أنس هلال
محمد الشرنوبي، ممثل صاعد من الوجوه الشابة التي تركت بصمتها في أذهان الجمهور، وقدم كثير من الشخصيات الصعبة والمليئة بالأبعاد النفسية المختلفة والتي تتطلب موهبة ومجهود كبيرين، فمنذ دوره المميز في فيلم “السفاح” وترك انطباعًا معينًا لدى الجمهور أنه لا يؤدي سوى الشخصيات المُعقّدة وهو ما لا يتفق معه ويرى أن شخصيته الحقيقية أبسط من ذلك بكثير.
بدأ “محمد الشرنوبي” رحلته في مجال الفن بالغناء، وكان يغني في أحد المسرحيات والتي كانت تتطلب منه أن يقوم بالتمثيل أيضًا، فخاض التجربة لأول مرة وتحمس لها كثيرًا وبدأ في شق طريقه الفني، وقدم بعدها بعض الإختبارات أبرزها حينما ذهب إلى مجموعة “العدل جروب” والتي كانت تقوم وقتها باختبارات آداء لمسلسل “في إيد أمينه” مع النجمة الكبيرة “يسرا”، واقتنع المخرج “محمد عزيزية” بآدائه، وكان المسلسل أول تجاربة في عالم الفن ومن التجارب التي يعتز بها جدًا خاصة مع النجمة “يسرا” والتي شارك معها مرة أخرى في الجزء الثاني من مسلسل “سراي عابدين”.
.
فيلم “السفاح” كان المحطة الجديدة والصعبة لـ”محمد الشرنوبي”، حيث كان يقوم بدور السفاح “مراد” وهو صغير واستطاع “محمد” عبر نظراته وتعابير وجهه أن يعكس المشاكل والأزمات النفسية الكبيرة التي تعرض لها والتي ساهمت في أن يحترف القتل بعد ذلك، دور “السفاح” كان من الأدوار الصعبة التي يقوم بها وأخذ منه وقتًا ومجهودًا في دراسة الشخصية جيدًا، ويرى صعوبتها في أنها مختلفة عن شخصيته تمامًا ولكنه رغم ذلك أدى الدور بشكل مميز واستطاع أن يقدم الانفعالات الخاصة بالشخصية دون تصنع أو مبالغة في الآداء.
شخصية “محمد الشرنوبي” في الواقع مغايرة عن الانطباع السائد عنه حيث أن أغلب اهتماماته فنية خالصة، فهو يحب الغناء والتصوير ويقوم بتصوير بعض الأفلام القصيرة هو وزملائه، ورغم انتشاره ونجاحه مؤخرًا إلا أنه ليس مغرورًا على الإطلاق، بل على العكس فهو تلقائي ومرح، ويخجل من المديح الزائد لأعماله، ورغم الإشادات بآدائه في كثير من الأعمال التي قدمها إلا أنه ما زال يرى أن أمامه الكثير حتى أنه يقلل من قدر هذه الأدوار أحيانًا، لذلك هو يحرص دائمًا على بذل أكبر قدر من الجهد في أدواره حتى يؤديها بالشكل الذي يُرضيه.
ويعد مسلسل “قصة حب” تأليف د.مدحت العدل وبطولة “جمال سليمان” و “بسمة”، من المسلسلات التي حصل فيها “محمد الشرنوبي” على مساحة كبيرة وأدى شخصية صعبة وهي دور “عبد الرحمن” الشاب المُراهق الذي ينجرف إلى طريق التشدد والتطرف، ويكشف حالة الكراهية والظلامية التي يتم ترويجها باسم الدين، حتى يبدأ بعد ذلك في إدراك المفاهيم الصحيحة للدين الإسلامي.
.ويرى “محمد” أن هذا الدور كان مختلفًا بالنسبة له من حيث المساحة الكبيرة التي حصل عليها، لاعتباره شخصية رئيسية من شخصيات المسلسل التي تُبنى عليها الأحداث وتشارك في صناعتها، ويعتز بهذه التجربة جدًا ويراها أكثر من مجرد عمل فني بل تحمل رسالة ودعوة لتجديد المفاهيم الخاطئة حول الإسلام.
تجربة مُتشابهة قدمها محمد في مسلسل “الداعية” من تأليف د.مدحت العدل أيضًا، وبطولة “هاني سلامة” ومرة أخرى يجتمع فيها “الشرنوبي” مع الفنانة “بسمة”، ويقدم المسلسل نفس الرسالة التي ترفض التشدد الديني وتكشف حقيقة كثير من المتطرفين والمستغلين للدين لتحقيق مصالحهم الشخصية، وكل هذه الأدوار المميزة كانت عاملًا لتواجده بأكثر من مسلسل في سباق رمضان الحالي.
.“التجديد” كان السمة الأبرز لـ”محمد الشرنوبي” في مسلسل “بين السرايات” الذي يُعرض حاليًا، وذلك لكون المسلسل يأخذ طابع كوميدي خفيف، وطبيعة الدور المختلف هذه المرة من خلال شخصية “وليد” الشاب الريفي القادم إلى القاهرة للدراسة، والذي يُصدم بما يراه ويشاهده مقارنة بما تربى عليه في الأرياف، ولكنه مع الوقت يبدأ في التأقلم ويكتب المحاضرات ويصور الملازم كي يتحصل منها على المبالغ التي تساعده على الإنفاق والحياة في المدينة.
شخصية “أُبَّي” التي يقدمها “محمد الشرنوبي” في مسلسل “العهد” يعتقد أنها أصعب الأدوار التي قام بها في حياته، وذلك لكونها شخصية “غير آدمية” على الإطلاق، ورغم ذلك حاول أن يرى منها ولو جزء بسيط من الجوانب الإيجابية، حتى ولو كانت بنسبة ضئيلة لأن كل شخصية بها الخير والشر، فكان يحاول أن يحبها حتى يستطيع أن يؤديها جيدًا، ودرس “محمد” شخصيات المسلسل بالكامل، ليستطيع التعرف على دوره في الأحداث ويتفهم طبيعة دوره بنظرة أشمل.
الجدل الدائر حول مسلسل “العهد”، وهل هو مقتبس من المسلسل الأمريكي الشهير “صراع العروش”، يراه “محمد” في إطار نظرة إيجابية للمسلسل، حيث يعتبر أن الجدل في حد ذاته يخدم المسلسل سواء كان إيجابي أو سلبي، ويستنكر بشدة آراء البعض حول أن المسلسل “منحوت” بالكامل من مسلسل “صراع العروش”، وأن مَن يقولون ذلك شاهدوا حلقة أو اثنين من المسلسل ولم يشاهدوه بالكامل حتى يحكموا عليه، بجانب أن صناع العمل من الأفضل في مجالهم، ولا يحتاجون للإقتباس من مسلسلات أجنبية، وأن الشئ المشترك بين المسلسلين هو عاملي الوقت والمكان، لأن كلاهما يدور في نطاق مجهول، ولكن لا يعني ذلك أن المسلسل مسروق من المسلسل الأجنبي.
ويبدو أن السينما هي المحطة القادمة التي يختارها أغلب الوجوه الصاعدة ونجوم المستقبل، حيث يريد “محمد الشرنوبي” أن تكون خطوته القادمة في فيلم سينمائي، ولكنه حتى الآن لم يستقر بعد على دوره القادم.
كيف مهدت الدراما الأمريكية لصدور قانون زواج المثليين؟