أياك وأن تنغر أو تقع في هذا الفخ، فكل ما يحدث هنا ليس كما تراه فأنت في حالة غير طبيعية ولا تسيطر على قدراتك العقلية بشكل كامل، فأنت صائم أي انك تفتقد لكم كبير من الجلوكوز الجاري في الدم وأنت عاطفي في الأساس وجزء من شعب متدين بطبعه- كل هذا يجعلك تتخذ قرارات وتكون انطباعات رومانسية أو أقرب للمثالية المطلقة. ربما تزداد تلك الحالة عند الوقوع فريسة كم الإعلانات المتصارعة على تبرعاتك من أجل الخير، ولعلاج السرطان،والأورام، كفالة اليتيم، لسد ديون الغارمين، لعلاج الحروق، لبناء أسقف منازل معدمة، لمكافحة الجوع، لعلاج مرضى الكبد، لعلاج مرضى الكلى، لتوصيل مياه شرب نظيفة لمنازل الفقراء.
هل تأملت كل هذا الإلحاح؟ لماذا هذا الكم من التنافس ؟ فيما علمت بأن الإحصاءات تقول بأن المصريين تبرعوا للجمعيات الخيرية في العام السابق بما مقداره 10 مليار جنية مصري، وأن اجمالي الأسر التي تبرعت يصل إلى ما نسبته 87% من الأسر المصرية، مما يدعوك للتساؤل 87% من الأسر المصرية تتبرع للجمعيات الخيرية !!!
هناك هبة تسويقية أخرى تقرع مضاجعنا حيث أتينا وأنى رحلنا، تلك المشاريع العمرانية الجديدة والتي تتبارى اعلانتها على اقناعنا بأننا سنسكن الجنة ونستمتع بأنهارها من عسل ولبن وكلها بالتقسيط وبالطبع القسط يشمل تكلفة تلك الاعلانات التي يدفعها المشتري صاغراً ذلك ان اشترى من الأساس، وذلك بسبب المبالغة في الأسعار والتي لا تجعل هناك مجالاً للشراء فتكون النتيجة هي مشاريع كثيرة في المدن الجديدة يتم إنشاءها وإن بيعت تلك الوحدات السكنية تركت بلا استخدام- وهي طريقة جديدة لتسقيع العقارات انتشرت بعد صدور قوانين مكافحة الاستيلاء على أراضي الدولة فأصبح ما يتم تسقيعه هو المشاريع التي تم من خلالها الحصول على قروض تمتع بها أصحاب تلك المشاريع لعمل المزيد من المشاريع التي لا يشتريها إلا فئة أو مجموعة ضئيلة هي التي تمتلك هنا وهناك والنتيجة مدن ومشاريع عمرانية غير مأهولة إلا كما يسكن عمر دياب مجموعة من صور الفوتوشوب في الإعلان عن مشروع ما زال قيد الإنشاء.
لذا لا تصدق كل ما ترى من حث على فعل الخير الذي قد يكون لغير أهله أو شراء ما قد لا تسكن فيه. واستعير تعبير الشاعر أمل دنقل مع بعض التعديل
لا تصدق وإن منحوك الذهب،
اأفقع عينيك وأضع مكانهما جوهرتين،
أترى … هي أشياء لا تشترى.