع وخصوصاً الرمضانية ارتفعت بشكل جنونى مما ترتب عليه ان كثير من الاسر المتوسطة (وليست الفقيرة) اصبحت تحرم اولادها من بعض انواع الحلوى والياميش لانها تشكل ضغط على ميزانية الاسرة.
المتهم الخامس
التطور التكنولوجى لأن رمضان زمان كان لا يشغل امسياته سوى بعض المحادثات التليفونية القصيرة بين القلة التى كانت تمتلك تليفون فى البيت. وكان الراديو ساعة الافطار له مذاق مختلف لانه كان يتيح تناول الطعام بنوع من التركيز بدلاُ من ظاهرة حمل الاطباق والجلوس امام التلفزيون ومن منا يمكن ان ينسى مسلسلات الاذاعة الشهيرة مثل “البرارى والحامول”، “الدنيا على جناح يمامة” والفوازير الاذاعية وغيرها من كنوز الاذاعة فى رمضان.
المتهم السادس
الزحام الذى اصبح يسيطر على معظم المدن الكبرى. فقديماً كان الزحام يقتصر فقط على ساعة الافطار رغبة من الجميع فى الافطار فى المنزل وكانت الشوارع تخلو تماماً من المارة بعد ضرب المدفع بدقائق وربما لمدة ساعة وكان منظر الشوارع الخالية بعد الافطار واحد من اهم الطقوس الرمضانية المميزة للمدن المصرية، ولكن الان الزحام اناء الليل واطراف النهار وممكن تتحشر فى الزحمة ما لا يقل عن ساعتين بدون سبب منطقى !!
كل هولاء المتهمين هم المسئولون عن سرقة فرحة رمضان منى ومنك ومن كل الناس فهل يمكن ان يتم مسائلة اولئك المتهمين امام اى محكمة عادلة ام نكتفى بمحكمة الضمير او محكمة التاريخ ؟؟!!