محمد عبد الرحمن
20 عاما مرت تقريبا على دخول أحمد عز بلاتوهات السينما، كمعظم أبناء جيله لم يؤمن الوجه الجديد وقتها إلا بشباك التذاكر، ظل هذا الجيل ومن قبله لعقود يعتبر أن تاج النجومية لن يحصل عليه الفنان إلا من خلال شاشة السينما، لاحقا تغير الوضع وبات للدراما مكانتها وعاد المسرح من جديد ليصنع النجوم، فاستجاب الممثل الذي لم يعتمد طويلا على وسامته، وركب البساط السحري لعلاء الدين مقدما واحدا من أفضل العروض المسرحية في السنوات الأخيرة.
علاء الدين، المعروضة حاليا على خشبة مسرح كايرو شو الملاصق لمدينة الإنتاج الإعلامي، هي أول مسرحية في مشوار الأخ الأكبر لولاد رزق، بطل الممر والخلية، لكنها جاءت لتؤكد أن نجومية عز لم تعتمد أبدا على وسامته وجاذبيته أمام الكاميرا، بل هي خليط من كل المواصفات التي يجب أن يتمتع بها كل نجم، نجاح لم يحتاج عز للوصول له عبر مصباح سحري كالذي يغير حياة علاء الدين في الأسطورة الشهيرة، بل من خلال خبرات تراكمية وتطوير مستمر للأداء وحسن اختيار النصوص والمخرجين والأهم التوقيت، مع الوضع في الاعتبار أن عز من أقل الفنانين استغلالا لمواقع التواصل الإجتماعي للبقاء على رأس قوائم الترندات، وغير ذلك من وسائل يعتمد عليها بعض النجوم للبقاء تحت الأضواء، اجتهاد شخصي بالأساس جعله يحافظ على مكانته ويتقدم للأمام من فيلم لآخر مع تواجد محدود دراميا سيعوضه غالبا العام المقبل لو نجح مسلسل “هجمة مرتدة” فيما ربح رهان مغامرة علاء الدين.
في العرض الذي يستمر قرابة 3 ساعات، يدخل عز على الجمهور من أعلى، ويختتم مع الأميرة ياسمين عبر البساط السحري، وبين البداية والنهاية، يمثل ويرقص ويغني “صولو” ويطلق الضحكات رغم كونه محاطا بعدد كبير من نجوم الكوميديا وأسطوات المسرح.
قد أكون أطلت في الحديث عن عز لكنني أعتبرها إطالة مبررة فالعمل بالأساس يعتمد على نجوميته ورغبة الجمهور في أن يشاهدوه لايف على خشبة المسرح، غير أن المسرحية بحق خرجت لتكون عملا فنيا متكاملا، وتنافس “الملك لير” على لقب أفضل عروض “كايرو شو” حتى الآن.
المخرج مجدي الهواري نجح في توفير كل عناصر البريق والجاذبية للعمل وتفادي مرور دقيقة واحدة تسمح للمتفرج بالانشغال بشئ آخر، وهو ما لم يحققه بنفس القدرة في أولى إنتاجات كايرو شو “3 أيام في الساحل”، قد يكون العيب في نص العرض الأقدم، لكن حتى نص علاء الدين لم يعتمد على الأسطورة الشهيرة فقط، بل أضاف محمد جلال وحسن الجندي الكثير من التحديثات التي تناسب العصر الحالي، وأعتقد أن نجوم الكوميديا المشاركين كانت لهم إضافاتهم أيضا التي ترسخت بمرور الوقت منذ عرضه الأول في السعودية ثم القاهرة ثم التوقف بسبب كورونا والعودة من جديد في عيد الأضحى وبات واضحا أن هناك تطوير مستمر في الحوار ليناسب الأجواء الحالية.
في البيانات الصحفية التي سبقت العرض جاء أن فريق كايرو شو سافر إلى مسارح برودواي للاطلاع والاستفادة من الإمكانات المسرحية هناك، وهي مهمة يبدو أنها نجحت بشدة، حيث استحسن الجمهور استخدام تقنية الهولوجرام وكان لشاشة السينما دور كبير في الربط بين مشاهد المسرحية، واستعراضات رشا مجدي لفتت الأنظار، كذلك الأغنيات التي اختصرت الكثير من الأحداث، لكن كان واضحا أن بعض الفنانين لم يحفظ الكلمات واكتفى بتسجيلها في الاستديو.
أما عن الممثلين، فمن الصعب اختيار الأفضل، الجميع أجاد، بداية من عنصر الخبرة سامي مغاوري هذا الفنان الذي تترسخ قيمته مع كل عمل جديد يشارك فيه، ومحمد ثروت الذي يصعد بهدوء للقائمة القصيرة لأفضل مضحكي هذا الجيل، فيما بات ظهور محمد جمعة من أحد مسببات الارتياح للمشاهدين، ولا أتحدث عن نفسي فقط، وهو الوحيد الذي جمع بين الإضحاك والجدية وأجاد في كليهما، وتمتع كريم عفيفي بخفة ظل ولياقة مسرحية واضحة واندمج سريعا مع الفريق رغم أنه لم يكن ضمن التشكيل الذي لعب العرض في السعودية، وأجاد هشام إسماعيل شخصية الوزير الشرير وحقق حضورا واضحا على خشبة المسرح، فيما كانت المفاجأة من وجهة نظري تارا عماد، التي تحقق نضوجا فنيا مع كل عمل جديد، وقدمت مشاهدا رومانسية واستعراضية جيدة وظهرت مناسبة للدويتو مع أحمد عز.