فارس
عزيزي القارئ إذا أردت أن تبلل شفتيك كنوع من العاطفة أرجوك لا تكمل المقال
ذرني أحدثك عن شئ يزيدني عزيمة ويفتح الباب أمام كل من ظن أن الوقت قد انتهى فتعالى معي في بضع سطور.. أقول لك من هو فارس؟
جسد المسرحية أتت مبكرة في تلك الرواية استيقظت بصيرته وبصره لم يستيقظ، لم يرى النور لكنه أدركه، ولما بلغ أشده أدرك معنى كلمتي قضاء الله وقدره وسار في طريق طويل بدايته مدرسة النور بكوبري القبة، 5 ساعات طوال 12 عاما كان يقضيها فارس كل يوم للذهاب إلى تلك المحطة.
مشهد رأسي من داخل مكتب وزير التربية والتعليم الدكتور أحمد جمال موسى، تحت عنوان “تكون أو لا تكون “، يبدأ المشهد برفض مدير المكتب طلب الشاب الكفيف بلقاء الوزير لإجراء حوار يعلق على مجلة الحائط المدرسية!!
احتد النقاش حتى رضخ أحد الطرفين أمام إصرار الآخر (هخليك تقابله وتعمل الحوار عشان أشوفك انت يا كفيف هتعمل إيه)، فكانت النتيجة فوز المجلة بالمركز الأول في الصحافة المدرسية على مستوى 50 مدرسة كان فارس فيها الكفيف “اللي ورانا هيعمل إيه “.
بوساطة إعلامي وكاتب معروف مؤثر في الأحداث يدعى إبراهيم حجازي استطاع الشاب فاقد البصر أن يلتحق بكلية الآداب قسم الإعلام جامعة حلوان رغم أن جميع من يعمل في السلك الأكاديمي أثبتوا له أن الأمر مستحيلا، وأن العثور على ماء على سطح المريخ أسهل من التحاقه بكلية عملية.
وأمام الاختبار الأول كان الفارس بجدارة الأول على دفعته بامتحانات نصف العام وظل هكذا متأرجحا بين الأول على صفه أو الثاني إلى أن اختتم دراسته وهو الأول على أقرانه بشعبة الإذاعة والتليفزيون.
تلقى فارس سهام اليأس وطعنات “التهميش“ من الكلمات المسمومة التي تحمل استنكارً أكثر من كونها استفهام “أنت هتعرف تقدم حلقة زينا؟!!” إلا أن الوقت كان خير دليل للرد، ففي غضون ثلاث سنوات فقط كان فارس على مقعد شاشة النهار بجانب مقعد الإعلامي الأبرز على الساحة وقتها خيري رمضان لتقديم حلقة كاملة، ولم يكن ذلك كافيا فقد أجرى حوارات صحفية مميزة من بينها حوار كان هو الأخير في حياة الراحل جلال أمين من داخل منزله والسياسي الكبير عمرو موسى والمهندس عدلي القيعي.
تخرج فارس وتخرجت معه أحلامه إلى النور فتخطى مرحلة تمهيدي الماجستير حتى أن وقع عليه الاختيار مسؤلا إعلاميا ومتحدثا عن مؤسسة اسمعونا الخيرية.
ويبقى السؤال.. هل أجاب فارس على من ظنوا أنه لا يستطيع؟ قبل أن تجيب سأخبرك أن فارس نفسه ما زال يبحث عن فرصته الكاملة ليجيب أمام الجميع ويخبر نفسه بحقيقة ما قيل وما يستطيع..
قد نغوص في التفاصيل ونسير في الطرق دون إن نعرف الدافع، تأخذنا الجوارح ونغفل عن النفس وإرادتها وما راودها من شغف لتحقيق أمانيها. تعود أصل الحكاية وفصل الرواية حيث معقل التتش فأنا أهلاوي منذ الصغر ومنه تأسست أفكاري وشكلت وجداني وبنيت شخصيتي وأمددتني أهلاويتي بكل المعاني وإن سألتني.
“إيه علاقة ده بده؟”.. سأجيبك بأن ليس من المنطقي أن أحرز كافة أهدافي في الحياة ما بعد الدقيقة الأخيرة أليس ذلك تشابه يألفه الروح؟ ومن الصغر إن وجدت الجميع يحدثك عن النجاح حتى تضجر وتجد مؤسسة ما وحيدة ترفع شعار المبادئ هي الطريق إلى النجاح، أليس في ذلك علم وفلسفة تلهمك كل العزائم وتصنع كافة تحدياتك وتعينك على السير فوق الأشواك؟
استحضرت روح الدقيقة 90 مع كل صدمة، استقويت به مع تبخر الأحلام وتبعثر الأماني وتوالي الإحباطات، ولما لا يكون مصدر القوة والإلهام، وهو الذي واجه الصعاب منذ ربيعه الأول، وهي فلسفتي الفارسية التي صبغت واكتست باللون الأحمر.
استكمل فارس الخلطة بعد أن نما إدراكه وأصبح أهم أمانيه هو أن يكون حارسًا للعلم والنسر كي يكون جند من جنود مصر يرد لها جزء من جميلها.
تتشابك بداخلي خيوط الرواية بين الدافع وما أوده وبينهم ما أتعلمه يومًا بعد يوم، هل صارت الحبكة متماسكة وهل أقوى على حلها وفك خيوطها لأصل إلى النهاية المرجوة؟ أم ستزيد عقدتها مع كل خطوة أم سيبعث نورًا لم تهتدي له بصيرتي بعد؟
أمل وجدت ضالتي في سؤالي “متى يستجيب الرئيس؟” كأنها أجابة وليس استفهام، حتى فاجأني الرئيس السيسي بأول استجابة له، إذ كان اللاعب الأوليمبي منعم يدعو الرئيس على الهواء في لقائه مع الإعلامي أسامة كمال، إلى حضور أول دورة ألعاب إفريقية لذوي الهمم تقام بالقاهرة، فأجرى له الرئيس مداخلة هاتفية وأعلن فيها استجابته للدعوة، عند إذ فقط أدركت أنني أستطيع أن أقدم نفسي وأكون قيد الاختبار لتلك الفرصة وإن ظفرت بها سأحقق أكبر أمنيات حياتي وهي أن أصبح مذيعًا كبيرًا يخدم مصر في مجال تميزه وتكون البداية كما خططت أن أكون أصغر شاب من ذوي القدرات الخاصة في العالم يجري حوارًا تليفزيونيا مع رئيس دولته فهناك رئيس يقدر النجاح ويسعى حثيثًا لأن يكون هو أول الداعمين له.
وهنا يتجلى أمام الجمع أننا نستطيع ولسنا كما يظن البعض أصحاب الـ5% فقط، وإعاقتنا هي سبيلنا الوحيد لشغل وظيفة، بل أثبتنا للجميع أن ذوي القدرات الخاصة أصحاب منح وإذا لم تتح لهم الفرصة لإثبات أنفسهم لا يبرحون الأرض حتى يصنعون تلك الفرصة.
أما عن اسمعونا فقد صارت الدار، ونقطة الانطلاق، فما رأيت منها إلا اسمها، يسمعونني واسمعهم أدلو بدلوي في غير تخصصي فأراه موضع اهتمام، كل حبال عملي متروكة لي، ولا أرى منهم إلا الإنصات والإشادة بالنتائج، فأعلم أنني هنا وأحدث التأثير فـ “فارس” عامل من عوامل التغيير كما يقولون، فارس ليس من أصحاب الهمم بل جزء من ترس يخدم أهالي مصر بالقرى النائية.
إن قالوا لك لا تستطيع فأبهرهم باستطاعتك وإن وضعوا لك الشوك فاقطفه لهم وردا، وإن كانت العين تراك معاقا فكن متحديا أما أنا فقد سرت به حتى أكتب لكم تلك الكلمات..