وسط هذا الموسم الرمضانى المزدحم بعشرات الاعمال الدرامية وبعيدا عن كل التقييمات المعتادة والمتسرعة للأعمال الدرامية ولأن الكتابة عن الجمال اجمل من الكتابة عن العيوب، فلنقترب قليلا من التمثيل، مهنة التشخيص والأداء فى الدراما المصرية ووسط اكثر من ألف ممثل مصرى نقترب اكثر وأكثر لنجد نجوما على درجة عالية من الوهج والبريق رغم أنهم ليسوا الابطال المطلقين لتلك الاعمال ولكنهم رجال ونساء نضجوا فى تلك المهنة ووصلوا الى درجة من التمكن والطبيعية فى الاداء تجعل وجودهم فى أى عمل مؤشرا ان هناك مشهدا جيدا سيصنع مشهدا يستحق المتابعة والإشادة، بغض النظر حتى عن قيمة المسلسل إجمالا كعمل فنى ولكنك ستجدهم يشعون بمشاعر متنوعة وفياضة ومخزون من التجارب كاف لجعلك تستمتع بمواهبهم التى انضجتها الايام والمشاهد ستجد صفاء الطوخى فى مشهد (ريحانى الاصل والطابع) وهى تلتقى برئيس حرس الجامعة ويتعامل معها على انها سيدة المنزل فيكتشف انها الخادمة فى حلقة من مسلسل استاذ ورئيس قسم فتضحكك ببراعة وتجدها فى حارة اليهود أما يهودية جشعة متغيرة المبادئ ولا تخلو من حنان وستجد احمد كمال ابا حنونا بينه وبين ابنته تاريخ كامل عبر النظرات والكلام القليل
بينما سلوى عثمان فى الكابوس وبين السرايات تتحرك فى شخصيتين بمصرية خالصة وتعود سيمون فى بين السرايات بخفة وخبرة وتمكن وذكاء ايضا يجعلها حاضرة، كذلك سامى مغاورى يضيف الى لهفة ابتسامة بمجرد الحضور كخال يجلس على باب الاستديو ويعرف دهاليز وأنفاق وخبايا المهنة فى المسلسل وفى الحقيقة ايضا فيتجلى ذلك فى نظرته التى تحمل من السخرية الكثير بينما يزداد بريق أحمد فؤاد سليم من عمل الى آخر فيصبح وجوده فى اى عمل مكسبا وإضافة سواء عم ظالم فى ارض النعام او رجل امن يدافع عن النظام والدولة فى استاذ ورئيس قسم ويظل بيومى فؤاد هو الضامن لرفع مستوى الضحك فى اى عمل كوميدى حتى لو خلى هذا العمل من بذور الضحك فهو قادر على انباته من لاشيء وكذلك سيد رجب ما بين السراياتوحارة اليهود يتحرك ببراعة بين صاحب المكتبة المعاصر والبلطجى فارض الاتاوات فى الاربعينيات من القرن الماضى فيجعل للحارة ولشارع بين السرايات مصداقية تدعم الجغرافيا والمكان بملامح اقرب للحقيقة وياسر على ماهر الذى يبدو قادرا على الاضحاك رغم مظهره الوقور وقد اكسبه السن والخبرة قدرات جديدة وتتألق هالة صدقى فى مشهد جميل حينما تغار كمديرة لبيت دعارة شهير على غرامها المتمثل فى كبير البلطجية وتهبط دموع غيرتها صادقة وهو يصعد بفتاة صغيرة من فتياتها ويصعد السلم ويتركها فتنجح فى جعلنا نتعاطف مع مشاعرها ونحبها ونقدر دموعها بينما يستطيع سامى العدل فى بين السرايات ان يكون ابا مؤثرا لا يستطيع ان يقاوم لعب القمار على المقاهى ويبكى فى حضن ابنه لعجزه عن التوقف ويبكينا معه هؤلاء هم النجوم الحقيقيون الذى يستطيعون بخبرتهم ان يسندوا المائل من اعمدة الدراما ويجعلونا نتابع ابداعهم بحب وانبهار.
نقلاً عن “جريدة الأهرام”