إسلام وهبان
استيقظ الوسط الأدبي صباح اليوم الأربعاء، على خبر وفاة واحدة من أبرز القراء والمهتمين بالأدب والحراك الثقافي، وهي المهندسة لبنى زيتون، بعد صراع مع المرض، عن عمر ناهز 74 عاما.
حالة من الحزن خيمت على صفحات وحسابات العديد من الكُتاب والروائيين لرحيل “زيتون”، لما قدمته من دعم هائل لأجيال مختلفة من الكُتاب ولمساهماتها في العملية القرائية، فضلا عن العلاقات الطيبة التي جمعتها بالكثيرين في الوسط الأدبي.
اتخذت لبنى زيتون، من الوسط الأدبي والقراءة عائلة موازية، لم تتزوج أو يكن لها أبناء أو أخوة، لكنها كانت أما لعدد كبير من الكُتاب، وكان الجميع أخوة لها، تدعم هذا وتؤازر تلك، شاركت في تأسيس العديد نوادي الكتاب، وكانت عضو فاعل بالكثير منها، والتي من أبرزها “مين بيقرأ إيه؟” و”ركن الياسمين”.
ورغم نجاحها وتميزها في مجال البرمجيات، وعملها في العديد من المؤسسات الكبرى محليا وعالميا، إلا أن القراءة بالنسبة لها كانت عالما آخر، فقد كانت قارئة دؤوبة، عاشقة للأدب بألوانه المختلفة، قرأت لأجيال مختلفة من الأدباء والمفكرين، وكانت حريصة على اقتناء الكتب بتوقيع مؤلفيها، ولديها روايات عديدة موقعة بخط يد نجيب محفوظ.
لا تترك لبنى زيتون، مناسبة لإسعاد الآخرين إلا وكانت أول المشاركين، فيقول الروائي أحمد القرملاوي لـ إعلام دوت كوم، أنها كانت شديدة الحرص على حضور المناقشات الأدبية، ودعم الكتاب بشكل غير عادي، حتى أنها أصرت على حضور إحدى مناقشات روايته “نداء أخير للركاب”، في إحدى ليالى الشتاء القارص رغم مرضها، رغبة منها في إسعاده بوجودها، واقتناء نسخ موقعة من الرواية لتهديها للآخرين، حتى أنها تعرضت للإغماء من شدة الإعياء، لافتا إلى أنها كانت حريصة على ألا تظهر ألمها حينما زارها بالمستشفى منذ أيام، وظلت تتحدث معه عن القراءة وتطمئن على الكُتاب.
وترى ياسمين الجندي، مؤسسة “ركن الياسمين” أن لبنى زيتون كانت تريد أن تنقل شغفها بالقراءة للجميع، وأنها ساهمت بشكل كبير في دعم الكثير من المبادرات الثقافية، مشيرة إلى أنها بحكم الجيرة، فقد جمعتهما مواقف كثيرة وجدت فيها حبها الشديد للقراءة، والتي وهبت لها نفسها بعد خروجها عن المعاش، لافتة إلى أنها كانت تعشق إهداء الكتب للغير، وأنها كانت محبة للحياة والسفر، وخلقت حالة استثنائية في الوسط الثقافي.
وتحكي الكاتبة نشوى صلاح، إحدى صديقاتها المقربات، أنها كانت حريصة على تحفيز المبدعين وشجيعهم على الكتابة، وكانت سببا رئيسيا في دفعها نحو نشر أعمالها، مشيرة إلى أنها كانت تهتم بالحراك الثقافي ومعرفة كل جديد عن عالم الكتاب، وكانت شغوفة بتشجيع الأطفال على القراءة، مؤكدة على أنها أوصتها منذ فترة طويلة بأنها لا تريد أن يقام عزاء لها، أو أن تكون مصدرا لحزن أحد، بل أن يتذكر الجميع كل جميل قدمته، وتظل سيرتها مبهجة وملهمة.
لا تختلف لبنى زيتون كثيرا عن الكتب التي أحاطت حياتها، فرغم رحيل جسدها إلا أن سيرتها العطرة وإسهاماتها الكبيرة في مجال القراءة ستظل محفورة في قلوب محبيها، رحلت ولكن تركت إهداءاتها وهداياها وحبها للقراءة ذكرى حية لن تموت، لتكون القارئة التي بكى من أجلها الأدباء.