محمد إسماعيل الحلواني
بنظرة واحدة داخل مجمع “جوجل بلكس” المذهل يتضح تمامًا سبب حصول الشركة الأمريكية على أكثر من 2.5 مليون سيرة ذاتية في المتوسط سنويًا، فالعمل بمجمع جوجل يكفل للموظف الحصول على فترة استراحة أثناء القيلولة واستخدام مقاعد التدليك في الموقع ولكل موظف ثلاث وجبات غذائية في اليوم، ومن المؤكد أن جوجل تبذل قصارى جهدها لرعاية موظفيها، وفقًا لتقرير “تيفاني تومبس” الذي نشره موقع entrepreneur.
ومع ذلك، فإن حمامات السباحة الداخلية أو ملاعب الكرة الطائرة الشاطئية أو مرافق غسيل الملابس المجانية في الموقع ليست فقط العوامل التي قادت شركة التكنولوجيا العملاقة التي تبلغ قيمتها 300 مليار دولار إلى تصنيفها بنسبة 93٪ على موقع Glassdoor، وهو عبارة عن هو موقع ويب يتيح للموظفين الحاليبن والسابقين نشر تقارير تقييم ومراجعة لشركاتهم دون الكشف عن هويتهم.
وفيما يلي أهم ثلاثة دروس يمكن أن يتعلمها كل مشروع وكل شركة أو نشاط تجاري من جوجل ويبدأ في تنفيذها على الفور:
في عام 2012، أجرت جوجل دراسة متعمقة لتحديد العوامل التي تساعد فرق العمل على تحقيق نتائجها بفعالية، وشكلت جوجل فريقًا من الإحصائيين وعلماء النفس التنظيمي وعلماء الاجتماع والمهندسين لحل هذه المعضلة.
واستعرض هذا المشروع، المعروف باسم Project Aristotle الدراسات التي امتدت على مدى خمسة عقود، بالإضافة إلى كل الخصائص الممكنة للفرق داخل المنظمة، وبحثوا عن أنماط في كيفية تكوين الفرق اجتماعيا خارج العمل، والسمات الشخصية (أي الانطوائية أو الانفتاح على الغير) بين أعضاء الفريق، والمستويات التعليمية، والهوايات، وأكثر من ذلك بكثير.
سرعان ما أصبح واضحًا أن هذه السمات، التي يعتقد معظمها أنها ستؤثر منطقيًا على قدرة الفريق على الأداء، حيث لا توجد سمات رئيسية. عندما تعمقوا في فهم معايير المجموعة (القواعد غير المكتوبة التي يحكم الفريق نفسه من خلالها)، كانت هناك خاصية واحدة برزت بقوة وهي الطمأنينة “السلامة النفسية”.
يتم تعريف السلامة النفسية على أنها “تصور الفرد لعواقب المخاطرة الشخصية”. وبعبارة أخرى، إنها الطريقة التي يدرك بها أي عضو في الفريق قدرته على الابتكار، أو الاعتراف بخطأ ما أو طرح سؤال دون القلق من الحكم عليه أو تصنيفه أو خفض وضعه داخل المجموعة.
من خلال Project Aristotle، اكتشف موظفو جوجل أن فعالية الفريق والفرق التي تتفوق هي تلك التي يشعر فيها أعضاء الفريق أنهم قادرون على المساهمة على قدم المساواة في أي اجتماع أو محادثة مع الثقة في أن زملائهم يحترمونهم بما يكفي وعدم تعرضهم للرفض أو الإحراج أو العقاب على فعل ذلك.
لم يكن تأثير وجود مدير قوي نتيجة جديدة لشركة جوجل. في عام 2008، أطلقت جوجل مشروع الأكسجين – وهو تعهد لتحديد أفضل الصفات لأفضل المديرين. جمع فريق جوجل أكثر من 10000 ملاحظة حول مديريهم لتحديد السمات التي وجدها الموظفون مفيدة، والسمات غير الجذابة.
وقبل Project Oxygen كانت نظرية العمل داخل جوجل هي أن المديرين أو القادة الجيدين يحتاجون إلى معرفة تقنية أكبر من أولئك الذين يقودونهم. وتوصل المشروع إلى أن الأمر لم يكن كذلك. بناءً على البيانات، وجدت جوجل أن إمكانية الوصول والتواصل القوي وتمكين أعضاء الفريق كانت من بين السمات الأكثر قيمة للمدراء الجيدين. في النهاية، أنشأت جوجل “العادات الثماني لمديري جوجل ذوي الكفاءة العالية” والتي تضمنت:
1. كن مدربًا جيدًا: من خلال التعليقات المنتظمة الفردية والمتسقة والموازنة بين التعليقات السلبية والإيجابية.
2. قم بتمكين فريقك ولا تتدخل في التفاصيل الدقيقة: كن قادرًا على تقديم المشورة ومنح موظفيك الحرية.
3. عبر عن اهتمامك بنجاح أعضاء الفريق (الفرادى) ورفاهيتهم الشخصية: اعرف ما هو مهم لأعضاء فريقك خارج مكان العمل وخصص وقتًا للترحيب بالأعضاء الجدد في الفريق.
4. لا تكن سلبيًا وكن منتجًا وموجهًا نحو النتائج: ركز على ما يريد الفريق تحقيقه وكيف يحصلون عليه. استخدم القيادة لإزالة العقبات ومساعدة الفريق في تحديد الأولويات.
5. كن متواصلاً واستمع إلى فريقك: قم بإنشاء بيئة حوار مفتوح، واستمع، وكن صريحًا بشأن أهداف الفريق.
6. مساعدة الموظفين في التطوير الوظيفي.
7. لتكن لديك رؤية واستراتيجية واضحة للفريق: ساعد الفريق على التركيز على الأهداف والاستراتيجية، وإشراك الفريق في إنشاء الرؤية.
8. امتلك المهارات التقنية الأساسية حتى تتمكن من تقديم المشورة للفريق: عند الحاجة قم بالعمل مع الفريق، وفهم التحديات التي سيواجهها الفريق.
لا ينبغي أن يكون مفاجئًا أن شركة التكنولوجيا، التي تنشئ خوارزميات معقدة، تتخذ قراراتها بناءً على البيانات. تأخذ جوجل هذا البعد إلى مستوى جديد. في الواقع، يُطلق على قسم الموارد البشرية في جوجل اسم “قسم تحليلات الأفراد” بسبب التزامهم باتخاذ القرارات التي تتبع البيانات.
كان لاهتمام جوجل بالتفاصيل واستعدادها للنظر في البيانات من جميع الزوايا لفهمها تمامًا الأثر الكبير في السماح بتهيئة بيئة يتطلع الكثيرون بشدة للعمل فيها. بينما أنفقت الشركة ملايين الدولارات في تحليل كل جانب من جوانب حياة موظفيها (داخل وخارج مقر العمل)، كان الدرس الذي يمكن أن تستخلصه الشركات الصغيرة هو أهمية مراجعات الأداء واستطلاعات الموظفين بشكل منتظم.