فاطمة خير: إعلام الشبر مية.. إلى متى؟
اغتيال النائب العام كان مفاجأة، صحيح، لكن هل كانت مفاجأة أن البلاد ستمر بذكرى مهمة تستدعى حالة الطوارىء في وسائل الإعلام بحلول ذكرى ثورة 30 يونيه؟ ، بالتأكيد لا ؛ لماذا إذن كل هذا الإرتباك على شاشات الإعلام المصري التي وقعت في “حيص بيص” ، أنقذها “نوعاً ما”، القرار بمنع بث المسلسلات والبرامج الرمضانية ، فأصبحت “غير ذى مادة” ،اللهم بعض البرامج والتغطيات التي وضح جداً أنه قد تم ترتيبها على وجه الإستعجال؛ ذلك أن معظم القنوات (إن لم تكن جميعها) كانت فى الوضع الرمضاني، أقصد أن فرق عملها لم تكن جاهزة للأحداث الطارئة.
بنهاية اليوم استطاعت القنوات أن تنقذ ماء وجهها إلى حدٍ ما، لكن ظلت التغطيات أقل بكثير من الحدث ، ولو أن الأحداث تطورت لكان الوضع أسوأ ، على سبيل المثال لا الحصر، تحايلت بعض الشاشات على عدم الجاهزية لإستقبال الضيوف، بمكالمات مطولة للغاية مع المصادر، ما جعل الأمر مملاً ، وعلى العكس الزخم الذى تبدو أن الشاشات تتحلى بيه عادةً في أحداث كهذه لو أنها وقعت في غير رمضان، بدت المتابعة “باردة” ولا تشبع فضول المشاهد.
المسألة هنا ليست عابرة ، وفي رأيي أنها ترجع بالأساس لعدم الإحترافية، لدينا شاشات كثيرة، وبرامج يُنفق عليها الملايين، وليس لدينا كوادر مدربة ،لأنه وببساطة لا أحد يهتم .. ، لا أحد يهتم بمستوى المادة المعروضة، لا على سبيل المنافسة، ولا على سبيل الإحساس بالواجب نحو المشاهد، وبالتالي فلا أحد يلتفت لسد حاجات العاملين التدريبية لتطوير إمكاناتهم المهنية، ولا زرع الإحساس بالولاء لديهم، ولا مساعدتهم للإحساس بالأمان تجاه جهات عملهم، ولا التركيز فيما يقدمونه من منتج تليفزيونى.
إحساس شديد بالحسرة ينتابنى في كل مرة تكون فيها المتابعة الإعلامية للأحداث فى مصر دون المستوى؛فالثمن الذي ندفعه جراء ذلك كبير، والله الثمن كبير وباهظ ، غادروا حدودنا لتفهموا ، لتعرفوا كيف يرانا العالم، وكيف يقيم ما يجرى هنا من أحداث، نحن نخسر كثيراً، صورتنا مشوشة، لا أمل لنا في التواصل خارج دائرة الداخل الوهمية.
الإعلام الذي “يغرق فى شبر مية”، فى كل مرة ، هو إعلام لا يستحق ما يُنفق عليه، أو بمعنى أصح لنتساءل : أين يذهب ما ينفق عليه إذا كان الناتج بهذا المستوى؟؟؟.