هل يكره القراء الفنانين؟

فاطمة خير

سؤال يتبادر إلى ذهني كلما صادف ووقع حدث يستدعي زيادة تعليقات غير لائقة من قراء على موقع إلكتروني أو واحدة من صفحات التواصل الاجتماعي، وعادةً ما يكون هذا الحدث وفاة (للأسف)، أو صورة عائلية لفنانة أو فنان قرر أن يشارك بها جمهوره، ومؤخرا صورة لخطوبة أو زفاف.. وهو حدث يستدعي التهنئة والفرح لا الذم!

نرشح لك: أول معلومات عن خطيب الفنانة أمينة خليل

 

بصراحة.. قفز السؤال إلى ذهني وألح في تواجده منذ نشر خبر خطوبة الفنانة أمينة خليل، كإنسانة عادية جدا فرحت لصورة عروسة وعريسها، والفرحة تبدو واضحة.. ضحكة من القلب، حاجة تفرح القلب يعني، وبالطبع فنانة جميلة ولها جمهورها ومحبيها، الصور عادية للغاية.. تلقائية جدا، حتى أن العروس ترتدي ملابس “غير مستفزة” بتقييم الجمهور.. خبر عادي للغاية.

كلما ظهر الخبر أمامي أبتسم.. أيضا كإنسانة عادية تطالع صور عروسين، ثم أفاجأ بتعليقات جارحة من بعض القراء، والحقيقة أن الموضوع آلمني للغاية، ثم استفزني: ما الذي يجعل إنسانا يبذل جهدا في التعليق إذا كان ما سيكتبه ذما لا مدحا؟! فالمسألة هنا ليست إبداءً للرأي، هي تهنئة.. أو امتناع عن تهنئة، لما إذن تتحول إلى تجريح في إنسان يعيش لحظة فرح، لحظة من المفترض أن يشاركه الجميع فيها.. خاصةً محبوه وجمهوره الذي يقدم له فنه، وكثيرا ما أتسائل: ما شعور الفنان في لحظة يتعرض فيها للإساءة بينما كان يتوقع التهنئة؟

لا أدافع عن شخص الفنانة أمينة خليل؛ أدافع عن إنسانة.. في لحظة فرح.. تتشارك اللحظة مع جمهور تقدم له فنها.. تعلن عن ارتباطها الرسمي أي تشهر ترتيبات زواجها الرسمي المعلن لجمهور يرى أن له الحق في معرفة أخبارها بل ومحاسبتها على حياتها الشخصية، هي شخص احترم كل ذلك فتكون النتيجة أن تؤذيها بعض التعليقات!

والسؤال هنا: هل يكره القارئ الفنانين؟ هل يكره المشاهد الفنانين؟ هل كان ذلك أمرا متعارفا عليه؟ أم هو مستجد؟ ولو كان مستجدا.. فلماذا؟ ولا أتحدث هنا عن جمهور ينتمي بالضرورة لفئات اجتماعية محددة تتسم ردود أفعالها بالعنف والاحتقار نحو الفنانين؛ فالأمر يمتد لشرائح عريضة، الفنان أصبح مهددا طوال الوقت بالتعرض للإهانة.. بلا مبرر.. حياته مباحة.. سمعته عرضة للتهويش.. حتى أنه أصبح لا فرق في ذلك بين فنان ذو سلوك منضبط في المجال العام، وفنان يفعل ما يحلو له وقتما يشاء دون مراعاة للمعايير الاجتماعية السائدة، النتيجة في الحالتين واحدة.

فكرة العداء للفن.. وللفنانين، لا تزال صادمة بالنسبة لي، لو أنك تكره الفنانين فلمَ تشاهد أعمالهم؟ وكيف نشأت لدى هؤلاء الكارهين كل تلك المشاعر الحاقدة القادرة على إيذاء مشاعر الفنان وأسرته؟! أفهم أنه لسنوات طويلة ساد خطاب يُحرم الفن ويعاديه، لكنني لا أعتقد أن الأمر لا يزال كما كان، في حين أن الحقد يتزايد والازدراء والرغبة في انتقام بلا مبرر.

رفع الناس الفنان بحبهم له إلى عنان الشهرة والنجومية والكسب المالي، ثم يحتقرونه في أول فرصة، ويصمونه بأبشع التهم! وطبعا.. وبسبب شبكات التواصل الاجتماعي، وكون الفنان أصبح متاحا لجمهوره أغلب الوقت، بتفاصيل حياته الشخصية هو وأفراد عائلته، وهي أشياء لم يكن ممكنا الاطلاع عليها سوى في الحوارات الصحفية وغالبا في المجلات الفنية، أو اللقاءات التليفزيونية الموسمية كبرامج شهر رمضان؛ ترتب على ذلك أن أصبحت حياة الفنان على المشاع، وصار هدفا لأصحاب الأحلام المهدرة والأهداف غير القابلة للتحقق.

الفنان إذن هو نجم الشاشة المحبوب، ولكنه كبش فداء الإحباط المكتوم، وكأن الفنان يجد نجاحه على عتبة باب بيته! مسألة التربص بالفنانين، وإيذائهم معنويا، و”معايرتهم” بمهنتهم، هي مسألة تحتاج حقا إلى دراستها: الأسباب، والعلاج. ففنانينا يستحقون ذلك، ومجتمعنا يستحق الأفضل أيضا.

وبالمناسبة.. ألف مبروك للجميلة أمينة خليل.. وربنا يتمم بخير.