إسراء إبراهيم
“احذر شبح آرائك القديمة”.. جملة أصبحت واقعا يهدد حياة المشاهير خلال الأشهر القليلة الماضية، فعلى مدار الشهر الماضي والحالي تكررت أزمة المشاهير مع آرائهم وتصريحاتهم السابقة أكثر من مرة.
البداية كانت مع أحمد شوقي المدير الفني لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، الذي خسر منصبه بسبب بوست له من عام 2014، وصف فيه ضحايا مذبحة بورسعيد من الجمهور الأهلاوي بكلمة “نفوق”، لتبدأ معها دوامة من الانتقادات اللاذعة التي لم تهدأ باعتذار “شوقي” في بيان رسمي، وانتهى المطاف باستقالة “شوقي” من منصبه في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته المُقبلة.
هدأت “السوشيال ميديا” عقب الاستقالة وكأن الأمر انتهى، هل كان يتوقع “شوقي” أن كلمة على حسابه الشخصي منذ 6 سنوات ستكون عائقًا أمام توليه منصبا مهما في أعرق المهرجانات الفنية المصرية؟.. بالطبع لا، لكن كيف ظهرت “البوستات” القديمة إلى الساحة بعد كل تلك السنوات؟ لماذا الآن؟ وما هدفها؟ لا أحد يعلم إجابة كل تلك التساؤلات.
تكرر الأمر منذ عدة أيام مع الفنانة إسعاد يونس في مقال كتبته عام 2013 بعنوان “فتحية” في جريدة “المصري اليوم”، تتحدث فيه بطريقة الإسقاطات عن فترة حكم الإخوان، أعادت “يونس” نشر المقال عبر حسابها الشخصي على “فيس بوك”، بالتزامن مع ذكرى ثورة 30 يونيو، إلا أن الأمر لم يجرِ كما خُطط له.
المقال قوبل بهجوم لاذع وشديد الحدة، واتهامات لإسعاد يونس بالعنصرية والتنمر على الفلاحين، مما جعلها ترضخ لقوة الانتقادات وحذفت المقال من صفحتها على “فيس بوك”، لماذا الآن اتهمت إسعاد بالتنمر وظل المقال منسيًا 7 سنوات دون أي إشارة له؟.. الإجابة غير معروفة.
نال المخرج عمرو سلامة حظه من الانتقادات على آرائه القديمة، وذلك بسبب “بوست” كتبه عام 2014، يتحدث فيه عن أن الحرية الجنسية هي المقابل لمنع التحرش الجنسي؟ لماذا وقع اختيار “السوشيال ميديا” على “بوست” لعمرو سلامة دون غيره؟.. الأسباب غير معلومة حتى الآن.
العديد من التساؤلات التي تبادر الذهن عندما يشاهد تلك الانتقادات المفاجئة، متى ظهر “الترند”؟ كيف سينتهي؟ ما هدفه؟.. كل تلك الأمور الغيبية، لكن المؤكد أن مواقع السوشيال ميديا أصبت قوة لا يمكن غض الطرف عنها، قد يصل الأمر بها إلى تحديد مصيرك.
أسباب كثيرة قد تدفع مستخدمي “السوشيال ميديا” إلى مهاجمة الآراء القديمة والبحث عنها، ففي حالة عمرو سلامة تجد أن الجدل الدائر حاليا هو موضوع “التحرش”، ويتفاعل “سلامة” عبر حساباته بتدوينات عن الأمر ما جعله عرضة للبحث والتنقيب عن آرائه، إلا أنهم عثروا على البوست، ففي بعض الأحيان القضايا الجدلية القائمة تدفع الأشخاص للبحث عن الموضوع بعمق ومعرفة آراء غيرهم، أو قد يُنقب البعض بنية سيئة ليمسك للشخص ذلة وقع بها من سنوات طويلة.
كما أن مصطلحات مثل “التنمر” الذي ظهر مؤخرا واجتاح كل صغيرة وكبيرة من كلماتنا، أصبح عنصرا قويا لكي يحذر منه المشاهير، فلن يسامحك الجمهور في حال اكتشف أنك وصفت شخصا ما بعيب جسدي أو شكلي، وأن تتصدر الساحة كشخص مثقف له آراء تُطرح للنقاش وقد يؤثر رأيك في الملايين.
لو تتبعت الآراء التي طُرحت ما بين 2011 إلى الآن لشخص واحد، أو حتى أنت كقارئ، ستجد تناقضا رهيبا بين ما كنت تفكر به من سنوات وبين رأيك الحالي، الظروف وقتها كانت مناخا لطرح كل الآراء الحادة والعنيفة والمختلفة والشاذة، وكل ما هو غريب لأن ذلك نتيجة الظرف الذي مرت به البلاد، والآمال والطموحات التي دفعت البعض للظن بأننا سنصبح قطعة من أوروبا في غضون شهور، ومع تغير المناخ والظروف والأحداث تغيرت الآراء الشخصية، وكذلك الردود العنيفة والحادة لأن الأمر لم يعد مجديا.
هل من المتوقع أن يعلن كل المشاهير عن الآراء التي تغيرت بالنسبة لهم؟ هل ننتظر من كل فنان أن يعلن عبر حساباته مع كل ذكرى تبريرا منطقيا لها؟.. الأمر محير وصادم وقد لا تجد له حلا واضحا، فهل الخطأ الإعلان عن الرأي أم الهجوم المفاجئ بعد مرور سنوات عليه، أم استمرار نفس الرأي والنهج للشخص؟ “السوشيال ميديا” لم تعد ساذجة ولكنها قد تتسبب بإنهاء أشخاص دون غفران بسبب أخطاء مرت عليها سنوات.
المؤكد أن النصيحة للمشاهير “احذر شبح تصريحاتك وآرائك القديمة.. فلا تعلم أي “بوست” أو تصريح سيأتيك من الماضي لتدفع ثمنه حاليا أو يستوجب اعتذارك، وقد يصل الأمر للتنازل عن منصبك”.