محمد الحلواني
طرح إسلام عمر، بموقع الأهرام أونلاين، باللغة الإنجليزية، السؤال التالي على الإعلامي محمود الورواري: من أين يبدأ التغيير والتنوير؟ وهل تعتقد أن الإعلام يمكن أن يكون له تأثير؟
فأجاب الورواري: “في مرحلة ما، ستلتقي جميع العوامل لتشكيل التنوير. هناك دائما المحركون والمستقبلون. بمعنى، هناك الكثير ممن يدفعون نحو التنوير وغيرهم ممن يجعلونه يحدث”.
الإعلام جزء من المشكلة
أضاف الورواري: “عندما التقيت بأستاذ الفلسفة المغربي الكبير محمد السبيلة، قال إن الإعلام جزء من المشكلة وقال إنه يعتقد أن الإعلام العربي شارك عن غير قصد في أن تكون العقول العربية أكثر ضحالة وسخافة. أنا أحترم وجهة النظر التي طرحها”.
وتابع الورواري: “اتُهمت وسائل الإعلام بأنها ضحلة وجزء من المشكلة. نعم، أوافق على أننا في الإعلام العربي، منذ بداية عصر الأقمار الصناعية في أوائل التسعينات، كنا جزءًا من هذه الأزمة، وأخفقنا في التنوير. لا أستطيع أن أقول إن هذا حكم مطلق ولكنه جزء من الحقيقة بالفعل.
أضاف أنه كانت أول تجربة فضائية عربية مصرية، في ديسمبر 1990، تلتها مجموعة إم بي سي في غضون أسابيع، ثم تبعتها جميع الدول العربية. لسوء الحظ، حدث هذا خلال تحول عالمي ضخم بعد تفكك الاتحاد السوفياتي الذي كان يعني سقوط النموذج الشيوعي وأسفر عن صعود وانتشار المثال الليبرالي الرأسمالي بكل قيم اقتصاد السوق. لذا، اضطرت وسائل الإعلام العربية للتعامل مع جشع الرأسمالية وأصبحت وسائل الإعلام أداة في أيدي رجال الأعمال. ظهر هذا بوضوح في التجربة المصرية التي قدمت منتجًا مشوهًا لا يمكن وصفه بالتلفزيون أو الراديو أو الصحافة.
زوال الحدود وضياع التصنيف
يعتقد الورواري أن ثمة أزمة تصنيف في التلفزيون اليوم، وأوضح: “ترى شخصًا يتحدث لمدة ساعتين أو ثلاث ساعات أمام الكاميرا في إطار لا يمكنك تصنيفه، هل هو رأي مرئي أو برنامج إذاعي أو تلفزيون. إذا أغلقت عينيك، فهذه إذاعة وإذا فتحتهما، فإنه تلفزيون وإذا انتبهت؛ ستجد المذيع يكشف عن منصبه السابق كصحفي في صحيفة معروفة وأنه وصل إلى الشاشة بسبب علاقته برجل أعمال.
في الواقع، انطلقت وسائل الإعلام الفضائية العربية في زمن الانتصار للرأسمالية الجشعة، لتتحول إلى سلعة وناطقًا بلسان الرأسمالية التي تتعارض دائمًا مع مفهوم التنوير. يعمل التنوير على القيم، بينما تعمل الرأسمالية على التسليع، أي البيع والشراء. وبالتالي، لا يمكنك أن تفاجأ عندما ترى فكرة تحويل الدين إلى سلعة أنتجت ظاهرة الوعاظ والدعاة الجدد.
أضاف الورواري أنه اختلطت الفنون وانهار المسرح، وأولئك الذين كنا نسميهم رسل القيم في العالم العربي تحولوا إلى خدام في بلاط الرأسمالية الشريرة، ينقلون صور السلع الاستهلاكية ويخدمون إعلانات الملاكمين والسيارات الفاخرة. ولذلك، تورطت وسائل الإعلام عن غير قصد – وأنا على دراية بنوايا الأشخاص العاملين في المجال – في مفهوم التسليع، بينما أصبح التنوير مهمة شاقة في مجتمع لا يلاحق سوى الأرباح.
وأعرب الورواري عن أمله في أن تلعب وسائل الإعلام دورها، على الرغم من اعترافه بأنه عندما يقدم برنامجًا تنويريًا يعلم أن جمهوره سيكون قليلًا جدًا، ولكن في النهاية يعلم أيضًا أنه إذا تمكن من الوصول إلى شخص واحد فقط، فقد يؤدي ذلك إلى تغيير كبير في العقول من حوله.