رباب طلعت
على الرغم من مرور شهرين تقريبًا، على طرح منصة “نتفليكس” مجموعة جديدة من الأعمال العربية بشكل عام، والمصرية بشكل خاص، نهاية شهر رمضان الماضي، وأبرزها الأعمال الكوميدية، وعلى الأخص المسرحيات المصرية الشهيرة، إلا أن “ترند” ترجمة نتفليكس لتلك الأعمال سواء باللغة العربية الفصحى، والإنجليزية، لم ينتهِ بعد، حتى إن البعض دشنوا مجموعات تحمل اسم “ترجمة نتفليكس” أو “netflix translation”، وأغلبها ينشر”كوميكس” عن تلك التراجم.
الترجمات العربية للأعمال المصرية على “نتفليكس”، خلقت مساحة واسعة من الإبداع في “الكوميكس” حيث إن جماهير المنصة من رواد مواقع التواصل الاجتماعي لم يكتفوا بنشر مقتبسات ونسخ مصورة من الجمل التي لفتت انتباههم لغرابة تحويلها من مصرية عامية إلى عربية فصحى، خاصة “الإفيهات”، بل وصل الأمر لأنهم أصبحوا يقلدون الترجمة ويطبقونها على أعمال مصرية أخرى شهيرة، ليست متواجدة على المنصة الشهيرة، وقد ظهرت أغلبها كوميدي أكثر من كوميديا “الإفيه” نفسه، ولكن بعيدًا عن الكوميدي، فللترجمة أبعاد أخرى كثيرة، نحاول رصدها فيما يلي:
ترجمة نتفليكس لفيلم الكيف✋دى ترجمة قريش حضرتك😂😂 Amir Mohammed
Geplaatst door Amr Alam op Vrijdag 17 juli 2020
هل يتراجع تأثير اللكنة المصرية على الوطن العربي؟
ترجمة “نتفليكس” للأعمال المصرية، بالعربية الفصحى، والإنجليزية، أمرًا تقليديًا ضمن خدمات المنصة الشهيرة، فهي تقدم نصا مكتوبا بنفس لغة العرض، ولاختلاف اللهجات العربية، فإن اللغة العربية الفصحى هي المشتركة بينهم جميعًا، وقد تم تقديم ترجمة لكافة الأعمال العربية مثل المصرية تمامًا، وذلك من شأنه تسهيل فهم العروض، سواء مسلسلات أو أفلام أو مسرحيات، وقد تفيد بالفعل مشاهدي مصر على فهم الأعمال الخليجية ودول المغرب العربي، نظرًا لصعوبة اللكنات لغير ناطقيها، ولكن ماذا عن الأعمال المصرية التي كانت هي الرائدة في وصولها إلى كافة دول الوطن العربي؟
يجيب عن السؤال الناقد الفني طارق الشناوي في تصريح خاص لـ”إعلام دوت كوم” قائلًا: تقديم الأعمال الناطقة باللهجة المصرية بترجمة عربية فصحى تشعرني بحزن، لأن ذلك يعني أن هناك أجيال عربية لم تعد تتذوق اللهجة المصرية مثلما كان آباؤهم، فقديمًا كانت الغنوة والفيلم يعرضان في العالم العربي بأسره، مما جعل الرصيد اللغوي من اللهجة المصرية عند العرب قديم، وقد قل الطلب على الفيلم العربي والمقصود به المصري، عن السابق، وازداد الطلب خاصة في الخليج على الفيلم الأمريكي والهندي وبعدهما العربي، وفي المغرب العربي الأمريكي ثم الفارسي ومصر في الترتيب الثالث، لافتًا إلى أن في ذلك دلالة ليست جيدة على أن اللهجة المصرية لم تعد عربية، فقد حدث انحسار لهما عما كان في الماضي.
أكد “الشناوي” أن ترجمة الأعمال خاصة الكوميدية، تقتل روحها، معطيًا مثلا بترجمة الكتب، حيث إن الترجمة تُفقد الكتاب شيئًا من روحه وأسلوبه، مضيفًا أن جمال “الإفيهات” الكوميدية يكمن في لغتها وعند ترجمتها يصعب عليها أن تصل للجمهور.
رأي الناقد الفني يؤكده على سبيل المثال حملات دشنها بعض أبناء الوطن العربي، خاصة من دول المغرب العربي، والتي طالبت شركة ديزني بدبلجة أعمالها للهجة العربية الفصحى بدلًا من العامية، نظرًا لأنهم لا يفهمون اللهجة المصرية واعتراضهم على قرار ديزني بإحياء الدبلجة باللهجة المصرية، على الرغم أن أنجح أعمال ديزني العربية من الأساس كانت بأصوات الفنانين المصريين.
الأعمال الكوميدية الأكثر تأثرًا.. لا بديل لـ”الإفيه” المصري
الأثر الأكبر في ترجمة الأعمال المصرية بالطبع طال الأعمال الكوميدية، نظرًا لصعوبة وجود نظائر لغوية للمصطلحات المصرية العامية، خاصة في المسرحيات الكوميدية مثل “العيال كبرت”، و”الواد سيد الشغال”، و”مدرسة المشاغبين”، وغيرها من المسرحيات الثرية بالإفيهات التي لا يمكن فهمها إلا بلهجتها، كما ينطقها الفنان.
تلك الزاوية أكدها الفنان هادي الجيار، أحد أبطال مسرحية “مدرسة المشاغبين”، المتاحة حاليًا على “نتفليكس”، في تصريح خاص لـ”إعلام دوت كوم” حيث قال: “هيترجموا إزاي هقطعلك لسانك من لغاليغو؟”، مضيفًا: “المصريين ليهم ألفاظهم الخاصة جدًا في الوطن العربي كله، ومعظم الشعوب العربية تحبها”، مشددًا على أن المسرحيات ستخسر كثيرًا من روحها، بسبب عدم وجود نظائر عربية أو أجنبية للتعبير عن “الإفيه” لأنه روح الممثل المصري، فهو الوحيد الذي يستطيع إلقائه بطريقة تضحك المشاهد بدون مجهود، لافتًا إلى أن المشاهد الأجنبي، أو العربي ممن لا يعرف اللهجة المصرية يستطيع التفاعل والضحك على المشاهد التي تعتمد على الحركة أكثر من مشهد الـ”slow motion” ونحن نعود إلى مقاعدنا.
الترجمة.. هل كانت مهمة بسيطة؟
على الرغم من تأثر الأعمال الكوميدية تحديدًا بترجمتها إلى اللغة العربية الفصحى، وعدم وصولها بالشكل الذي تلقى به، إلا أن ذلك لا يعني فشل الترجمة، على العكس تمامًا، إلا أن التجربة كليةً مختلفة عن الترجمة من أي لغة للعربية، نظرًا لثراء اللهجة المصرية تحديدًا بالمرادفات الكوميدية.
وعن كواليس الترجمة من مصرية إلى عربية قال محمد بخيت، أحد المشاركين في ترجمة الأعمال المصرية على نتفليكس في تصريح لـ”إعلام دوت كوم”: “الموضوع مختلف عن أية تجارب ترجمة أخرى، وقد استغرقت منا بعض الجمل والمصطلحات وقتًا في التفكير في مرادفات لها بالفصحى، خاصة الكلمات المصرية القديمة في المسرحيات، على عكس الأعمال الحديثة فهي أبسط بكثير”، مضيفًا: أصعب الأعمال التي ترجمتها “مدرسة المشاغبين نظرًا لأنها قديمة، وبها الكثير من المصطلحات التي كان من الصعب ترجمتها، خاصة الأغاني، لذا فقد استغرقت فيها وقتًا طويلًا، بالإضافة إلى أن هناك بعض المشاهد كان الصوت فيها ليس واضحًا..
وعن ترجمة “الإفيهات” قال “بخيت”: “في حاجات طبعا مكنش ليها بديل يدي نفس الافيه للضحك، لأن اللغة المصرية عموما واسعة جدا ومن أحسن اللهجات العربي بسبب كدا، فهي مادة كويسة للافيهات والتوريات، فكان في حاجات اكيد مبنعرفش نجيب نفس المقابل بالظبط اللي يوضح النكتة والمعنى”، لافتًا إلى أنه عندما يشاهد العمل الفني ويقرأ الترجمة التي قام بها يجد أنه نجح في توصيل المعنى بالفعل.