محمد إسماعيل الحلواني
توعّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، بأن عليهم توقع الأسوأ وتعهد بأن لا يفلت أحد من العقاب في حين يستعد الحزب الحاكم لتقديم مسودة قانون يضع ضوابط أكثر صرامة على مواقع التواصل الاجتماعي.
تأتي هذه التطورات بعد أن أعلن صهر أردوغان ووزير المالية بيرات البيرق وزوجته إسراء، ابنة الرئيس، عن ولادة طفلهما الرابع في تغريدة قوبلت بعدد كبير من الإهانات عبر الإنترنت.
وعلى الفور، شرعت وزارة الداخلية التركية منذ ذلك الحين في التحقيق في الواقعة، واعتقلت 30 من أصحاب حسابات تويتر بتهمة “إهانة موظف عمومي” أفرج عن 19 منهم وتم اعتقال 11 آخرين، وهي جريمة لا تقل عقوبتها عن الحبس لمدة سنة واحدة في تركيا، ونشرت تغريدات صورة للحظة القبض على وكيل عقارات بسبب تعليقه على تويتر ضد صهر أردوغان وحفيد أردوغان.
تساءل أردوغان في كلمة بثها التلفزيون: “هل رأيتم بأنفسكم لماذا نعارض وسائل التواصل الاجتماعي مثل يوتيوب وتويتر ونتفيلكس وما إلى ذلك؟”، مضيفا: “من الضروري أن تخضع هذه القنوات للسيطرة.”
أضاف الرئيس أن منصات التواصل الاجتماعي ستضطر للانصياع للقوانين أو حظر نطاقها الترددي بنسبة تصل إلى 95٪، مما يجعل المنصات غير قابلة للوصول للمستخدمين الأتراك.
أوضح أردوغان: “نحن عازمون على القيام بكل ما هو ضروري لمنصات وسائل الإعلام الاجتماعية لإنشاء التمثيل المالي والقانوني في بلدنا، وسننفذ حظر الوصول والعقوبات القانونية والمالية بعد الانتهاء من اللائحة التنفيذية للقانون الجديد”.
وبعد خطاب الرئيس، قال المدافعون عن الحقوق الرقمية إنه من المرجح عرض مشروع قانون يشمل الإجراءات التي تحدث عنها أردوغان في البرلمان.
قال إيسيك ماتر، مدير الأبحاث في تركيا بلوك، وهي منظمة غير ربحية ترصد ممارسات الرقابة الحكومية على الإنترنت، لموقع “المونيتور” الأمريكي: “أعتقد أنه من الممكن أن نرى المزيد من السيطرة على وسائل التواصل الاجتماعي؛ وسوف تتحقق بسرعة لأن الرئيس اعتبر ذلك بمثابة هجوم على عائلته، لذا فهو يتعامل مع الأمر كقضية شخصية.”
أشار ماتر إلى أن هذه الخطوة تأتي بعد أيام من حادثة منفصلة تلقى فيها فيديو مباشر لأردوغان أواخر يونيو ما يقرب من 400000 تفاعل بـ”لم يعجبني” عبر يوتيوب، بسبب ردة الفعل الغاضبة الطلاب بسبب تقديم موعد الامتحانات العامة عن مواعيدها، وطلب الرئيس تعطيل التعليقات على يوتيوب.
قال ماتر إن هذه الوقائع مجتمعةً أثارت غضب أردوغان بشأن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في تركيا، حيث توفر أكثر من 95٪ من وسائل الإعلام الرئيسية تغطية صديقة للحكومة أو مملوكة لشركات مقربة من حزب العدالة والتنمية.
أمر المجلس الأعلى للإذاعة والتلفزيون، المنظم لوسائل الإعلام في الدولة، بالتعتيم لمدة خمسة أيام على شبكتين إعلاميتين هامتين، Halk TV و Tele1 TV. رداً على قيام المملكة العربية السعودية بحظر موقع وكالة الأناضول التركية والنسخة العربية من إذاعة تي آر تي في المملكة.
مع وجود ضوابط مشددة على المنافذ الرئيسية، تظل منصات وسائل التواصل الاجتماعي بعض الأماكن القليلة التي يمكن للمواطنين الأتراك التعبير فيها عن آرائهم بحرية وتلقي الأخبار. كشف تقرير حديث صادر عن مركز أمريكان بروجرس أن انعدام الثقة العام الواسع النطاق لوسائل الإعلام الرئيسية في تركيا يدفع عددًا متزايدًا من الباحثين عن الأخبار خاصة من يدعمون أحزاب المعارضة، للبحث عن المعلومات والأخبار عبر الإنترنت.
قال يامان أكدينيز، أستاذ القانون في جامعة اسطنبول بيلجي ومؤسس جمعية حرية التعبير، إن الضغوط على وسائل الإعلام المستقلة والصحفيين لا تزال مستمرة في تركيا، مشيرًا إلى أن مئات من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي ألقي القبض عليهم بسبب مشاركتهم منشورات اعتبرتها حكومة العدالة والتنمية “استفزازية” حول الوباء.
بعد التباطؤ لفترة وجيزة خلال الأزمة، قال أكدينيز إن نشاط حجب الإنترنت في تركيا وصل إلى معدلات غير مسبوقة”، وأضاف “إن تركيا هي بالفعل واحدة من أسوأ الدول في مجال الرقابة، كما أن الإنترنت خاضع للتنظيم بشكل كبير”.
وقال أكدينيز “بالطبع، في الواقع، يريد الرئيس والحكومة التخلص من العدد المتزايد من الأصوات الناقدة على منصات وسائل التواصل الاجتماعي والهدف الحقيقي لهذه القوانين واللوائح الجديدة سيكون إسكات المعارضة”.