محمد حسن :الفرح

العاشر من رمضان ، الموافق السبت لهذا العام ، مقالي الأسبوعي ، لم اكتشف روعة الحظ إلا حين جلست لأكتب صباح الجمعه تلك السطور ، ذكري النصر والعبور ، اتذكر المرحلة الإبتدائية ورسم العلم والدبابة والبارشوت والجندي الإسرائيلي المُستلقي علي قفاه بجوار الدبابة مغموراً باللون الأحمر الداكن ، أعود للحاضر فأتذكر الكسل عن طلبات المنزل المؤجلة منذ أول أيام رمضان.
وأتذكر الشهيد الذي قطع الكيلوات صائماً حاملاً سلاحه ومؤنه علي ظهره ، وأعود فأجد ما تبقي من ضمير أنهكه الألم ومن نظر أنهكته عشرات التغريدات كما يطلق أحدهم الرصاص في الهواء في فرح شعبي امتلأت البلكونات بالجمهور لمشاهدة العروسين ، تحديداً نحن نعيش أجواء الفرح حرفياً ، فرح بدرجة إمتياز ، خلفيات النصر في أكتوبر 73 لم تتكرر والفرح لم يعد مثل الفرح أصبح مختلفاً عمّا سبق.

.
اليوم أصبحنا في فرح من خلاله تستطيع تلخيص الوضع وجمهورية مصر العربية في أسطوانة أو فلاشة 4 جيجا في فيلم لاتزيد مدته عن ساعتين ، تجلس العروس “أم الدنيا” وعريسها “أد الدنيا” علي “الكوشة” يجلس النخبة علي الكراسي جلسة “المتحسر علي شبابه” هكذا يظل الرجل النُخبوي أسيراً للكرسي منذُ أن يبدأ إلي أن ينتهي ، ثم الأحزاب بمن تعول كما الأُم التي تتكبد عناء الشراء ومختلف أنواع ال Make up لإبنتها البائسة حتي تخرج بعريس “واهو ضل راجل ولا ضل حيطة”
مانحةً تركيزها الكامل علي أحمر الشفاه “كعامل جذب للزبون” وكتاب “كيف تصطادين عريساً” كأفخم أنواع التثقيف لتلك الفتاة المغلوبة علي أمرها ، تجد شاباً في المنتصف لا يعرف ماذا يفعل لايطيق الجلوس ولا يعرف كيف يقف طويلاً ينظر للعروس نظرة أكثر بؤساً من نظرة النُخبوي ، يتذكر شهامته معها ثم يهاجمه العندليب فجأة بقارئة الفنجان “فطريقك مسدودٌ مسدودٌ يا ولدي” رغم ان الإعلام او ال “DG” لايزال يعبث بعقول الحضور بمزيد من المهرجانات الشعبي التي لاتتوقف عن إنتاج وتصنيع هيستيريا “الرقص” لأصدقاء العريس ، رغم أن أغلب الحضور لا يجد لها مُبرراً من منطلق “العروسة للعريس…..” لايراها إلا ضوضاءاً وضجيجاً متعمداً لإخفاء قلة عدد أصدقاء العريس وأقاربه رغم أنه اشترط الحصول علي أغلب المقاعد ، كما أن بعض أقارب العروس لا يجدوا مُبرراً لأن يظل يتراقص العريس وأصدقائه طوال مدة الفرح دون أي إعتبار ودون النظر لأخيها الصغير “إبنها الذي لم تنجبه ولم تربيه” المتوفّي قريباً ، رغم ذلك حين تأتي الأطباق وميعاد العشاء يجلس الجميع يأكل بما فيهم بعض أقارب المتوفي ، يجلس الجميع منكفئاً علي وجبته حتي ينتهي منها لا ينظر أحدهم للآخر إلا حين ينتهي من التهامها كاملة ، يعود الشاب المنتظر ف المنتصف فيرفض الجلوس لتناول العشاء وتقسيم التورتة ، لايجلس دقيقة ولو مرة واحدة ليُشاهد كيف تُقسّم تلك التورتة الشهية ، يظل جائعاً تائهاً عنيداً لا أحد يعلم ماذا يريد بالتحديد ، فيُخرجه المُشرف علي القاعة بعد أن يضربه الجوع بقوة دون أي مقاومة تذكر ، يأتي الرجل صاحب نظرية “الفرح الإسلامي ” نظراته للعروس تتخطي نظرات حمدي الوزير الشهيرة في الأفلام ، يظل متحدثاً طويلاً عن أحقيته بالعروس لكنّه لم يقتنع بعد أنها تزوجت بالفعل من غيره حتي ولو كان غيره هذا أحسن الوحشين ، لا يفهم أنه خرج حتي من قائمة أحسن الوحشين.

.

يظل علي أسطورة الراجل بتاع الإكليل ، لا يفهم أن الإكليل نفسه لم يعد موجوداً ، أو أن ثمة تعديل حدث في الإعلان أنه قد أصابته السيارة وخرج من المشهد تماماً ، وهذا يبدأ وينتهي حيث حرب الشوارع ومجموعه من المشاغبين من خارج الفرح تساعده في القاء الحجارة علي المعازيم من وقت لآخر وإحداث تلفيات وإصابة المعازيم وحدهم الذين يتكبدون ألم الإصابة ويتحملون تكلفة التلفيات بينما يجلس العريس “علي وضعه” طبقاً للتعبير الركيك المستخدم علي ألسنة المعازيم
أخيراً يجلس المعازيم مغلوبين علي أمرهم ، لا يعرف الكثير منهم أمتع من لحظة وصول الطعام أو العودة إلي منزله بهدوء ، أما الحالم منهم ينتظر سماع سهر الليالي والختام بأُنشودة ماهر زين “بارك الله لهما” يسمعها بمزيد من الدعوات والدموع المُخلصة للعروسين بالفرح الحقيقي والسرور

اقرأ أيضًا:

محمد حسن: شهر الصوم والـ Trend

محمد حسن: “أنتَ مين”

 محمد حسن: “إنتِ مين ؟”  

محمد حسن: ساعة العُسرة

محمد حسن: عائلة أحمد رشدي

محمد حسن: توابع فوائد القرنفل

 محمد حسن: اللص المدهش محمد صلاح  

.

تابعونا عبر تويتر من هنا

تابعونا عبر الفيس بوك من هنا