كشف الإعلامي محمود الورواري عن تفاصيل مسيرته الطويلة في العمل الشاق بحثا عن التغيير المستنير، وناقش مع الأهرام أونلاين، في حوار أجراه من العزل الذاتي في دبي، الأسباب التي دفعته للإصدار كتابه الأخير “أهل العقل”.
وتوقع الورواري السقوط الوشيك لقيم الرأسمالية في أعقاب وباء كوفيد 19، كما قدم وصفة عملية قابلة للتطبيق للتقدم في العالمين العربي والإسلامي وتحدث عن العوامل التي تعرقل التنوير بمفهومه الحقيقي.
عندما صدر كتاب “أهل العقل” في يناير الماضي، كان الورواري قد انتهى للتو من تسجيل كامل لبرنامج إذاعي تحت نفس العنوان لإذاعة صوت العرب. وواصل فيه الورواري بحثه عن أسباب صعود وسقوط الحضارة العربية الإسلامية، وهو مشروع استحوذ على وقته وجهده أثناء عمله بقناة العربية على مدار أربع سنوات.
وعن اختياره للإذاعة لبث حلقات “أهل العقل”، ذكر الورواري أن لكل من وسائل الإعلام متابعيه. ولفت إلى أن بداية فكرة “أهل العقل” استمدت من برنامج يسمى “منارات” استمر لمدة أربع سنوات تقريبًا على قناة العربية وكان مشروعًا ضخمًا تجول فيه فريق العمل في العالم العربي والإسلامي وتوقف بالتأمل عند مختلف الأيديولوجيات.
وقال: “على سبيل المثال، ذهبنا إلى موريتانيا لمقابلة مفكرين مثل أساتذة الفلسفة الإسلامية، وعلماء الاجتماع أو المؤرخين المعروفين والمفكرين”، وأصبح المشروع كتابًا نشرته الدار المصرية اللبنانية في معرض القاهرة الدولي العشرين للكتاب، وانطلق في يناير 2020 تحت عنوان “أهل العقل”، وهو من إلهام هذه المقابلات الهامة.
وطرح الكتاب سؤالين بشكل رئيسي: يدور أحد الأسئلة حول فكرة العقل الديني وموضوع التطرف والعنف والدولة الإسلامية والقاعدة وعبارة “تجديد الفكر الديني”. أما السؤال الآخر هو سؤال التنوير حول سبب تأخرنا نحن العرب والمسلمين بينما تقدم الآخرون. وكان المشروع موجودًا بالفعل على شاشة التلفزيون وفي الكتاب، لذلك كان عرضه عبر الإذاعة اختيارًا صحيحًا.
واكتشف الورواري أن الإذاعة ذات سحر خاص لقدرتها على نقل المعلومة من الأذنين إلى القلوب مباشرة. وكشف عن متابعته للإذاعة وأنه من أشد المعجبين ببرامجها، مؤكدا إنه في ذروة الصحف المطبوعة ومشاكل الصحافة التلفزيونية، تظل الإذاعة أقل عرضة لما يصيب التليفزيون، خاصة في مصر. وأضاف: “قد تواجه الإذاعة بعض التحديات مثلها في ذلك مثل الصحافة المطبوعة في لعبة الأجيال الإعلامية، ولكن في نهاية المطاف لا توجد وسيلة إعلامية قادرة على إلغاء أخرى، بل الأكثر احتمالاً أن ترتفع وسائل إعلام أو تنخفض أخرى في خضم المنافسة، لكن كل وسيلة ستحتفظ ببريقها الخاص ، وبالتالي ستظل الإذاعة دائمًا”.
يعد محمود الورواري من رواد التسعينات في التلفزيون المصري قبل ظهور وتأسيس القنوات التلفزيونية الفضائية في جميع أنحاء المنطقة، وظل مشغولاً بقضية التنوير لسنوات طويلة. وهو أيضًا كاتب عمود بارز في صحيفتي الشرق الأوسط والعين الإخبارية، وله تأثير موازِ ومساهمات كثيرة في الأدب أيضًا؛ نشر الورواري أكثر من 22 كتابًا من الروايات والمسرحيات والوثائق والكتب التي تقدم قضية التنوير موضوعًا لها. وتنافس بعض رواياته على جوائز إقليمية مرموقة، بما في ذلك جائزة البوكر للرواية العربية مثل روايته “حالة سكوت” وجائزة الشيخ زايد للكتاب عن كتابه “البلد الكبير”