"كل شيء أو لا شيء".. بُعد جديد للكتابة عن كرة القدم

أحمد أبو درويش

في “كتابه كل شيء أو لا شيء” يقدم الكاتب محمد البرمي، بعدًا جديدًا في الكتابة عن كرة القدم. لا يتعامل الكاتب مع الكرة داخل العشب الأخضر فقط، بل يجلي البعد الإنساني للتحدث عن مآسي اللاعبين كيف كانت حياتهم قبل وبعد الكرة. كيف غيرت الكرة أشخاصًا ودولًا وشعوبًا.

نرشح لك: “كل شيء أو لا شيء”.. عن الجانب الإنساني لكرة القدم

 

يأخذك البرمي في رحلة في كل بقاع الكرة الأرضية. يركل الكاتب الكرة الأرضية، ويعدو في فضاءاتها المصبوغة بالأحمر بفعل الحروب والمآسي الإنسانية بحثًا عن ذلك الشغف. ذلك الحلم الذي غيّر شعوبًا وأنهى صراعات.

   أحمد درويش                                                         

في مقدمته للكتاب يأخذك البرمي للتعامل مع كرة القدم على أنها هي وحدها الجديرة بلقب “أفيون الشعوب” يتحدث عن حلمه وحلم الملايين. يمنح الكتابة عن الكرة بعدًا أكبر من مراوغات ميسي وأهداف كريستيانو وفنون الساحر رونالدينهو، فهل تتصور أن كتابًا يتحدث عن أعظم اللاعبين في التاريخ لا يضم بيليه ولا مارادونا ولا روماريو ولا رونالدو ولا رونالدينهو ولا ميسي ولا كريستيانو! لذا أقول بأن البرمي يمنح الكتابة عن كرة القدم بعدًا أكثر عمقا.

هو يأخذك في رحلة إنسانية تترك داخلك عظيم الأثر عن بطولات من نوع أخر، تبدأ حكايتها قبل وصول اللاعب للمستطيل الأخضر، عما قاساه في حياته من متاعب وصلت بعضها لإحساس الأهل بأن ابنهم سيكون من المستحيل أن يلمس كرة القدم ويراه العالم. يصور البرمي في كتابه أهوال حرب البلقان على كرواتيا وكيف نجا من تلك المآسي لاعب عالمي حصل على جائزة الأفضل في العالم وهو “لوكا مودريتش” كيف بدأت القصة وكيف سطر ذلك الشاب ما يشبه المستحيل! هنا تكمن روعة كتابة البرمي، وهذا هو البعد الذي منحنا إياه في الكتابة عن كرة القدم.

يمتلئ الكتاب بقصص وملاحم كثيرة، بعض تلك القصص ما تزال تسطّر داخل الملاعب أو قل بالأحرى تنزف بالمجد، وبعضها انتهى نهاية مأساوية، وبعضها الآخر خلد في التاريخ كضرب من السحر إذا حكيت قبل حدوثها لم تكن تصدقها.

عن ذلك الصبي الأسود الطويل الذي يتميز بمهاراته وقوته. حلمه أن يصير لاعبا مشهورا يحقق لبلاده حلما بعيدًا، نجاته من الحرب الأهلية في ليبيريا وخروجه لفرنسا، كيف صنع المجد في كرة القدم ليتوج كأول وآخر أفريقي حتى الآن بالكرة الذهبية، دأبه المستمر لرفعة شأن الكرة الليبيرية ثم وبعد سنين طوال يصير رئيسًا لبلاده، هكذا يجسد البرمي قصة “جورج ويا”، وقصة أقرانه، ليقول في النهاية أن خلف العشب الأخضر وغرف الملابس وأحلام الأموال الطائلة والنجومية والتكتيكات خلف كل ذلك شقاء ونزاعات مسلحة وفقر مدقع ومعاناة مع القدر وصراعات نفسية رهيبة. يجليها البرمي في أكثر من 30 قصة في 25 فصلًا من السهل التهامهم جميعًا في جلسة واحدة لجمال سرده المتدفق في لين.

فأنت في حضرة كاتب محترف يغزل من الكلمات قصصا هوليودية قصيرة لن تمل أبدا من قراءتها والعيش داخل مغامراتها.