نقلاً عن جريدة المقال
فجأة ودون أي مقدمات خرج علينا هذا الخبر قبل يومين من رئاسة الجمهورية” اِجتمع الرئيس عبد الفتاح السيسي باللواء شوقي رشوان رئيس الجهاز الوطني لتنمية شبه جزيرة سيناء، وناقش معه جهود وخطط تنمية سيناء وتطوير أوضاع أهالي سيناء وتحقيق الاستقرار”.
هذه شيء جميل، ولكن ما هو الجهاز الوطني لتنمية سيناء؟.. وأين كان وسيناء تنهار فيها التنمية ويحل مكانها الإرهاب بهذا الشكل؟
في الحقيقة إن رئاسة الجمهورية لم يغب عنها الإجابة عن السؤال الأول حيث في نفس البيان قال المتحدث الرسمي للرئاسة السفير علاء يوسف “إن الجهاز أنشئ في عام 2012 حيث يقوم بتنفيذ مهام التخطيط والتنسيق والمتابعة لتنمية شبه جزيرة سيناء، كما يساهم في إعداد الخطط الاستثمارية لعرضها على مجلس الوزراء، فضلاً عن التنسيق مع جهات الدولة المختلفة لإصدار التشريعات المختلفة التي تهيئ مناخ التنمية في سيناء، كما يساهم في تحديد أولويات الإنفاق في سيناء”.
لاحظ أن الرئاسة نفسها احتسبت لمفاجأتنا بوجود ما يسمى بجهاز وطني لتنمية سيناء فعملت على تقديم تعريف له، والطبع بالمعرف لا يعرف، فلو كان الجهاز له دور حقيقي منذ إنشائه في 2012 أي قبل 3 سنوات فلما احتاجت الرئاسة أن تعرفه في بيانها.
ولكن لاحظ أيضا أن تعريف الرئاسة للجهاز تضمن أنه يقوم بتنفيذ المهام والخطط الاستثمارية وينسق مع الدولة في إصدار التشريعات التي تشجع الاستثمار بسيناء، أي أنه مفترض أن جهات الدولة على الأقل – وليس الشعب- تعرف جهود هذا الجهاز لأنه ينسق معها، بينما في نفس البيان الرئاسي فقد تضمن أن ” رئيس الجهاز اللواء شوقي رشوان قدم للرئيس السيسي عرضاً للأنشطة التي يقوم بها الجهاز ومقترحاته لتنمية سيناء”
أي أن رئيس الجهاز هنا يقدم لرئيس الجمهورية نفسه تعريفا بالجهاز ويعرض عليه جهوده بينما المفترض أن رئاسة الجمهورية على تواصل مستمر مع الجهاز خاصة خلال الفترة الماضية التي تشهد فيها سيناء أحداث إرهابية كبيرة مما يجعل كل من له اتصال بهذه المنطقة متواصلا مع أجهزة الدولة وخاصة رئاسة الجمهورية، ولكني أكاد أجزم بأن أغلب مسئولي الرئاسة لم يكن لديهم معرفة أو علم بهذا الجهاز ولا ما يقوم به إلا حينما تحدد هذا اللقاء.
ولا زلت في قراءة البيان الرئاسي عن هذا الجهاز المفترض انه مسئول عن تنمية أخطر منطقة في مصر حيث جاء بالبيان أن رئيس الجهاز الوطني لتنمية سيناء عرض على الرئيس ” مقترحات بإقامة شركات مساهمة وطنية في مجالات التعدين تشارك فيها القوات المسلحة، بحيث تساهم في توفير فرص للعمل وتشغيل الشباب، كما استعرض مقترحات الجهاز ومتابعته لعملية اتخاذ القرارات اللازمة لطرح الأراضي المستصلحة في شمال سيناء وتوزيعها على المواطنين وتخصيص نسبة 25% منها لأبناء سيناء”.
لا حظ هنا الرؤية القاصرة لدى جهاز تنمية سيناء وهي رؤية تضرب كل جهات الدولة في الحقيقة، وهي التي تقوم على أن الإرهاب في سيناء سببه غياب فرص العمل فقط وأنه يتوفير فرص العمل سوف يتم القضاء على الإرهاب، وفي الحقيقة هذه الرؤية التي أضاعت سيناء والاستمرار فيها يهدد بضياع ما تبقى منها، فقد كتبنا مرارا وتكرارا على صفحات هذه الجريدة وأيضا كتب الكثير من زملائنا في الجرائد الأخرى أن الإرهاب في سيناء ليس سببه غياب فرص العمل فقط بل هناك إرهاب وافد متعلق بالمعتقد وإرهاب متعلق بالحفاظ على مصالح الخارجين عن القانون وغيرها من أشكال الإرهاب الأخرى.
وقد طالب الرئيس مرارا وتكرارا بأفكار وخطط خارج الصندوق لتطوير سيناء والقضاء على الإرهاب في شتى ربوع مصر وليس سيناء فقط وطالب بتنمية ليست في الاقتصاد فقط ولكن تنمية فكرية ومواجهة للأفكار المتطرفة، ولكن في الوقت نفسه فإن الجهاز الوطني لتنمية سيناء تعني أنه كان يعيش منذ إنشائه داخل الصندوق بل داخل الثلاجة ولم يدرك التطورات التي حدثت وتحدث على الأرض يوميا ولذلك يطرح علينا خططا بالية لتحقيق التنمية في سيناء.
وللإجابة على السؤال الثاني الذي طرحته في مقدمة المقال حوا أين كان الجهاز الوطني لتنمية سيناء كل هذا الوقت فوجدت التالي:
الجهاز أنشي في عهد حكومة هشام قنديل وقت الرئيس المعزول محمد مرسي وكان ذلك في اغسطس 2012 حيث صدر المرسوم بقانون رقم 14 لسنة 2012 بشأن التنمية المتكاملة فى شبه جزيرة سيناء متضمنا إنشاء هيئة عامة اقتصادية تسمى الجهاز الوطني لتنمية شبه جزيرة سيناء تتبع رئاسة مجلس الوزراء و حدد موارد تمويلها التي تستخدم مستقبلا في آلية التنمية بسيناء و قد أصدر السيد رئيس مجلس الوزراء
وبعد ذلك صدر القرار 915 لسنة 2012 بشأن النظام الأساسي للجهاز، ثم القرار 959 لسنة 2012 بشأن اللائحة التنفيذية للمرسوم بقانون رقم 14 لسنة 2012، ثم قرار رئيس الجهاز المركزي للتنظيم و الإدارة رقم 230 لسنة 2012 بشأن جدول وظائف الجهاز الوطني لتنمية شبه جزيرة سيناء الهيكل التنظيمي للجهاز الوطني لتنمية شبه جزيرة سيناء.
ومنذ نشأة الجهاز لم يفعل شيئا إلا عدد من الاجتماعات وإعلانات عن وظائف داخله لاستكمال كيانه سواء في مقره بالقاهرة بالقاهرة أو مقره بالعريش في شمال سيناء والمقران مؤقتان حتى الآن.
أما أنشطته فتلخصت في إصدار موافقات على إنشاء محاجر لصالح عدد من المستثمرين أو الشركات في سيناء أو منطقة شبه جزيرة سيناء، أي أنه تحول لجهة منح تراخيص وكأنه جهة أمنية وهو كذلك بالفعل أي أن العقلية الأمنية لا زالت هي التي تحكم التنمية في سيناء رغم أن التنمية تحتاج خيالا واسعا بينما الواقع أن الرئيس كمن جاء لنا بكيان يعيش في الثلاجة حتى تجمد ويطلب منه تنمية سيناء التي شهدت تطورات سبقت هذا الكيان بعشرات السنين الضوئية.