محمد إسماعيل الحلواني
عندما نسمع عبارة “مؤشر داو جونز” قد نعتقد أنه سمي باسم شخص واحد، ولكن الحقيقة أنهما شخصان، أو بالأحرى شريكان.
كتب أستاذ الصحافة بجامعة أركنساس “روب ويلز” مقالاً عن تاريخ الصحافة حول الشخصية النمطية للغاية للصحفي الأمريكي “جون كيرنان” الذي قام بتدريب كل من “تشارلز داو” و”إدوارد جونز” و”تشارلز بيرجستريسر”، وكان ذلك قبل انطلاق شركة “داو – جونز وشركاه” وصحيفة وول ستريت جورنال الشهيرة في عالم المال والأعمال.
كشف ويلز في مقاله عن غضب الصحفيين الشباب المتدربين من التقارير الإخبارية التقليدية التي كان كيرنان يكتبها لأن نشراته كانت تقتصر بشكل عام على التطورات الإخبارية الواضحة والبيانات الواقعية دون خيال أو افتراضات.
وكانت ثورة غضبهم واعتراضهم على النمطية حافزًا لانطلاقتهم، أولاً؛ لأنهم لاحظوا أن عددًا قليلا من العملاء يبحثون في الصحف عن المعلومات التي كانوا يسمعونها شخصيًا أثناء تواجدهم في البورصة. وثانيًا؛ في لحظة إدراك مبكر لقيمة “التريند” ودراسة التوجه المالي السائد والمتوقع وسعياً لتوسيع المنظور الإخباري، اقترح “تشارلز داو” إعداد ونشر تقرير إخباري يومي عن الأعمال.
كان الهدف لهذا الاقتراح: إلقاء نظرة أكثر تحليلا على أخبار الأعمال مع ما يتماشى مع الابتكارات السابقة لجيمس جوردون بينيت و”مقالته المالية” في صحيفة نيويورك هيرالد، والتي، كما ذكر شودسون، “حولت تسجيل الحقائق إلى تحليل لشكل الأحداث”.
ومع ذلك، رفض كيرنان اقتراح داو لتقرير الأعمال التحليلي اليومي. لم يكن كيرنان، المشغول باهتماماته الإعلانية، مهتمًا حقًا. أراد كيرنان ببساطة أن تقدم شركة داو نسخة إخبارية جيدة وسهلة القراءة لأي عميل في عجلة من أمره، من أجل متابعة الخروج لطلب عملاء جدد للإعلانات”.
من خلال النظرية التطورية للشركة، كان قرار كيرنان خطأً هامًا. وبالتالي فشل في اغتنام فرصة كبيرة لتوسيع تغطيته الإخبارية. في المقابل كان تقرير داو اليومي عن الأعمال متوافقاً مع التطورات الناشئة في السوق. وصدق حدس “تشارلز داو” عندما أحرزت “داو- جونز وشركاه” النجاح بعد بضع سنوات، حيث قدم هذا النوع من المعلومات التحليلية التي تمس الحاجة إليها بل وتحدد قرارات بعض العملاء في بيع الأسهم أو شرائها، في حين اصر كيرنان على قمع الابتكار وتوجيه موظفيه لجمع عملاء جدد بناءً على نموذج الأعمال التقليدي في ذلك الوقت”.
واليوم أصبحت صحيفة وول ستريت جورنال ومؤشر “داو – جونز” أكثر المنشورات تأثيراً في الصحافة العالمية. في حين لن يجد القارئ ذكرًا لكيرنان أو وكالة كيرنان للأخبار إلا في الهوامش السفلية التي تتناول تاريخ شركة “داو جونز”، ولم يكسب كيرنان وخدمته الإخبارية إلا القليل للغاية من اهتمام علماء الصحافة.